أخــــــطر الجـــــــــراح
وُلدت الطفلة الجمىلة كلارا بارتون فى مدىنة صغىرة «بماساشوستس» بأمرىكا تُدعى «أكسفورد» فى عام 1281، فى ىوم 52 دىسمبر وهو الىوم الذى اعتاد فىه الغربىون الاحتفال بعىد المىلاد. وبالرغم من ولادتها فى ىوم الكرىسماس واحتفالاته الصاخبة إلا أن كلارا نشأت خجولة ومنطوىة جداً حتى دعاها الأولاد الذىن من عمرها «القطة الخائفة».
تقابلت كلارا مع المسىح فى صباها، ثم عملت بالتدرىس فى شبابها، وكانت دائماً تحكى قصص الكتاب المقدس لتلامىذها؛ فصارت شخصىة اجتماعىة أكثر من باقى زمىلاتها المدرسات.
اشتعلت نىران الحرب الأهلىة فى أمرىكا؛ فذهب تلامىذ كلارا الذىن أحبتهم جداً إلى مىادىن القتال، فمات البعض وأصىب البعض الآخر. فلم ىمكنها الاحتمال؛ فقررت تلك التى كانوا ىدعونها القطة الخائفة أن تذهب إلى ساحة القتال لتعالج الجرحى هناك ولاسىما من تلامىذها. فلما وصلت إلى المىدان وجدت الحالة هناك سىئة للغاىة؛ حتى أنها عملت فى تضمىد الجراح من ظهر ىوم السبت إلى عصر ىوم الاثنىن دون أن تذوق الطعام أو النوم. وفى أغلب المعارك التى كانت تستمر أىاماً دون انقطاع، كانت الذخىرة والمدافع تُرسَل أولاً ثم عربات الإسعاف أخىراً؛ إلا أن كلارا استطاعت أن تُقنِع القادة بتغىىر هذا النظام، فصارت عربات الإسعاف تذهب أولاً قبل الأسلحة لتكون فى حالة الاستعداد عند الحالة.
وفى موقعة فرىدرىكسبورج، وجدت كلارا الجرحى ىموتون فى وسط الأوحال نظراً لغزارة الأمطار ووجودهم فى العراء. فحفرت الأرض وصنعت بىدىها وبمساعدة الآخرىن قوالب الطوب، وأضرمت فىها النىران لتصنع غرفة صغىرة من الطوب الأحمر تُؤوى فىه الجرحى وتداوىهم.
امتدت أعمال كلارا إلى أوروبا كلها وكوبا ثم للعالم أجمع. وبعد نهاىة الحرب الأهلىة سافرت إلى أوروبا لتسترىح، ولكنها لم تسترح ... لقد باشرت أعمالها فى تضمىد الجراح أثناء الفىضانات والكوارث الطبىعىة. ونظراً لاتساع مجال العمل فى العالم كله أسست كلارا مع رجل الأعمال السوىسرى «چىن هنرى» مؤسسة عالمىة لمعالجة وتضمىد الجراح أثناء الحروب والكوارث، ولم تتردد كلارا بارتون فى أن تسمى المؤسسة «الصلىب الأحمر» وهى إلى وقتنا هذا مؤسسة عالمىة عظىمة لها نفس الهدف الذى وضعته كلارا. لقد أسمت كلارا المؤسسة بهذا الاسم إشارة إلى أن صلىب المسىح ودمه هما المضمد الوحىد لكل الجراح. وفى 25دىسمبر من كل عام؛ بىنما ىحتفل الغرب بعىد المىلاد ىحتفل العالم بتأسىس هىئة الصلىب الأحمر فى عىد مىلاد مؤسستها كلارا بارتون.
صدىقى، صدىقتى...
إن كلارا بارتون قدمت كل تضحىة وجهد لتأسىس هىئة الصلىب الأحمر لتضمىد الجراح الجسدىة؛ ولكنها لم تستطع -هى أو أى إنسان آخر كان أو سىأتى على الأرض- أن تضمد الجراح النفسىة والروحىة. لا ىوجد سوى شخص الرب ىسوع المسىح الذى شُبِّه فى إنجىل لوقا 10: 33 بالسامرى الصالح، الذى قىل عنه أنه «تحنن وتقدم وضمد جراحاته». إن الخطىة هى السبب الأول والأساس لأخطر الجراح على وجه الإطلاق. وإلىك نبذة مختصرة عن جراح الخطىة المرىرة:
- 1) الطبيعة الإنسانية : مِنْ أسفل القدم إلى الرأس لىس فىه صحة بل جرح واحباط (إشعىاء1: 5-6).
2) الحياة الانحدارية : جرحوه «عن النازل من أورشلىم إلى أرىحا» (لوقا10: 30).
3) القوة الشيطانية : ىجرح نفسه بالحجارة (مجنون كورة الجدرىىن) (مرقس5: 5).
4) أهوال الخطية : طرحت كثىرىن جرحى وكل قتلاها أقوىاء (أمثال7: 26).
قارئى العزىز .. حقاً إن جروح الخطىة .. غائرة .. سامة .. قاتلة .. لا للجسد فقط بل للروح والنفس أىضاً. ولكن الرب ىسوع قد جُرح حتى الموت لكى ىشفىنا، ذاك الذى كُتب عنه «بجلدته شُفىتم» (1بطرس2: 24)، وأىضاً «وهو مجروح لأجل معاصىنا مسحوق لأجل آثامنا» (إشعىاء53: 5)، «ولكن واحداً من العسكر طعن جنبه بحربة وللوقت خرج دم وماء» (ىوحنا91: 43)، «ثم قال لتوما هات اصبعك إلى هنا وابصر ىدى وهات ىدك وضعها فى جنبى ولاتكن غىر مؤمن بل مؤمناً»؛ فهل تجىب مع توما «ربى وإلهى» (ىوحنا20: 28)؟
إن جراحات الرب ىسوع على الصلىب هى أعظم بما لا ىقاس من تضحىات مؤسسة الصلىب الأحمر، فمكتوب عن جراحاته «بحبره (بجراحاته) شفىنا» (إشعىاء53: 5). فهل صنعت الخطىة جراحاً غائرة فى نفسك أو روحك أو حتى جسدك (إن كنت مدمناً لأىة خطىة)؟! تعال الآن وأنت تقرأ هذه المجلة وصلِ معى:
صلاة: ىا من جُرحت بأقسى الجراح لتخلصنى من الأتراح وتجعلنى من خطاىاى أرتاح وتمنحنى السماح؛ آتى إلىك بخطاىاى لتخلصنى ىا ربى. آمىن