شبت النيران في كوخ يقع في مدينة صغيرة. فأسرع أهالي المدينة في محاولة لإنقاذ سكانه؛ وبالكاد استطاعوا أن يخرجوا امرأة من داخل الكوخ وهي تكاد تختنق. ولشدة هلعهم سمعوا صراخ طفل من الطابق الأعلي للكوخ يطلب النجدة، لكنهم وجدوا أنفسهم عاجزين عن فعل شئ إذ أن سلم الكوخ كان قد انهار تماماً. ووسط عجزهم وأسفهم اندفع رجل اسمه ديكسون إلي الكوخ وتسلق مواسير المياه التي كانت قد أصبحت ملتهبة؛ ومن الطابق العلوي حمل الطفل المذعور بيده اليمني ممسكاً بالماسورة بيده اليسري، ونزل ديكسون بالطفل سالماً إلي حيث استقبله الناس بصيحات الإعجاب. لقد نجا الطفل دون إصابة، غير أن يد ديكسون احترقت من التهاب الماسورة.
لم تمض أيام كثيرة حتي ماتت الأم متأثرة بحالة الاختناق، وتساءل الناس عن مصير هذا الطفل من بعدها. كانت عادة المدينة أن يعلن عن مثل هذه الأوضاع في انتظار أن يتقدم أحد لتبني الطفل، فلم يكن بالمدينة دار للأيتام. وبالفعل تقدم اثنان لتبني الطفل؛ أحدهما رجل ميسور الحال بالمدينة، والآخر هو ديكسون. عقدت هيئة مكونة من بعض الموثوق فيهم في المدينة للفصل في الأمر. وقررت الهيئة الاستماع لكل من الطرفين عن حجته في أحقيته بتبني الطفل. بدأ الرجل الأول في ذلك فقال «إنني وزوجتي لم نرزق ببنين، واني أثق أننا سنستطيع أن نوفير عيشاً كريماً له تحت رعاية أب وأم». ثم وجه أحد أعضاء الهيئة الكلام إلي ديكسون «والآن ماحجتك يا سيد ديكسون؟ إني أعتقد أن ظروفك أقل يسراً من منافسك، كما أن زوجتك قد ماتت وأنت تعيش وحيداً». أجاب ديكسون بهدوء «حجتي هي شئ واحد»، قال ذلك وهو يمد يده اليسري التي شوهتها النيران وما زالت آثارها رغم الأيام.
ساد الصمت لفترة، ثم بعد تداول الهيئة أعلنت أحقية ديكسون بتبني الطفل، فالفضل في حياته يرجع له، وما تلك اليد المشوهة إلا دليلاً علي ذلك.
عزيزي ... إن المسيح لم تحترق يده ليخلصك؛ بل لقد جاز في آلام يعجز العقل عن إدراكها، بل لقد مات لكي تحيا أنت. فهل تعلن أحقيته بالسيادة علي حياتك فتعلنه رباً وسيداً لك؟!