بدت علامات القلق على وجه سيدة شقراء وهى تستقل أحد القطارات التى تجرى على خطوط أوروبا. وكان يجلس إلى جوارها رجل يبدو على وجهه الوقار، وبرقة بالغة سألها عن سر قلقها؛ أجابته قائلة: «إننى مسافرة إلى مدينة أمونتفول المعروفة ببردها المهول، والطريق بالنسبة لى مجهول»، ثم نظرت إلى رضيعتها؛ فأدرك الرجل مرادها؛ وفى يقين شديد أجابها: «لاتخافى يا سيدتى، إنى أمر بهذا الطريق دائماً وأعرف جميع محطاته؛ يمكنك أن تستريحى وسأوقظك فى المحطة التى تسبق محطتك». التقطت السيدة أنفاسها وشكرته بحرارة، وراحت مع طفلتها فى نوم عميق.
مضت ساعات وانطوت محطات، والقطار ينهب الطريق نهباً وسط العواصف الثلجية وحلوكة الظلام وقد أمسى الركاب فى هدوء تام، إلا ذلك الرجل الذى وضع على عاتقه السهر حتى يفى بوعده ويصدق فى قوله. توقف القطار قاطعاً كل السكون فى المحطة التى تسبق أمونتفول. اقترب الرجل من السيدة والتى كانت قد جمعت أشياءها القليلة خلف ظهرها، فخاطبها مطمئناً: «استعدى للنزول المحطة القادمة».وهكذا ؛كلما إقتربت من محطتها شعرت بوحشتها ووحدتها.وأخيراً،توقف القطار. ربت الرجل برفق على كتفها قائلاً: «حمداً لله على سلامتك، لقد وصلتِ محطتك». نزلت السيدة ثم تحرك القطار، وارتمى الرجل على مقعده ملوحاً لها من نافذة القطار. شرع الرجل فى أن ينال قسطاً من الراحة، وقبل أن يستسلم للنوم توقف القطار، فوقف الرجل فى ذهول ... إنها محطة أمونتفول!! صرخ الرجل: «يالغباوتى، أنقذوها». استيقظ جميع من فى القطار متسائلين عن سر هذا الانهيار. فأجابهم: «السيدة الشقراء» (وانفجر فى البكاء) «لقد أشرت عليها بمشورة خاطئة حمقاء». ثم غطى وجهه بيديه المرتعشتين قائلاً: «المغفرة يا رب السماء».
اتضح الأمر أن التوقف السابق كان اضطرارياً بسبب حوائط ثلجية أدت إلى أعطال فنية. صرخ الرجل «أرجوكم انقذوها». وبعد الاتصال بالمحطة المركزية، أُرسلت طائرة لتبحث عن الضحية. استمر الرجل فى البكاء صارخاً: «أريدها أن تعيش .. أريدها أن تعيش». بعد ساعات من التفتيش وجدوها وقد صارت جثة بين تلال الثلج ارتمت، والطفلة فى حضنها قد تجمدت!
آه، يا صديقى؛
كم من البشر يسلمون مصائرهم للبشر، وما أتعس المصير؛ ولو كانوا أسمى البشر...
لكن ماذا عن الأبدية؟ أليست هى محطتك النهائية؟! إنى أناشدك على صفحات المجلة أن تفكر فى الأمر بإخلاص وجدية.
يقول الكتاب: «توجد طريق تظهر للإنسان مستقيمة وعاقبتها طرق الموت» (أمثال14: 12). ليتك تسأل مع أيوب «أين الطريق»(أيوب8: 19) فيجيبك ذاك الذى ليس بأحد غيره الخلاص (أعمال4: 12) «أنا هو الطريق (بل) والحق والحياة» (يوحنا14: 16).
فالطريق للخلاص بيسوع لاسواه
تُبْ وآمن به تخلص فتفوز بالنجاة
ليتك تصلى معى الآن: نعم يا سيدى؛ لقد تهت بين الشك والظنون. وجئتك اليوم تائباً نادماً، يا صاحب القلب الحنون. ففى صليبك الخلاص مصون ومضمون. فأنت الطريق، آمين.