“الماتشينج” موضة حالية في الملابس؛ حيث تتوافق الألوان والموديلات والقصات، وقد اجتاحت محلات بيع الملابس إذ تبيع تصميمات للأمهات وبناتهن أو الآباء وأولادهم بأشكال وألوان مماثلة.
ويقولون إن هذه الموضة لم تكن وليدة اللحظة إنما ابتكرتها الأميرة البريطانية “ديانا” منذ أكثر من عقدين حيث ارتدت وقتئذ فستان من القطن بألوان معينة وتم تصميم تيشيرت لطفلها الأمير “هاري” والذي لم يكن قد تجاوز الثلاث سنوات وقتها من نفس خامة القماش واللون. ومن هذا الوقت تسللت هذه الموضة بين أفراد العائلة المالكة، ومن ثم إلى الطبقات الأرستقراطية داخل وخارج بريطانيا، وبعد ذلك لاقت اهتمام المشاهير والنجوم، والآن قد صارت متاحة للجميع.
أعزائي:
إنه لَشيء جميل أن يشبه الابن أباه لا في ملابسه فقط، بل في أخلاقه أيضًا، لا سيما لو كان هذا الأب من أهل الإيمان. قال الرب يسوع لتلاميذه في متى٥: ٤٨ «فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ» إنه يريد منا أن نشابه الله أبينا في الكمال. وكذك نشابهه في الرحمة: «فَكُونُوا رُحَمَاءَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمْ أَيْضًا رَحِيمٌ» (لوقا٦: ٣٦). وأيضًا نشابهه في القداسة «لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: كُونُوا قِدِّيسِينَ لأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ» (١بطرس١: ١٦).
وقد يسأل سائل وهل في مقدورنا نحن البشر الضعفاء أن نشابه الله في صفاته العظيمة هذه؟
يجيبنا الرسول بطرس بالوحي قائلاً: «كمَا أَنَّ قُدْرَتَهُ الإِلهِيَّةَ قَدْ وَهَبَتْ لَنَا كُلَّ مَا هُوَ لِلْحَيَاةِ وَالتَّقْوَى، بِمَعْرِفَةِ الَّذِي دَعَانَا بِالْمَجْدِ وَالْفَضِيلَةِ» (٢بطرس١: ٣). إن قصد الرب لنا ليس فقط أن نشبه أبانا في صفاته المباركة، بل أيضًا نشبه ربنا يسوع المسيح، كيف كان يفعل في كل حين ما يرضيه، وكيف أشبع قلب الآب وسَرَّه، وقَبِلَ وصاياه وحفظها، كما قال: «أَنْ أَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا إِلهِي سُرِرْتُ، وَشَرِيعَتُكَ فِي وَسَطِ أَحْشَائِي» (مزمور٤٠: ٨).
قال الرسول بولس: «لأَنَّ الَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ لِيَكُونُوا مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ» (رومية٨: ٢٩)، لكن ما السبيل لنا أن نعمل ماتشينج بيننا وبين فادينا وراعينا وحبيبنا الرب يسوع؟ نعم، يمكننا مشابهته إن اتبعنا هذه الخطوات:
أولاً: الرجوع القلبي للرب
عندما أرجع عن حياتي الماضية بشرّها وفسادها، أصير واحدًا من أولاد الله الحقيقيين، كما قال الآب عن الابن الراجع: «لأَنَّ ابْنِي هذَا كَانَ مَيِّتًا فَعَاشَ، وَكَانَ ضَالاًّ فَوُجِدَ» (لوقا١٥: ٢٤).
ثانيًا: الاعتراف بالخطية وإدانتها
إن كانت البنوية تشبه الروابط الحديدية فإن الشركة كالخيوط الحريرية، فالتساهل مع أبسط خطية يحرمنا من هذه الشركة وبالتالي المشابهة قال الرب: «لَسْتُ أُطِيقُ الإِثْمَ وَالاعْتِكَافَ» وأيضًا «آثَامُكُمْ صَارَتْ فَاصِلَةً بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِلهِكُمْ» (إشعياء١: ١٣؛ ٥٩: ٢).
ثالثًا: الشركة مع الله
والشركة تعني المُشاركة بين شخصين أو أكثر في أمر مهم للطرفين. وما أجمل دعوتنا وشركتنا «أَمِينٌ هُوَ اللهُ الَّذِي بِهِ دُعِيتُمْ إِلَى شَرِكَةِ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا» (١كورنثوس١: ٩)، «وَأَمَّا شَرِكَتُنَا نَحْنُ فَهِيَ مَعَ الآبِ وَمَعَ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ» (١يوحنا١: ٣). فالله الذي خلصنا وطهّر بالإيمان قلوبنا أعطانا هذا الإمتياز العظيم أن ندخل في شركة معه هو شخصيًا.
رابعًا: السلوك في النور
لا يمكننا مشابهة المسيح عندما نسلك في الظلمة وندَّعي أننا نسلك في النور.
خامسًا: المواظبة على الخلوة والصلاة
إن الحديث اليومي مع الله والتعوّد على سماع صوته بصورة مستمرة يُمتعنا بحضوره.
لقد مكث موسى رجل الله مع الرب أربعين يومًا على الجبل فنزل وجلد وجهه يلمع. وهكذا نحن لنا هذا الإمتياز كما هو مكتوب: «نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ (من خلال الشركة) كَمَا في مِرْآةٍ، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا» (٢كورنثوس٣: ١٨).
إن قصد الله أبينا أنه يجعل كل الأشياء تعمل دومًا لخيرنا طالما نحن نحبه وليس ذلك فقط، بل هو اختارنا وعيننا لنكون مشابهين صورة ابنه.
فهل امتياز أو مجد بعد كل هذا المجد؟ أننا نحن البشر المزدرى والغير الموجود، نشبه رب المجد المعبود؟! فيا له من مجد! ويا لها من مشابهة!! له كل المجد.