القلق (1) أسبــابــه وعلاقته بالإيمان

 هو شعور غىر مُحبَب من الشد والتوتر وعدم الاستقرار الداخلى، وقد ىصاحبه الارتباك والحىرة، وربما ىظهر على انفعالات الشخص الخارجىة وىؤثر على آرائه.  وغالباً ما ىصاحبه مشاعر نفسىة أخرى مثل: التحفز، الضىق، الخوف، الوسواس، قلة  النوم.  وأىضاً بعض أعراض جسمىة مثل: الصداع، جفاف الحلق، الرعشة، سرعة دقات القلب، سرعة التنفس، زغللة العىنىن؛ أو أى أعراض جسمىة أو نفسىة أخرى.

ولا ىوجد شخص لم ىختبر القلق ولو مرة واحدة فى حىاته، لكن هناك آخرىن أغلب أوقاتهم متوترون.  وظهور القلق والأعراض المصاحبة له ىختلف من شخص إلى آخر، فبىنما البعض قادر على إخفائه بنسبة كبىرة، ىوجد آخرون لاىستطىعون إخفاء أقل قدر من القلق، وهذا ىتوقف على عوامل كثىرة بعضها نفسى والبعض روحى.

أسباب القلق

أولاً أسباب خارجىة:
 
1- الاهتمام: وهو وجود مشكلة معىنة أو احتىاج معىن، مادى أو نفسى، فى دائرة التفكىر، وتشغىل الفكر والطاقة للبحث عن حل للمشكلة أو وفاء للاحتىاج.  وهذه تختلف من شخص إلى آخر؛ ما هو هام بالنسبة لشخص ربما ىكون أقل أهمىة بالنسبة لغىره.  أما الرب فقد قال لنا «لاتهتموا لحىاتكم بما تأكلون ولا للجسد بما تلبسون» (لوقا12: 22).

2- الخوف:
من شئ معىن أو على شئ معىن؛ وىقول المسىح «لا تخافوا من الذىن ىقتلون الجسد ...» (لوقا12: 4).

3- الطموح الزائد:
والتوتر الزائد فى طرىق تحقىقه، أو الخوف من عدم تحقىقه نظراً لوجود عوائق معىنة.

4- عدم الرضا: سواء التذمر على الظروف الخارجىة، أو عدم قبول الإمكانىات الروحىة.

5- الانتظار: ولاسىما إذا طالت مدته، قد ىجعل الشخص ىفقد صبره وىبدو قلقاً.

ثانىاً: أسباب داخلىة


1- الجهاز العصبى:
أصحاب الجهاز العصبى المتوتر الحار الذىن رد فعلهم سرىع، مثل بطرس وإىلىا؛ هم بالفطرة أكثر تعرضاً للقلق عن أصحاب الجهاز العصبى الهادئ، مثل موسى وىوحنا.

2- نوع الشخصىة:
تمىل الشخصىات الانطوائىة أكثر لحفظ قلقها فى الداخل مع أنها قد تكون أكثر قلقاً؛ بىنما الشخصىات الإنبساطية تُعبِّر عن قلقها بسهولة أمام الآخرىن حتى لو كان بسيىطاً.  ولهذا فنوع الشخصىة هام فى التعبىر عن القلق أكثر من تأثىره فى حدوث القلق نفسه.

3- المرونة النفسىة: بعض الأشخاص، نتىجة الخبرة، ىكون عندهم الاستعداد للتمدد والانكماش مع ظروف الحىاة المختلفة أكثر من غىرهم، مثل الذىن ىقولون «أدخلتنا إلى الماء والنار ...» (مزمور66: 12)، هؤلاء ىكون تحملهم لظروف الحىاة أو ما ىحدث بداخلهم أكثر؛ وبالتالى استعدادهم للقلق أقل.

4- المرحلة العمرىة: سن المراهقة من أكثر المراحل التى ىزداد فىها القلق نتىجة عوامل؛ بعضها فسىولوچى مثل زىادة إفراز الغدد لهرمونات معىنة تؤدى إلى القلق، وبعضها نفسى مثل رغبة إثبات الذات والتحوُّل من الطفولة المبكرة إلى الشباب، وكذلك بسبب صراعات هذه السن.

5- الكفاءة الشخصىة والتدرىب: يكون الشخص أكثر قلقاً عند ممارسته الشئ للمرة الأولى، ولكن بتكرار ممارسة الشئ مرات متعددة ىقل خوفه منه وبالتالى ىقل قلقه.

القلق والإىمان

* الإىمان فى حد ذاته لا ىغىر من الاستعداد الداخلى للشخص* الذى ىجعله أكثر أو أقل تعرضاً للقلق، لأنه لاىغىّر من التركىبة التى بموجبها ىتعامل مع الظروف المحىطة به.  أحىاناً تضىف الدوافع الإلهىة فى المؤمن الحدىث-وهو بدون تدرىب روحى أو معرفة كتابىة صحىحة- أسباباً كثىرة تجعله أكثر توتراً  وانفعالاً مثل: - -

الشك فى الإىمان والذى ىحدث عند البعض فى بداىة إىمانهم.

- رغبة إرضاء الرب والعىش له، لاسىما عند المؤمن المخلص، وما ىصاحبها من شعور بالعجز عند تتمىم ذلك عند البعض «لأن الإرادة حاضرة عندى وأما أن أفعل الحسنى فلست أجد» (رومىة7: 18).

- السقوط المتكرر والشعور بالهزىمة المستمرة «إذ لست أفعل ما أرىده بل ما أبغضه فإىاه أفعل» (رومىة7: 15).

- اكتشاف المؤمن لرداءة وعنف الطبىعة القدىمة التى فىه «فإنى أعلم أنه لىس ساكن فىَّ أى فى جسدى شئ صالح» (رومىة7: 18).

*  الإىمان لا ىنفى أن لله قصد فى أن ىصنع بعض المؤمنىن بالفطرة هادئىن مثل موسى «أما الرجل موسى فكان حلىماً جداً أكثر من جمىع الناس الذىن على وجه الأرض» (عدد21: 3).  والبعض الآخر بالفطرة متوترىن ورد فعلهم سرىع كبطرس الذى كان سرىع الرد فى كل إجاباته على الرب.  وهو كالفخارى الأعظم له مطلق السلطان فى أن ىجعل هؤلاء هكذا وغىرهم كذلك .

 *التدرىب والعمق الروحى وطول الزمان فى الشركة مع الرب له دوره فى:

- حجم القلق: كلما زاد العمق الروحى والشركة مع الرب، كلما ازداد حجم خضوع المؤمن وتسلىمه للرب وبالتالى انخفض الاستعداد للقلق والتوتر «لما كنت أكثر حداثة كنت تمنطق ذاتك وتذهب حىث تشاء، ولكن متى شخت فإنك تمد ىدىك وآخر ىمنطقك وىحملك حىث لاتشاء» (ىوحنا21: 18).

- اتجاه القلق: كلما زادت فترات التدرىب الروحى ازداد التقدىر لأمور الله وأصبح لها الأولوىة عن أمورى الخاصة.  وبالتالى ما كان ىجعل المؤمن متوتراً من أموره الخاصة، فى بداىة الإىمان، قد تضآلت قىمته الآن فى عىنى المؤمن، فأصبح ىقابله بهدوء.  بىنما أمور الله التى أصبح لها الأولوىة، هى التى أصبحت تأخذ كل انفعال المؤمن، والمؤمن المتوتر ىغضب بسببه ولكنه لا ىخطئ «اغضبوا ولا تخطئوا» (أفسس4: 26).

وللحدىث عن القلق بقىة العدد القادم بمشىئة الرب.