تُشكِّل المياه ٦٠٪ من جسم الإنسان، ولأننا نفقد كمية كبيرة منها، لذلك يجب تعويض هذا الفقد بتناول ٢ لتر تقريبًا يوميًا. وقلة شرب الماء يزيد من فرص الإصابة بالأمراض كحصوات الكلى، والإمساك والبواسير، وارتفاع ضغط الدم الذي يترتب عليه تلف الشرايين، والنوبات القلبية، والصداع، وجفاف قرنية العين وغيرها. إن الصحة نعمة من الله. هناك فرق بين من سمح له الرب في حكمته أن يمرض ويذهب ليغسل كُليتيه “وكان الله في عونه”، وآخر سليم “يشكر الله على نعمته”، فيحافظ عليها بالإكثار من شرب الماء.
وهناك مشابهات بين الماء وبين كلمة الله، نذكر منها:
١. الماء يُنبت ويلد
«لأَنَّهُ كَمَا يَنْزِلُ الْمَطَرُ وَالثَّلْجُ مِنَ السَّمَاءِ وَلاَ يَرْجِعَانِ إِلَى هُنَاكَ بَلْ يُرْوِيَانِ الأَرْضَ وَيَجْعَلاَنِهَا تَلِدُ وَتُنْبِتُ وَتُعْطِي زَرْعًا لِلزَّارِعِ وَخُبْزًا لِلآكِلِ هَكَذَا تَكُونُ كَلِمَتِي الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ فَمِي» (إشعياء٥٥: ١٠-١١)، «مَوْلُودِينَ ثَانِيَةً، لاَ مِنْ زَرْعٍ يَفْنَى، بَلْ مِمَّا لاَ يَفْنَى، بِكَلِمَةِ اللهِ الْحَيَّةِ الْبَاقِيَةِ إِلَى الأَبَدِ... وَهَذِهِ هِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي بُشِّرْتُمْ بِهَا» (١بطرس١: ٢٣-٢٥).
هكذا كلمة الله عندما تقع على الأرض الجيدة، أي القلوب النقية، تأتي بالثمار المرجوة. وهذا ما قاله الرب يسوع لنيقوديموس: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللَّهِ» (يوحنا٣: ٥). فالماء، أي كلمة الله، يعمل عن طريق الروح القدس فيلد الإنسان ولادة جديدة. فهل قبلت الكلمة الحية، وهل تمتعت بالولادة الثانية؟
٢. الماء يروي وينعش
«مِيَاهٌ بَارِدَةٌ لِنَفْسٍ عَطْشَانَةٍ الْخَبَرُ الطَّيِّبُ مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ» (أمثال٢٥:٢٥). فليس للمؤمن الغريب الذي يسير في صحراء هذا العالم، سوى كلمة الله تُعزيه وترفعه، تنعشه وتبهجه، ففيها أخبار العجب، وأسرار الأزل، هي أثمن من الذهب، وأحلى من العسل، تتحدث عن المسيح، عهوده، ووعوده، لذاك راح المرنم يطلبها ويتغنى بها قائلاً:
هات الأحاديث التي تنفي الكدر
عن سيدي المحبوب ما دام السفر
علِّل فؤادي كل يوم بخبر
عنه فلي شوق إليه قد استعر
فلعلها من حرقتي تطفيني
٣. الماء ينقي ويطهر
«لِكَيْ يُقَدِّسَهَا، مُطَهِّرًا إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَاءِ بِالْكَلِمَةِ» (أفسس٥: ٢٥)، قال الرب يسوع مُخاطبًا تلاميذه: «أَنْتُمُ الآنَ أَنْقِيَاءُ لِسَبَبِ الْكَلاَمِ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ» (يوحنا١٥: ٣). فكلمة الله كالماء تطهِّرنا وتنقينا.
٤. الماء يميت ويحيي
التقى الرب يسوع المسيح بامرأة عطشى كانت تشرب من ماء العالم فقال لها: «كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هَذَا الْمَاءِ يَعْطَشُ أَيْضًا. وَلَكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ، بَلِ الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ. قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: يَا سَيِّدُ أَعْطِنِي هَذَا الْمَاءَ» (يوحنا٤: ١٣-١٥). لقد ارتبطت المرأة بستة من الرجال، ولم ترتوِ قَط، فماء العالم لا يعطي ري، حتى وجدت يسوع الذي منحها الماء الحي.
٥. الماء يُغرق ويُهلك
فالماء مُفيد للإنسان متى قبله، وسيضر إن رفضه، هكذا كلمة الله، فيها النجاة إن قبلها، وهلاك مؤكد إن رفضها، فالعالم القديم هلك بالماء أيام نوح لأنهم رفضوا الكلمة، «مَنِ ازْدَرَى بِالْكَلِمَةِ يُخْرِبُ نَفْسَهُ» (أمثال١٣:١٣)، فتكون له لعنة، لا بركة.
صديقي: هناك مخاطر لعدم شرب الماء، تصل إلى حد الموت إذا حُرم منه لمدة تزيد عن ٧٢ ساعة، نتيجة توقف العمليات الحيوية داخل الجسم. لكن هنا مخاطر روحية حقيقية لإهمال الكلمة الحية، قال الرب يسوع: «تَضِلُّونَ إِذْ لاَ تَعْرِفُونَ الْكُتُبَ وَلاَ قُوَّةَ اللَّهِ» (متى٢٢: ٢٩). ليتنا نحب الرب وكلمته، فنقبلها، ونفهمها، نلتذذ بها ونلهج فيها، ونحيا بقوتها... آمين.