عودة طائرة الخطايا

بالرغم من إشعاع نور الانجيل بكل ضياء في السنوات الأخيره في كوريا الجنوبية حتى ان أبواب الجحيم والظلمة لم تستطع أن تقوي إمام صخرة الإيمان المسيحي فملايين الوثنيين صاروا مسيحين يتميزون بالصلاة الحارة المقتدرة إلا أن ظلام الوثنية مازال يخيم على بعض النفوس هناك وقد كان «كيم» البالغ من العمر الثانية عشرة واخته «كوزيكي» التي كانت في الخامسة عشرة من عمرها ضمن اولئك الوثنيين و كانا فقيرين جداً.  وفي ليلة رأس السنة خرج كيم ليتسول من البيوت يطلب الطعام او النقود، وقد كان من عادة الكوريين وضع بعض النقود أو الخضروات داخل تمثال من القش قد كتب علىه كل بيت قائمة بالخطايا التي ارتكبها طوال العام الماضي، وكانوا يعلقون هذه القوائم على التماثيل ويتصورون أن هذه الخطايا قد غُفرت لهم مقابل الأموال أو الخضروات التي يقدمونها للشحاذ داخل تمتال القش هذا.  أخذ كيم في هذه الليلة كل تماثيل القش ورجع إلى بيته سعيداً.  وما أن وصل للبيت حتى أعطى اخته النقود والخضروات لتعمل لهما حـساء ليتعشيا به في هذه الليلة، أما هو فأسرع وجمع كل القوائم الموضوعة على تماثيل القش وذهب بها مسرعاً إلى صديقه الذي كان يجيد القراءه؛ حيث أن كيم لم يكن قد تعلم القراءة والكتابة وكان قد أخذ به الشغف أشده ليعرف ماذا كُتب في هذه القوائم.

قرأ الصديق بعض هذه الأوراق بصوت منخفض وكان يتمتم حتى ان كيم لم يفهم كلمة واحدة، وأخيراً قال الصديق لكيم: سأقرأ لك كل هذه القوائم في مقابل أن تاخذ مني التمثال الخاص بي أنا؛ فقبل كيم الشرط على الفور ولاسيما أنه ضمن قروشاً وخضروات أكثر. أخذ الصديق يقرأ قائمة فقائمة...  فهذه خطايا تاجر كتب على القائمة كل غشه وشتيمته وسرقته في الميزان، وتلك قائمه أخرى لشاب كتب فيها كل نجاسته وإدمانه للعادات والمخدرات والممارسة الجنسية، وتلك قائمة فتاة لم تبلغ السادسه عشره ولكنها كتبت عن حياتها في الشهوة والشر. وهذا وهذا وهذا. 

ولكن كانت صدمة كيم وكأنه أُصيب بتيار كهربائي عنيف عندما علم أن كل هذه الخطايا قد صارت على كاهله هو لأنه قبل أن يأخذ تماثيل القش وبها المال والخضروات حتى من صديقه.

رجع كيم بخطوات متثاقلة إلى بيته وقوائم الخطايا في يديه كانت كالجبال التي أحنت رأسه، وما عاد بقادر أن يحتملها على الاطلاق، لقد كان في انهيار تنهمر الدموع من عينيه كالأنهار؛ فالخطايا التي ارتكبها هو شخصياً كانت تملأه بالمرار، وحينئذ أخذ يشعر بالدوار، ولكن لحسن حظه كان قد وصل إلى الدار. وهناك حاول أن يخفي موضوع قوائم الخطايا عن كوزيكي، فجفف دموعه وبدأ يحتسي الحساء الذي أعدته له فإذ به رديء الطعم، فقلب الأطباق وانطلق في شتيمه وهراء...  وسالت الدموع من جديد، ولما كانت كوزيكي ذكية، أدركت أن الموضوع أكثر من رداءة الحساء؛ فأخذت تهديء من ثورته حتى حكي لها عن تماثيل القش وقوائم الخطايا التي تعلوه الآن؛ وهاهي قد زادت بشتيمته لأخته، فماذا يفعل؟

صمتت كوزيكي وهي تلف كتفيه بإحدي ذراعيها وتجفف دموعه ودموعها أيضا بإلىد الأخرى. وبعد حوإلى نصف ساعة، قفزت كوزيكي وكأنها وجدت أغلي كنوز العالم، ثم صاحت وهي تقفز وترقص رقصتهم الكورية الشعبية الخاص.  وجدتها...وجدتها.  اخبريني سريعا؟ اجابها كيم..  قالت له اخته الموضوع بسيط جداً، اصنع طائرة من الورق والصق بها القوائم كلها مع قوائم خطايا صديقك وخطاياي وخطاياك،  وَدَعْها ترتفع عإلىاً جداً حتى تحلق نحو السماء، ثم اتركها وهكذا نكون قد تخلصنا إلى الأبد من هذه الخطايا.  فكر  كيم قليلاً وقال لها: "ولكن إن سقطت الطائرة على مركب أو على أحد البيوت؟"، قالت "سيحملون هم الخطايا ونكون نحن قد تبرأنا..  هيا..  هيا ساساعدك في صنع طائرة الخطايا..  أقصد طائرة الإنقاذ من الخطايا".  ولم يمر وقت طويل حتى كان كيم يطلق الطائرة لتحلق في عنان السماء، ويطيل بها الخيط أكثر فأكثر حتى اختفت عن عينيه تماماً؛ فترك الحبل وأسرع إلى منزله متهللاً هاتفاً "أنت عبقرية ياكوزيكي، الآن قدمي لي طعام الأفطار".

وعندما ذاق الطعام إذ هو رديء مرة أخرى، ودون أن يتمالك لسانه كان يشتم اخته.  فشعر وكأن كل طائرة الخطايا تلصق بكل خلية من قلبه وجسمه مرة أخرى، واخذ يجهش ولم يوقفه إلا قرعات الباب.  "من بالخارج؟" صاح كيم..  فجاءته إجابة عجوز من الخارج "أنا يا بني افتح لي"...  ولما فتح كيم الباب وجد العجوز وبيده طائرة الخطايا..  صاح كيم في وجهه: "أين وجدتها؟ لماذا اتيت بها؟"، أجاب الرجل في هدوء وابتسامة ملائكية وقال: "وجدتها معلقة في شرفة بيتي، فأنا أسكن أول الشارع في أول المدينة، وفهمت كل شيء فاسمكما وعنوانكما وقوائم خطاياكما علىها... وكل قوائم خطايا الأخرىن... يا احبائي لا تخافا... إن غفران الخطايا ليس بهذه الطريقة أبدا".  وفتح كتابه المقدس وقرأ من انجيل متى9: 2..  «ثق يا ابني مغفوره لك خطاياك»، ثم 1يوحنا1: 7 «دم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطيه». وحكي لهما كيف حمل المسيح خطايانا(اشعياء53: 6)، فلن تمحي الخطايا بتماثيل قش أو أي شيء آخر؛ بل بالإيمان ببدلية وفداء المسيح على الصليب.  وظل طول الصباح معهما، واخذهما بيته واطعمهما.  فلم يكن ذلك إلىوم هو أول يوم في السنة، بل صار أول يوم حقيقي في حياة كيم وكوزيكي اللذين صارا مسيحيين وغفرت لهما الخطايا إلى الأبد؛ وفهما الايه التي تقول «مسامحا لكم بجميع الخطايا» (كولوسي2: 31).

وكانت دموع الأفراح تنهمر من عيونهما وهما يخرجان من المعمودية وها هما الان يخدمان المسيح.

صديقي..  صديقتي

هل تمتعت بالغفران الابدي؟ إنْ آمنت بالرب يسوع وما فعله لأجلك على الصليب بدلاً منك ستُغفر خطاياك إلى الأبد.

صلاه:
  يا من أتيت من علاك وثقل خطايانا قد علاك لتخلصني من الهلاك أرفع عيني إلىك في سماك فمتعني بغفرانك وفداك....آمين. عنوان المراسله ص.ب9 نجع حمادي