بطرس وسيمون الساحر

«انْحَدَرَ فِيلُبُّسُ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ السَّامِرَةِ وَكَانَ يَكْرِزُ لَهُمْ بِالْمَسِيحِ. ولما صَدَّقُوا فِيلُبُّسَ، اعْتَمَدُوا رِجَالاً وَنِسَاءً.»

لقَدْ قَبِلَتْ السَّامِرَةَ كَلِمَةَ اللهِ، بالرغم من سيطرة الشيطان عن طريق سيمون الساحر، لأنه كان يُدْهِشُ شَعْبَ السَّامِرَةِ بسحره زمانًأ طويلاً، والسحر من عمل الشيطان، والسحرة هالكون (رؤيا٢١: ٨).

سيمون الساحر

هو شخصية شريرة وخطيرة للغاية، وكان له تأثير سلبي كبير، ونفوذ، وشهرة واسعة في السامرة وخارجها، وجاء ذكره فقط في أعمال٨.

معنى اسمه: السامع أو يسمع. وكان يجب أن يسمع صوت الله، لكنه بالأسف كان يسمع لصوت الشيطان.

يَسْتَعْمِلُ السِّحْرَ: أي كان يستخدم قوة الشيطان لحسابه، فيعمل أعمالاً خارقة من خلاله، والسحر يُدهش من يراه فقط، ولكنه لا يقدِّم شيئًا نافعًا لمن يشاهده؛ سواء لأبديتهم أو لحاضرهم.

وَيُدْهِشُ شَعْبَ السَّامِرَةِ: كان هدفه إعجاب الناس، ليجذب عقولهم وقلوبهم له، وبالتالي يتبعونه، ولا يرتبطوا بالله الحي الحقيقي، وهذا هو هدف الشيطان.

قِائِلاً إِنَّهُ شَيْءٌ عَظِيمٌ: كان يقول هذا عن نفسه، أي أن هدفه تعظيم نفسه فقط، وهذه هي الكبرياء، وهي خطية الشيطان (إشعياء١٤: ١٣)، والكتاب يُعلمنا أنه «مَنِ افْتَخَرَ فَلْيَفْتَخِرْ بِالرَّبِّ» (١كورنثوس١: ٣١).

وَكَانَ الْجَمِيعُ يَتْبَعُونَهُ مِنَ الصَّغِيرِ إِلَى الْكَبِيرِ: انقاد أهل السامرة وراءه جميعًا، لأنه يوجد ميل غريزي في البشر للسير وراء من يظهر فيه شيء من القوة أو الحكمة.

قَائِلِينَ: هذَا هُوَ قُوَّةُ اللهِ الْعَظِيمَةُ: بعد أن قال عن نفسه إِنَّهُ شَيْءٌ عَظِيمٌ، قالت الناس عنه إنه هو قوة الله التي تُدعى العظيمة، وبذلك أدعى الربوبية. والحقيقة أن المسيح هو قوة الله (١كورنثوس١: ٢٤).

استمر في خداعه لأهل السامرة زَمَانًا طَوِيلاً بِسِحرِهِ: أي أنه لم يَمَلّ من هذا الخداع، فلم يكن يهمه تغير سلوك أهل السامرة إلى الأفضل، لكن يهمه فقط مصلحته الشخصية وشهرته ونفوذه وجمعه للمال.

«صَدَّقُت الجموع فِيلُبُّسَ وَهُوَ يُبَشِّرُ بِالأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ وَبِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، اعْتَمَدُوا رِجَالاً وَنِسَاءً. وَسِيمُونُ أَيْضًا نَفْسُهُ آمَنَ. وَلَمَّا اعْتَمَدَ كَانَ يُلاَزِمُ فِيلُبُّسَ، وَإِذْ رَأَى آيَاتٍ وَقُوَّاتٍ عَظِيمَةً تُجْرَى انْدَهَشَ.»

آمن إيمانًا عقليًا: بما نادى به فيلبس عن الرب يسوع المسيح، لكن لم يكن له ثمر واضح، لأن «الإِيمَانُ أَيْضًا بِدُونِ أَعْمَال مَيِّتٌ» (يعقوب٢: ٢٦).

اعتمد: ليعلن عن تبعيته للمسيح مثل باقي المؤمنين، لكنه كان يتبع الشيطان، لقد اعتمد بالماء، لكنه لم يَمُت ولم يُدفَن مع المسيح، وبالتالي لم يَقُم معه.

كان يُلازم فيلبس: ليس ليسمع منه عن المسيح وعمله، لكن لكي يبحث عن القوة التي كان يصنع بها الآيات. بالأسف كثير من المسيحيين بالاسم يلازمون الكنائس دون تغيير حقيقي.

اندهش بالآيات والقوات العظيمة التي أجراها فيلبس: دون أن يحدث فيه أي تغيير، وكان الأجدر به أن يمجد الله صانعها ويؤمن بالرب يسوع المسيح، المخلص الوحيد.

قدم دراهم لبطرس ويوحنا: «لَمَّا رَأَى سِيمُونُ أَنَّهُ بِوَضْعِ أَيْدِي الرُّسُلِ يُعْطَى الرُّوحُ الْقُدُسُ قَدَّمَ لَهُمَا دَرَاهِمَ. قَائِلاً: أَعْطِيَانِي أَنَا أَيْضًا هذَا السُّلْطَانَ، حَتَّى أَيُّ مَنْ وَضَعْتُ عَلَيْهِ يَدَيَّ يَقْبَلُ الرُّوحَ الْقُدُسَ.» لقد أراد أن يقتني موهبة الله بدراهم، وبهذا أهان الله، لأنه وضع المال في كفة والروح القدس في الكفة الأخرى.

تركه أهل السامرة بعد إيمانهم بالمسيح، لذلك أراد أن يجد وسيله أخرى يحصل بها على المال وذلك عن طريق التجارة بالدين، وهذا هو الربح القبيح (تيطس١: ١١).

شخص هالك: قَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «لِتَكُنْ فِضَّتُكَ مَعَكَ لِلْهَلاَكِ»، أي تهلك أنت ومعك فضتك، فلقد هلك كل من عاخان بن كرمي ويهوذا الإسخريوطي بسبب محبتهما للمال (١تيموثاوس٦: ١٠).

لَيْسَ لَه نَصِيبٌ وَلاَ قُرْعَةٌ فِي عطية الروح القدس: لأن الروح القدس يسكن فقط في المؤمنين الحقيقين بالمسيح (أفسس١: ١٣).

قَلْبَه لَيْسَ مُسْتَقِيمًا أَمَامَ اللهِ: كشفت كلمات سيمون شر قلبه وفكره، ووصية الرب لشعبه «احْتَرِزْ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَعَ قَلْبِكَ كَلاَمٌ لَئِيمٌ» (تثنية١٥: ٩).

يحتاج إلى التوبة: لذلك قال له بطرس: «فَتُبْ مِنْ شَرِّكَ هذَا»، والتوبة هي تغير الفكر والاتجاه، «لِيَتْرُكِ الشِّرِّيرُ طَرِيقَهُ، وَرَجُلُ الإِثْمِ أَفْكَارَهُ، وَلْيَتُبْ إِلَى الرَّبِّ فَيَرْحَمَهُ، وَإِلَى إِلهِنَا لأَنَّهُ يُكْثِرُ الْغُفْرَانَ» (إشعياء٥٥: ٧).

يحتاج أن يطلب الغفران من الله: قال له بطرس: «وَاطْلُبْ إِلَى اللهِ عَسَى أَنْ يُغْفَرَ لَكَ فِكْرُ قَلْبِكَ»، لقد وجهه بطرس إلى الطريق الصحيح، وهو التوبة ثم الصلاة للرب ليغفر له، «اُطْلُبُوا الرَّبَّ مَا دَامَ يُوجَدُ. ادْعُوهُ وَهُوَ قَرِيبٌ» (إشعياء ٥٥: ٦).

لم يَتُب ولم يُصِّل: لكن قال لبطرس ويوحنا: «اطْلُبَا أَنْتُمَا إِلَى الرَّبِّ مِنْ أَجْلِي لِكَيْ لاَ يَأْتِيَ عَلَيَّ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْتُمَا»، أي أنه لم يطلب من الرب الغفران، وهذا يُرينا قساوة قلبه، لكن طلب من بطرس ويوحنا أن يصليا من أجله لكيلا يأتي عليه أي شيء من القضاء الزمني.

ومن هذا نفهم أنه لم يكن يهتم بأبديته لكن بحياته الزمنية، ولم يخَف من الخطية، بل من نتائجها، ولم يرِد أن يتصالح مع الله لكن يتجنب القضاء.

يعيش في مرارة المر: الشخص البعيد عن الله يعيش في مرارة المُرِّ، حتى لو بدا للآخرين أنه سعيد، وأيضًا، يسبب المرار للآخرين (تكوين٢٦: ٣٥).

يعيش في رباط الظلم: أي في قيود الشر، فكان مقيَّدًا ومستعبَدًا للخطية، لكن الحرية الحقيقية هي في المسيح (يوحنا٨: ٣٤، ٣٦).

كان بطرس شجاعًا وحازمًا مع سيمون الساحر، وكشف شره، وشجعه على التوبة وطلب الرب، ليغفر خطاياه.

استطاع سيمون الساحر أن يخدع فيلبس المبشر، حتى ظن أنه آمن بالمسيح، لذلك عمده، ولكن بسبب تمييز بطرس استطاع أن يكشف خداعه.

لو لم يكشف بطرس شر سيمون الساحر لأصبح بعد ذلك عضوًا بارزًا في كنيسة السامرة، وسبب ضررًا بالغًا، لكن حفظ الرب الكنيسة في بدايتها من هذا المرائي، والذي يعتبر آلة من آلات الشيطان.

رفض بطرس أن يأخذ أي دراهم فضية من سيمون الساحر، وهذا يرينا تعففه في الأمور المالية، وطاعته لوصية الرب.

أسأل نفسك هل أنت في الإيمان؟ وهل إيمانك حقيقي أم عقلي فقط؟ هل امتلكت الحياة الأبدية ومستعد لمجيء الرب لاختطاف المؤمنين؟