حيوانات الكتاب المقدس الجمل
من اللبونات، وهو نوعان؛ الجمل العربي ذو السنام الواحد، وينتشر في الشرق الأوسط والهند وشمال أفريقيا. والجمل الأسيوي أو الخراساني ذو السنامين ويقطن في أواسط أسيا. وله أسماء أخرى مثل الإبل (حزقيال 25: 5) وبكران (إشعياء 60: 6) وهجن (إشعياء66: 20 ). وأنثى الجمل تسمى ناقة.
والجمل يسمى بحق سفينة الصحراء. ولولا الجمال لما بلغ الشرق في القديم ما بلغه من رقى وحضارة وازدهار. وهو يعتبر بحسب شريعة موسى من الحيوانات النجسة، وذلك لأن الجمل لا يشق ظلفاً رغم أنه من الحيوانات المجترة.
والجمل يبلغ تمام النمو عند سن 16 أو 17 سنة. وغالباً يعيش إلى سن الخامسة والعشرين أو الثلاثين، وقد يبلغ في بعض الأحيان إلى الأربعين.
والجمل يميزه الصبر وتحمل المشاق، لكنه مشهور بالغباء والعناد. وهو لا يحس بالألم ما لم يُضرَب بشدة. وهو منتقم أحياناً، وانتقامه عنيف. ويسير الجمل في المعتاد حوالي 50 كم في اليوم، ويقدر أن يسير بسرعة عشرة كيلومترات في الساعة، لكنه لا يقدر مواصلة السير بهذه السرعة لأكثر من ساعات معدودة. أما الهجين فقد تصل سرعته إلى 16 كم/ ساعة ويستمر كذلك لمدة 18 ساعة في اليوم. أما السرعة العادية للجمل فتبلغ 5 أو 6 كم / ساعة.
يستطيع الجمل ذو السنام الواحد أن يحمل حوالي 270 كجم لمسافة 50 كم في اليوم، أما الجمل ذو السنامين فقدرته على الحمل أكبر وتصل إلى 450 كجم. والسفر على الجمل متعب بخلاف الحصان. ولقد قيل إن سفر 5 كم على الجمال أكثر صعوبة من سفر 50 كم على الخيول.
ولقد تجلت حكمة الخالق في الجمل بصفة خاصة، فلقد جهزه الله للحياة في البيئة الصحراوية بصورة عجيبة حقاً. فأقدام الجمل تنتهي بخف وليس بحافر. فهي مجهزة من أسفل بما يشبه الوسائد (المخدات) مما يجعلها مهيئة للسير فوق الرمال في سهولة ويسر، دون أن تغوص فيها. كما أن معدة الجمل فيها مخزنان للمياه عبارة عن جيوب صغيرة يغلق كل منها بواسطة صمام عضلي، ويسحب منها الجمل عندما لا يكون هناك مصدر آخر للمياه. ولقد كان هذا السائل سبباً لنجاة بعض المسافرين عندما ضلوا طريقهم وكادوا أن يهلكوا عطشاً، إذ قتلوا جملاً وشربوا من هذا السائل. وهو طبعاً سائل مقزز ومنفر، لكنه مرغوب فيه جداً لمن أوشك على الهلاك عطشاً. ونظراً لهذه الميزة الخاصة عند الجمال فإنه يقدر أن يفقد حوالي 30% من وزنه من ماء جسده دون أن يتأثر بالمقابلة مع 12 % فقط في الإنسان. وهو طبعاً يعوض ذلك في أول فرصة يجد فيها الماء، فالجمل بوسعه أن يشرب لغاية 100 لتر أو أكثر في فترة وجيزة. وجسم الجمل كذلك زوده الخالق بنظام يجعله يفقد الماء ببطء شديد بالنسبة لغيره من المخلوقات. فلقد جهزت العناية جسمه بنظام يجعله يغير حرارة جسده من 34 إلى 41 درجة مئوية في اليوم، وبحسب تقلبات الجو في البيئة الصحراوية. وهذا يقلل من إفراز العرق إلى أقصى درجة، فهو لا يبدأ في إفراز العرق إلا بعد أن تصل درجة حرارة جسمه إلى درجتها القصوى التي يتحملها، وهي 40,7 درجة مئوية. وعليه فإنه يستطيع أن يخزن الحرارة في النهار ويفقدها في الليل دون خسارة للماء الذي في جسمه.
وكما تحتوي معدة الجمل على مخزن للمياه، فإن سنام الجمل يعتبر مخزناً للشحوم يستمد الجمل منه الطاقة اللازمة له عند ندرة الطعام. والجمل يأكل مرة واحدة في اليوم، وهو يأكل أكثر الأطعمة تواضعاً كطبيعة البيئة الصحراوية، ولهذا فقد زوده الله برقبة طويلة ليصل بها إلى أغصان الشجر العالية، كما وإلى الشوك والعشب على الأرض.
وأخيراً فإن عيني الجمل مناسبتان تماماً للصحراء حيث تهب الرياح الشديدة المحملة بالأتربة الكثيفة التي من شأنها أن تعمي العيون. فلقد جهز الله الجمل بأهداب (رموش) طويلة وحساسة. وتعمل تلك الأهداب مثل الشبكة لتحمي عيني الجمل من الرمال اللافحة. ثم إن عين الجمل مزودة بجفن ثالث يرفع ويخفض وكأنه نافذة للعواصف. والأغشية التي تكون هذا الجفن شفافة، ويستطيع الجمل أن يرى من خلاله وهو مغلق. وبينما تفقد كل المخلوقات الأخرى في العواصف قدرتها على السير وتضل الطريق، يستطيع الجمل في تلك الظروف عينها أن يواصل سيره وهو يرى طريقه أمامه. كما أن للصحراء مشكلة أخرى هي وهج الشمس الشديد، ولقد زود الله الجمل بما يغنيه عن نظارات الشمس التي اخترعها الإنسان، إذ أن شكل تجويف رأس الجمل يحمي عيني الجمل الغائرتين من الكثير من أشعة ذلك النور الزائد في الصحراء المفتوحة ورمالها الصفراء المتوهجة.
حقاً إننا عندما نتأمل في حكمة الله التي زودت الجمل بهذه الإمكانيات ليكون بحق سفينة الصحراء، لا يسعنا إلا أن نقول مع المرنم «ما أعظم أعمالك يا رب، كلها بحكمة صنعت» (مزمور104: 24 ).
وهناك دروس عملية لنا في تحمل الجمل لتقلبات الجو من البرد الشديد في الليل إلي الحر القائظ في النهار. فهكذا قال الرسول بولس «ففي كل شئ وفي جميع الأشياء قد تدربت أن أشبع وأن أجوع وأن استفضل وأن أنقص» (فيلبي4: 11 ،12). كما نتعلم منه أن نستخدم عيون الإيمان عندما تظلم الدنيا من حولنا، فبالإيمان يمكننا أن نرى من لا يُرَى (عبرانيين 11: 1،26). ونتعلم أخيراً الصبر وأن نحمل بعضنا أثقال بعض (غلاطية 6: 2).