مثل الشمس» يصبح «مثل الناس»
«شمشون هو أحد رجال العهد القديم، بطل اشتهر بقوة غير عادية، بدأ بداية رائعة لكنه انتهى نهاية محزنة. قيل عنه قبل ولادته «لأن الصبى يكون نذيراً من البطن وهو يبدأ يخلص إسرائيل من يد الفلسطينيين»، وفى بداية شبابه «ابتدأ روح الرب يحركه في محلة دان» (قضاة 13: 5، 25)، وعندما قابله شبل أسد «حل عليه روح الرب فشقه كشق الجدى وليس في يده شيء» (قضاة 14: 6)؛ لكن بعد أن حُلقت خصل رأسه قيل عنه «ولم يعلم أن الرب قد فارقه» (قضاة 16 : 20). ماذا نتعلم من قصة شمشون المدونة في الاصحاحات 14 إلى 16 من سفر القضاة؟
ارتباط غريب :
«ونزل شمشون إلى تمنة ورأى امرأة في تمنة من بنات الفلسطينيين، فقال لأبيه إياها خذ لي لأنها حسُنت في عينيَّ» هنا بداية انحراف شمشون عن الطريق الإلهي «نزل» ، «رأى» ، «حسنت في عينه». فلقد ذهب إلى تمنة دون أن يحركه روح الرب. ولما رأى المرأة هناك قرر الزواج بها دون أن يحاول معرفة فكر الرب؛ انساق وراء ميوله الطبيعية وانخدع من شهوته الجسدية واتخذ قراراً خطيراً بدون المشيئة الإلهية.
هل هذه الفتاة تناسبك يا شمشون؟ أنت من شعب الله وهى من أعدائه، أنت نذير لله وهى من محبى العالم!!
هل فكر شمشون تفكيراً هادئاً عاقلاً؟ لا أعتقد. لقد حسنت في عينيه فلم يفعل المستقيم في عيني الرب.
أخي الشاب: هل لك تحذير في هذا؟ هل تلاحظ نظراتك ورغباتك؟ ألا تصلى قائلاً«حول عيني عن النظر إلى الباطل. في طريقك أحيني» (مزمور 119: 37).
عمل شمشون وليمة بمناسبة زواجه كعادة الفتيان، وأحضروا له ثلاثين من الأصحاب فكانوا معه. وجلس النذير وسط زمرة من الأشرار لمدة سبعة أيام، مستمتعاً إلى أحاديثهم ومشاركاً فى مزاجهم. وطبعاً لم يستطع أن يتكلم مرة واحدة عن إلهه العظيم أو عن انتذاره له، فهذا غريب عليهم. تُرى مَنْ هم أصدقاؤنا الذين نلازمهم؟ إن حالتنا الروحية تظهر من نوعية أصحابنا، لذا قال المرنم «رفيق أنا لكل الذين يتقونك ولحافظي وصاياك» (مزمور 119: 63).
انحدار معيب
لم يستفد شمشون من تجربته المُرة، فاستمر في طريق رغباته الذاتية «فذهب إلى غزة ورأى هناك إمرأة زانية فدخل إليها» (ص 16: 1). وكان بعد ذلك أنه أحب امرأة في وادى سورق اسمها دليلة (ص 16: 4). للأسف لم يحكم على ذاته ولم يدن شهواته، إذ أطلق العنان «لشهوة العيون»، فصارت نقطة الضعف التي أسقطه منها الشيطان في «شهوة الجسد». لم يبتعد عن التجربة ولم يهرب من الشهوة كما فعل يوسف قبله، لم يتصرف كالذكي الذى يبصر الشر فيتوارى» لكنه اندفع «كالغبي إلى قيد القصاص». وإني لأتعجب، هل فقد كل فهم وتمييز؟ فلقد كشفت له دليلة نيتها الشريرة وقالت له «بماذا توثق لإذلالك؟» لكنه للأسف لم «يهرب لحياته». كيف رضى أن ينام على ركبتيها وهو يراها تضع له الكمين تلو الكمين؟ سمح لها أن تربطه بسبعة أوتار طرية ثم سبعة حبال جديدة بل وأن تربط خصل شعره السبع بأوتاد الخيمة، إلى أن خرَّ صريعاً أمامها عندما ألحت عليه وضاقت نفسه إلى الموت فكشف لها كل قلبه وأخبرها بسر انتذاره. لقد كان مثل الشاب الذى سمح للحية الرقطاء أن تلتف حوله وهو يعتقد أنه يستطيع أن ينتصر عليها، ولم يدر أنها ستضغط عليه لتحطمه تحطيماً. أخى الشاب؛ هذه نهاية الثقة بالذات والتلاعب مع الخطية والشهوات.
حصاد رهيب
ما أمر ما حصده شمشون. لقد نقض عهد انتذاره ففقد الكثير جداً:
* فقد حضور الرب «لم يعلم أن الرب قد فارقه»
*فقد قوة الرب فتحول لإنسان عادى الذى كان «مثل الشمس» وصار «ضعيفاً كواحد من الناس»
* فقد عينيه «لأنه لو كنا حكمنا على أنفسنا لما حُكم علينا».
* فقد حريته ومركزه وكرامته فقد قال الرب: «حاشا لي فإني أكرم الذين يكرمونني والذين يحتقرونني يصغرون» (1صموئيل 2: 30)