“الخلاص” كلمة تعني “الإنقاذ والتحرير”؛ الإنقاذ والتحرير من الأخطار والمآسي، إنقاذ من مخاطر، وتحرير يُتبَع بسلام وخير وشفاء، وإتيان إلى الأمان والضمان.
والخلاص هو عمل الله، صناعة الله «لِلرَّبِّ الْخَلاَصُ» (مزمور٣: ٨)، عن طريق الرب يسوع المسيح الذي «لَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ. لأَنْ لَيْسَ اسْمٌ آخَرُ تَحْتَ السَّمَاءِ، قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ، بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ» (أعمال٤: ١٢)، فهو – تبارك اسمه – صنع لنا «خَلاَصًا هذَا مِقْدَارُهُ» أو “خلاصًا عظيمًا بهذا المقدار” (عبرانيين٢: ٣).
والخلاص ليس شيئًا نستطيع شراءه بمالنا، إذ إننا نستطيع أن نناله فقط إن كنا نقبله كهدية مجانية من عند الله! ولكن كيف يُمكن أن يكون الخلاص مجّانيًا؟! إنه مجّاني لنا لأن الثمن قد دُفِعَ مُسبقًا. والهدية المجانية قد أصبحت مُمكِنة بواسطة موت الرب يسوع وقيامته. وصحيح أن الخلاص مجّاني، ولكن عليك أن تقبله.
وقد أراد أحد خدام الرب أن يشرح ماذا يعني أن نقبل عطية مجانية، فقال:
“كنت في زيارة أحد أصدقائي في ريف إحدى الولايات الأمريكية، وبينما كان يُريني قريته الجميلة، تعجَّبت من جمال شوارعها، كما لفت نظري نظافتها! وعندما وصلنا إلى زاوية الشارع الرئيسي، رأينا أمام أحد البيوت الكبيرة، وعاءً كبيرًا مملوءًا من جميع أنواع الفاكهة والخضار، موضوعًا على الرصيف، وإلى جانبه يافطة ملفتة لنظر كل مَن يعبر، ومكتوب عليها: “اخدم نفسك”!
نعم، كان وعاءٌ فيه الكثير من الخيرات، وكل ما علينا كان أن نمدّ يدنا، ونأخذ منه مجانًا! لم يكن ما في الوعاء للبيع، ولكنه كان عرضًا مجانيًا!
يبدو هذا الأمر مشابهًا لدعوة النبي إشعياء: «أَيُّهَا الْعِطَاشُ جَمِيعًا هَلُمُّوا إِلَى الْمِيَاهِ، وَالَّذِي لَيْسَ لَهُ فِضَّةٌ تَعَالُوا اشْتَرُوا وَكُلُوا. هَلُمُّوا اشْتَرُوا بِلاَ فِضَّةٍ وَبِلاَ ثَمَنٍ خَمْرًا وَلَبَنًا» (إشعياء٥٥: ١).
«اشْتَرُوا... بِلاَ فِضَّةٍ وَبِلاَ ثَمَنٍ»؟! ... في أيامنا الحاضرة، مثل هذه الدعوة تُثير الشك والارتياب، حيث أننا نعيش في عالم لا يمكن الحصول على شيء فيه مجانًا، وبلا مقابل. فأنت لا تستطيع أن تأكل، أو تلبس، أو تجد مكانًا تسكن فيه، أو حتى مكانًا تُدفَن فيه، بلا ثمن. أكثر من ذلك، لقد تعلَّمنا ألا نثق في خداع الإعلانات التي تُنشر عن تقديم عطايا مجانية.
ولكن هذه الدعوة – من النبي إشعياء – دعوة حقيقية وصادقة، ولا يوجد فخ أو شرك من ورائها. إن الشخص الذي يُقدِّم العرض هو «اللهُ الْمُنَزَّهُ عَنِ الْكَذِبِ» (تيطس١: ٢). ولا يوجد شخص صدَّق وأطاع هذا العرض، خاب أمله أو أُحبط. إن الكثيرين قد أتوا صفر اليدين، وقد ذهبوا ممتلئين. ففي الصليب – مكان الالتقاء بين الله والإنسان – تحوّل فقرهم إلى الغنى والكرامة؛ فقد نالوا الغفران، والفرح والسلام مجانًا.
إن الله ليس تاجرًا لديه ما يبيعه! إنه - تبارك اسمه - لا يبيع، لكنه يُعطي. فهو لا يحتاج لشيء مما يتصور الإنسان أنه يستطيع أن يُعطيه إياه.
كما أن الله يُعطي مجّانًا لأنه محبة. لذلك فإنها تُعتبر إهانة له إذا أردنا أن ندفع ثمنًا لعطيته.
والحقيقة هي أن الله أغنى من أن يبيع أحدًا من الناس خلاصه. ولو أن الله ثمَّن الخلاص بسعر ما، لكنا أفقر من أن نشتريه. فخلاص الله أعظم مِنْ أن يُشترى. والخلاص، في ظلّ جميع التدبيرات، إنما هو بالنعمة وحدها. وجميع الذين خُلِّصوا في أزمنة العهد القديم، في مختلف العهود السابقة للصليب، كانوا مدينين بكل شيء للعمل الذي أتمَّه ابن الله على الصليب (رومية٣: ٢٥).
أخيرًا، فإن الله يُعطي لأن شخصًا آخر قد دفع سابقًا. فحين قدَّم الله ابنه ذبيحة على الصليب، فإن الرب يسوع المسيح قد دفع الثمن الكامل لكل البركات التي يمنحها الله لنا. وإنه ليس عدلاً إذا طلب الثمن مرة أخرى. فلا حاجة بنا أن نشتري شيئًا سبق أن اقتناه المسيح بموته، وسفك دمه، على الصليب. وهل يُمكننا أن ندفع نحن أيَّ ثمن أعظم؟ لذا تعالَ إليه واثقًا في وعده الصادق، ولن يخيب أَمَلَك إطلاقًا. فهو سيعطيك أكثر جدًا مما تطلب أو تفتكر، بحسب غناه وكرمه.
والرب يسوع نفسه أطلق نداءً مُماثلاً لذلك النداء، حين قال: «إنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيُقْبِلْ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ» (يوحنا٧: ٣٧). والروح القدس لم يزل يوجه الدعوة: «مَنْ يَعْطَشْ فَلْيَأْتِ. وَمَنْ يُرِدْ فَلْيَأْخُذْ مَاءَ حَيَاةٍ مَجَّانًا» (رؤيا٢٢: ١٧).
عزيزي: هل تجاوبت مع دعوته الغنية هذه؟ الخلاص مُعدّ لك، وليس عليك سوى أن تأخذه... إنه مجّاني... اخدم نفسك!
| يَا مَعْشَرَ الْخُطَاةِ
|
| أُنْبِيكُمُ الصَّحِيحْ
|
|
| غُفْرَانُكُمْ بِالذَّات
|
| بِيَسُوعَ الْمَسِيحْ
|
|
| قَدْ قَالَ عَنْ ثَبَاتِ
|
| إِنْجِيلُهُ الصَّرِيحْ:
|
|
| “مُتْعَبُكُمْ لِيَأْتِ
|
| إلَيَّ يَسْتَرِيحْ”
|
|
فـايـز فـؤاد