بدت عليه علامات السعادة الغامرة وكأنه يريد أن يقفز فرحاً، لابد أنه من الناجحين فى الثانوية هذا العام، وهكذا كان، لقد تفوق من الدور الأول وأحرز نجاحًا بنسبة 98 % "وبدون درجات المستوى الخاص".
هنأته بحرارة وهمست إليه: وماذا بعد الثانوية ؟
أجاب بلا تردد : الكلية.
- ثم ماذا ؟
وبعد تفكير قليل قال : الخدمة العسكرية.
.سألته :
هل حصلت على شهادة الحياة الأبدية (1يو 5 : 11)؟
تنفس الشاب بعمق وألقى برأسه على مقعده فى السيارة التى كنا نستقلها وقال: إن كتابنا المقدس لا شك عظيم، ففيه المسيح العظيم صاحب التعاليم السامية والمعجزات الخارقة• لكن الذى يحيرني الصليب! كيف يكون المسيح وهو ابن الله، الذى أسكت الريح وأبكم البحر، كيف يقبل اللطم من خادم حقير بل والجلد والصلب؟! آه، لو رُفع الصليب من المسيحية، بكل تأكيد ستلقى الاحترام والتأييد ولخلصتنى من مشاكل القريب والبعيد.
وللأسف الشديد انقطع الحديث ولم يكتمل، حاولت التقاط عنوانه فلم أتمكن. مسكين أيها الشاب المتفوق. فلو رُفع الصليب من المسيحية فماذا يبقى بعد فيها. إن المسيحية هي الصليب، والصليب هو المسيحية، ولا مسيحية بدون صليب.
ولو عاش المسيح فى عالمنا بدلاً من الثلاثة والثلاثين عاماً ثلاثة وثلاثين ألفاً من الأعوام، يطهر البُرص ويفتح أعين العميان، يقيم الموتى ويشبع كل جوعان، فما خلصتنا تعاليمه أو طهرتنا معجزاته.
لقد ذكرني رفيق الطريق، بقصة الفتاة التي قالت يومًا لأمها: كلك جميل يا ماما. لكن لماذا أرى يديك مشوهتين ؟ إن مظهرهما مقزز ولا يعجبني.
فأجابتها أمها: ابنتي؛ يوماً ما شب حريق هائل في منزلنا، وامتدت النيران إلى غرفتك وأنت نائمة في فراشك وكنت صغيرة، فاندفعت إلى غرفتك وأنقذتك من النار، واحترقت يداي، لذلك أنت ترينهما قبيحتين.
امتلأت عينا الفتاة بالدموع وبصوت أسيف قالت : أ لأجلى احترقت يداك يا ماما؟ كلك جميل يا أمى وأجمل ما فيك يداك. هاتيهما أقبلهما. واختلطت دموعها بقبلاتها حبًا وتقديرًا.
صديقي ،صديقتي : هل أدركت لماذا الصليب؟ ليتك تحب الصليب وتتعبد للمصلوب. وإليك بعضاً من بركات الصليب:
1ـ بالصليب صار لنا الفداء : «الذى لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا» (كولوسى 1: 14)
2ـ بالصليب تم لنا الشفاء :تذمر الشعب قديماً ولدغتهم الحيات المحرقة وكان العلاج فى الحية النحاسية «وكما رفع موسى الحية فى البرية هكذا ينبغى أن يرفع ابن الإنسان» (يوحنا 3: 14)
3ـ بالصليب تم الصلح :لقد كنا أعداء لله (رومية 5: 10) «وليس بيننا مصالح» (أيوب 9: 33) ولكن جاء المسيح «مصالحاً العالم غير حاسب لهم خطاياهم» (2كورنثوس 5: 19)
4ـ بالصليب نغلب الشهوات العالمية :إلى كل شاب منكسر ومهزوم؛ لن ينشلك من يأسك ويرفع رأسك أمام شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة إلا صليب المسيح «الذى به قد صُلب العالم لي وأنا للعالم» (غلاطية 6: 14)
5ـ بالصليب ننجو من الدينونة الأبدية: لعلك تذكر كيف نجا الأبكار في مصر؟ النجاة كانت في الدم «أرى الدم وأعبر عنكم» (خروج 12: 13) «إذاً لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع» (رومية 8: 1)
6ـ الصليب أنشودة العائلة السماوية: ما أجمل تسبيحة المفديين في السماء حول المسيح؛ الخروف المذبوح قائلين «مستحق أنت أن تأخذ السفر ...لأنك ذبحت واشتريتنا» (رؤيا 5: 9)
لقد أدرك بولس هذه الحقائق الرائعة فراح يغرد هذه الأنشودة الجميلة : «أما من جهتى فحاشا لى أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح» (غلاطية 6: 14).
فماذا من جهتك أنت ؟
وكما رفع موسى الحية فى البرية، هكذا ينبغي أن يُرفَع ابن الإنسان؛ لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية• (يوحنا 3: 14)