عروس تبكي قبل الإرتباط

هل سمعت عن عروس تبكي قبل الارتباط؟! إنه لَخَبرٍ مدهش أن نرى عروسًا تبكي لمدة شهر. وُربَّ سائل يسأل: لماذا تبكي العروس؟ هل لأن هذا الزواج غير موفق؟ أم أنها اكتشفت شيء ما في زوجها؟ أم ماذا يا ترى؟ ولكن مهلًا عزيزي القارئ. فهذه العروس لم تبكِ بعد الزواج. أو لأن الزواج غير موفق، كـّلا. بل تبكي قبل أن يتم الارتباط بشهر. وهذه كانت الشريعة في العهد القديم. وإليكِ هذه القصة المدهشة:

قامت حربٌ قديمًا بين شعب الله وأحد الشعوب المجاورة، وانتصر شعب الله، ورأى أحد الجنود في الأسر فتاة جميلة وأراد أن يتزوجها؛ فعرض الأمر على قائد الجيش، الذي بدوره عرض الأمر على موسى، فقال له الشريعة تأمر في هذه القصة بأربعة أمور (اقرأ لاويين٢١: ١٠-١٤):

  • تحلق المرأة رأسها: بدل أن تذهب الى الكوافير لتهذيب شعرها وعمل تسريحة أحدث موضة.
  • تقلّم أظفارها: بدل أن تضع طلاء أظافر عليها أن تقلِّم أظفارها.
  • تنزع ثياب سبيها عنها: بدل من أن تلبس فستان الزفاف.
  • تبكي أباها وأمها شهرًا من الزمان: وبدل من أن تغنّي وتفرح عليها أن تنوح شهرًا من الزمان.
  • تحلق رأسها: - بحسب النص الوارد في كورنثوس الأولى١١، نرى أن مجد المرأة في شعرها. وهنا نرى صورتين.

أ) التخلّي عن أمجاد الماضي: «لكِنْ مَا كَانَ لِي رِبْحًا، فَهذَا قَدْ حَسِبْتُهُ مِنْ أَجْلِ الْمَسِيحِ خَسَارَةً» (فيلبي٣ :٧)، وأيضًا يقول عن موسى: «حَاسِبًا عَارَ الْمَسِيحِ غِنًى أَعْظَمَ مِنْ خَزَائِنِ مِصْرَ» (عبرانيين١١ :٢٦).

ب) التخلّي عن أفكار الماضي. أي العادات والتقاليد والتعاليم الغريبة، لا بد من التخلّي عنها وهي المشار إليها في كولوسي٢ :٨ بتقليد الناس، وأركان العالم.

٢- تقلّم أظفارها: - الظلف بحسب ما جاء في لاويين١١؛ تثنية١٤؛ هو مؤشر أساسي لمعرفة هل الحيوان طاهر أم نجس؟ فالحيوان الطاهر لا بد أن يتحلّى بصفتين: هما، أن يجترّ، ويشق الظلف، والإنسان بحسب ما جاء في ١كورنثوس١٥ :٤٤، ٤٥، من الناحية البيولوجية، له جسمٌ حيوانيٌ، وبحسب ما جاء في لاويين١١: ٤، له صفة الحيوان النجس، لأنه لا يجتر ولا يشق الظلف. والأظافر تخرج من الجسد ولا بد أن تقلَّم. وهذا ما وصفه الرب له كل المجد قائلًا: «لأَنَّهُ مِنَ الدَّاخِلِ، مِنْ قُلُوبِ النَّاسِ، تَخْرُجُ الأَفْكَارُ الشِّرِّيرَةُ: زِنىً، فِسْقٌ، قَتْلٌ، سِرْقَةٌ، طَمَعٌ، خُبْثٌ، مَكْرٌ، عَهَارَةٌ، عَيْنٌ شِرِّيرَةٌ، تَجْدِيفٌ، كِبْرِيَاءُ، جَهْلٌ» (مرقس٧: ٢١، ٢٢). وإذا تأملنا في هذه الأشياء من ناحية النوع نجدها تُصنف إلى صنفين هما النجاسة والشراسة، فالنجاسة مثل الزنى والفسق، والشراسة مثل القتل والسرقة. وهذا أيضًا ما يُميّز الأظافر: النجاسة، والشراسة، لذلك تأمر الشريعة بأن تقلّم الأظافر، أي توضع في حكم الموت، وهذا ما قاله الرسول: «فَأَمِيتُوا أَعْضَاءَكُمُ الَّتِي عَلَى الأَرْضِ: الزِّنَا، النَّجَاسَةَ، الْهَوَى، الشَّهْوَةَ الرَّدِيَّةَ، الطَّمَعَ الَّذِي هُوَ عِبَادَةُ الأَوْثَانِ» (كولوسي٣ :٥) وهنا كلمة أميتوا أي ضعوها في حكم الموت. أي قلّموها. وهنا الرسول لا يصف لنا هذه الأشياء من الناحية النوعية فحسب، بل أيضًا إذا تأملنا عددها نجد أن عددها خمسة أشياء. ألا نجد أن هذا العدد يتطابق مع عدد أصابع اليد الخمسة والتي تحتاج كلها إلى تقليم للأظافر؟ بل أن أظافر الإنسان كلها هي مضاعفات الرقم خمسة، لذلك تأمر الشريعة المرأة بتقليم أظافرها أي التخلي عن كل عادة رديّة بل وتضعها في حكم الموت. وشراسة الأظافر نراها في الحالة التي وصل إليها نبوخذ نصّر بعد أن فقد عقله إذ يقول عنه الكتاب: «حَتَّى طَالَ شَعْرُهُ مِثْلَ النُّسُورِ، وَأَظْفَارُهُ مِثْلَ الطُّيُورِ» (دانيال٤: ٣٣) وهنا نرى في أظافر الطيور الجارحة العنف والقسوة. فلا بد أن المرأة المسبية تتخلى عن العنف والقسوة وتتحلى بالوداعة، وهذا ما حذّر الرسول منه كنيسة غلاطية قائلًا: «فإِذَا كُنْتُمْ تَنْهَشُونَ وَتَأْكُلُونَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، فَانْظُرُوا لِئَلاَّ تُفْنُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا» (غلاطية٥ :١٥) وهنا أريد بكل محبة أن أهمس في أذن كل أخ يحب الرب وقطيعه قائلًا له: «ماذا تفعل إذا إنسبق أخوك وأُخذ في زلةٍ؟» (غلاطية ٦ :١) هل تصلحه بروح الوداعة أم تنهشه بأظافرك؟

٣-تنزع ثياب سبيها عنها:- الثياب تشير إلى المظهر العام والسلوك أمام الذين هم من خارج (كولوسي ٤ :٥). فإذا كانت الأظافر يراها القريبون منا، أي سلوكنا أمام إخوتنا، فالثياب يراها البعيدون والذين ليس لنا معهم احتكاكًا مباشرًا. وهنا تطلب الشريعة من المرأة المسبية أن تنزع ثياب سبيها عنها أي التخلّي عن كل الأعمال الشريرة كما يقول الرسول: «فَاطْرَحُوا عَنْكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا الْكُلَّ: الْغَضَبَ، السَّخَطَ، الْخُبْثَ، ...» (كولوسي ٣ : ٨). ولنلاحظ دقة التعبير في كلمة تنزع أي ليس بالأمر الهين على أي إنسان أن يتخلّى عن المبادئ التي كان قد تربى عليها.

٤- تبكي أباها وأمها شهرًا من الزمان: - البكاء شهرًا من الزمان مرتبط بموت إنسان مهم كما نفهم من عدد٢٠ :٢٩ وهنا نرى هذه المرأة لا بد أن تضع أباها وأمها في حكم الموت، أي أنه في علاقتنا بالرب لا بد أن توضع العواطف البشرية في حكم الموت، كل ارتباط بآدم الأول لا بد أن يوضع في حكم الموت: «عَالِمِينَ هذَا: أَنَّ إِنْسَانَنَا الْعَتِيقَ قَدْ صُلِبَ مَعَهُ لِيُبْطَلَ جَسَدُ الْخَطِيَّةِ» (رومية٦ :٦)، فآدم الأول بالنسبة لنا وضع في حكم الموت كما يقول الرسول: «إِذْ خَلَعْتُمُ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ مَعَ أَعْمَالِهِ، وَلَبِسْتُمُ الْجَدِيدَ» (كولوسي٣: ٩، ١٠).

هذه هي شريعة المرأة المسبية والتي كانت لا بد أن تمر على المراحل الأربعة قبل أن يلتصق بها الرجل اليهودي، ولكن إلى مَن يرمز هذا الرجل اليهودي؟ وإلى من ترمز هذه المرأة المسبية؟ الرجل اليهودي يرمز إلى الرب يسوع المسيح الذي قالت عنه السامرية: «أنت يهودي» (يوحنا٤)، والمرأة المسبية أممية تشير إلى الكنيسة التي كانت غريبة عن العهود والمواعيد وبلا إله في العالم (أفسس ٢: ١٢). وقد كنا مستعبدين للخطية والنجاسة نلبس ثياب السبي، ولكن المسيح رأى فينا جمالًا آخر فقد رأى فينا لؤلؤة غالية كثيرة الثمن (متى١٣: ٤٥، ٤٦). ومكتوب «أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا، لِكَيْ يُقَدِّسَهَا، مُطَهِّرًا إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَاءِ بِالْكَلِمَةِ» لقد قام هو بكل العمل «لِكَيْ يُحْضِرَهَا لِنَفْسِهِ كَنِيسَةً مَجِيدَةً، لاَ دَنَسَ فِيهَا وَلاَ غَضْنَ أَوْ شَيْءٌ مِنْ مِثْلِ ذلِكَ، بَلْ تَكُونُ مُقَدَّسَةً وَبِلاَ عَيْبٍ» (أفسس ٥ :٢٥- ٢٧).