تعالت صيحات الإعجاب مع التصفيق الحاد بمجرد الإعلان عن الموظف المثالي لعام ٢٠١١ أثناء المؤتمر الإقليمي لموظفي شركة Bayer Healthcare في منطقة الشرق الأوسط بأحد الفنادق كيب تاون بجنوب إفريقيا.
بدأ المدير التنفيذي للشركة كلامه قائلًا: ”من دون مُقدمات كثيرة، اسمحوا لي أن أُقدم لكم رجل الـ٢ مليون دولار“؛ مشيرًا بذلك إلى د. نيكولاس، ومعربًا عن إعجابه وتقديره الشديد له ولحجم مبيعاته ونجاحه في تحقيق المستهدف السنوي Annual Target خلال الشهور الأولى فقط من العام، بالرغم من اندلاع الثورات في المنطقة العربية، وخطورة الحالة الأمنية في بلاد عربية مُختلفة، وبالأخص ليبيا التي كان نيكولاس مسؤولًا عنها! وبسؤاله عن سبب تفوقه، قال نيكولاس: ”كان الوضع خطيرًا جدًا، أدركت أن الوقت المتبقي لي في ليبيا قصير جدًا، لذا حاولت استغلال الوقت بكل الطرق لأقصى استفادة مُمكنة، لتوصيل الدواء لمن هم في احتياج حقيقي إليه، وكانوا كثيرين قبل خروجي من ليبيا “
لقد كنت شاهد عيان على تلك الواقعة، وقد تعلمت منها بعض الدروس التي حُفرت بعمق داخلي، دعوني أشارك بعضها معكم أعزائي القراء:
الوقت قصير
أدرك مُمثل شركة باير قِصَر الوقت المتبقي له في ليبيا بسبب تدهور الأوضاع الأمنية هناك، فحاول استغلال الوقت المتبقي له بأقصى صورة مُمكنة، لبيع وتوصيل الدواء لأكبر عدد من المستشفيات الليبية حتى يمكن استخدامه في وقت الاحتياج ونُقصان الموارد.
أصدقائي، يا ليتنا نُدرك حقيقة قِصر الأيام وأن الوقت يمر سريعًا جدًا، ونفوس كثيرة من حولنا تصرخ بحثًا عن دواء روحي لمشاكلها، فهل من مُجيب؟! إنه وقت للعودة إلى الرب من هموم وتحديات الحياة، لقد حان الوقت للتوبة القلبية «لأَنَّهُ يَقُولُ: ”فِي وَقْتٍ مَقْبُول سَمِعْتُكَ، وَفِي يَوْمِ خَلاَصٍ أَعَنْتُكَ“. هُوَذَا الآنَ وَقْتٌ مَقْبُولٌ. هُوَذَا الآنَ يَوْمُ خَلاَصٍ» (٢كورنثوس ٦: ٢) لذا دعونا نفتدي الوقت ونُسرع في عمل الرب كل حين «مفتديين الْوَقْتَ لأَنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ» (أفسس ٥: ١٦)، لأن «الْوَقْتُ مُنْذُ الآنَ مُقَصَّرٌ» (١كورنثوس ٧: ٢٩).
الوضع خطير
أدرك د. نيكولاس أن الوضع الأمني في ليبيا خطير جدًا مما يُعرض حياة الكثيرين للخطر والضياع، لكنه نظر للأمور بمنظور مُختلف، إذ أعطى اعتبارًا كبيرًا لقيمة حياة الإنسان والاحتياج لدواء لعلاجه، فخاطر بوجوده داخل الأراضي الليبية - بالرغم من إمكانية سفره - لفترة قصيرة حتى يتمكن من توفير الدواء لمن هم في احتياج إليه.
أحبائي، أصلي من أعماق قلبي، أن يلهب الرب قلوب كثير من القراء ليدركوا خطورة وضع النفس البشرية بعيدًا عن خلاص المسيح؛ فبدون الإيمان بصليب المسيح وكفاية عمله هم يواجهون مصير أبدي تعيس في نار جهنم إلى أبد الأبدين. والرب يضع أمامنا مسؤولية مشاركة رسالة الإنجيل - الخبر السار - مع الآخرين «اذهبوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا. مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ» (مرقس ١٦: ١٥، ١٦)، والتحدي الأكبر في هذه المهمة إن من نخدمهم لا يدركون مدى خطورة وضعهم من دون المسيح: «لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ، بَلِ الْمَرْضَى. لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا، بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ». (مرقس ٢: ١٧)، ليساعدنا الرب إلا نتخاذل في توصيل رسالة الإنجيل لمن هم حولنا «لَسْنَا عَامِلِينَ حَسَنًا. هذَا الْيَوْمُ هُوَ يَوْمُ بِشَارَةٍ وَنَحْنُ سَاكِتُونَ، فَإِنِ انْتَظَرْنَا إِلَى ضَوْءِ الصَّبَاحِ يُصَادِفُنَا شَرٌّ» (٢ملوك ٧: ٩).
حصاد كثير
كان نيكولاس يقوم بأداء مهام عمله اليومية بكل اجتهاد وجدية، محاولًا تحقيق الهدف السنوي المطلوب منه في شهور معدودة، لكن المفاجأة كانت في حجم المبيعات التي حققها في فترة زمنية قصيرة، مما جعلته الأعلى بيعًا على مستوى الشرق الأوسط كله خلال النصف الأول من العام!
أعزائي، من الرائع أن ترى نتائج لمجهودك وتعبك، وكم هو مُشجع أن تكون هذه النتائج مُضاعفة في الحجم والقيمة. أحبائي، إن الرب يسوع يطلب مننا إن نعمل في كرمه «يَا ابْنِي، اذْهَب الْيَوْمَ اعْمَلْ فِي كَرْمِي» (متى ٢١: ٢٨). فالحصاد كثير، لكن الفعلة قليلون! لذا دعونا نذهب للعمل في حقل الرب بكل جدية «أَرَأَيْتَ رَجُلاً مُجْتَهِدًا فِي عَمَلِهِ؟ أَمَامَ الْمُلُوكِ يَقِفُ. لاَ يَقِفُ أَمَامَ الرَّعَاعِ!» (الأمثال ٢٢: ٢٩) وعلينا أن نتذكر دائمًا أن «الذَّاهِبُ ذَهَابًا بِالْبُكَاءِ حَامِلاً مِبْذَرَ الزَّرْعِ، مَجِيئًا يَجِيءُ بِالتَّرَنُّمِ حَامِلاً حُزَمَهُ» (مزمور ١٢٦: ٦). فالرب لا يبات مديونًا لأحد، فهو يرى ويقدِّر العمل والمجهود الذي تقوم به لأجله «فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ هُوَ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً» (متى ٦: ٤).
فرح كبير
حتمًا كانت سعادة نيكولاس كبيرة بنجاحه وتكريمه على ذلك، أمام الجميع، وحصوله على مكافأة ضخمة لذلك.
نفس الشيء ينطبق علينا كمؤمنين؛ فيا له من شرف وامتياز أن تسمع من السيد: «نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ الأَمِينُ! كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ» (متى ٢٥: ٢٣)، إن الفرح الحقيقي للمؤمن هو في رضا السيد، والعمل في حقله، فما أحلى حياة تُنقق في خدمة السيد.