ظروف كتابتها
بعدما أرسل الرسول بولس رسالته الأولى إلى الكنيسة فى كورنثوس من أفسس بيد تيطس وفيها وبخهم بشدة على سلوكهم الجسدى وعدم ترتيبهم وخصوماتهم، حدثت ثورة عارمة عليه من الوثنيين فى أفسس (أعمال91)، فتركها وذهب إلى ترواس آملاً أن يجد تيطس قد عاد من كورنثوس بأخبار طيبة عنهم (2كورنثوس2)، لكنه لم يجده، فترك ترواس وذهب إلى مكدونية. وهناك فى مكدونية لم تكن لجسده شئ من الراحة، لكن الله الذى يعزى المتضعين عزاه بمجئ تيطس (7: 6) حاملاً تقريزاً له جانبان. جانب مضئ؛ أن الأكثرية تابت عن شرها ويشتاقون لرؤية الرسول. وجانب مظلم؛ أن الأقلية قد انحازت لمعلمين كذبة أتوا من أورشليم يشككون فى رسولية بولس، ويتهمونه باتهامات رديئة وحقيرة؛ مثل عدم نقاوة دوافعه فى الخدمة، وضاعة شكله، حقارة كلامه، عدم أمانته بل واحتياله فى الجمع لأجل الفقراء، وغيرها من اتهامات كاذبة توضح بشدة أنهم كانوا آلات وضيعة فى يد الشيطان. ومن هذه الخلفية بجانبيها المظلم والمضئ كتب الرسول بولس هذه الرسالة الثانية من مكدونية.
الغرض من كتابتها
فى هذه الرسالة تتدفق عواطف الرسول من نحو إخوته فيكتب لهم:-
1- شارحـاً: دوافع خدمته عامة، ولماذا لم ياتِ لزيارتهم خاصة.
2- مادحــاً: طاعة واستجابة أكثرهم للرسالة الأولى رغم قسوتها
3- مشجعاً: لاسترجاع الأخ التائب والجمع لأجل فقراءالقديسين.
4- محـذراً: الأقلية التي لم تتب عن شرورها، والجميع من المعلمين الكذبة.
5- مبرهناً: رسوليته ليدحض افتراءات المدعين الكذبة.
أهميتها
تعتبرهذه الرساله أكثر أجزاء العهد الجديد كشفاً لشخصية بولس الرسول، فهي ترسم لنا صورة دقيقة عنه كإناء خزفى وإنسان تحت الآلام مثلنا. فهو يحزن ويكتئب، يخاف ويضطرب، يتألم من الظلم والاهانة، و يفرح بالتقدير والكرامة.
لكن من جانب تكشف لنا عن الكم الهائل من الخدمة الذي أنجزه هذا الإنسان الضعيف، وعن القدر الجبار من الاضطهادات التي احتملها هذا الإناء الخزفى. ثم تكشف لنا سر هذا التناقض أَلا وهو النعمة التي تكفي الضعيف.
أقسامها
توجد مقولة شائعة وهى صحيحة إلى حد كبير إنه بينما تعتبر كورنثوس الأولي أكثر الرسائل ترتيباً في أفكارها، فإن كورنثوس الثانية أقلها ترتيباً؛ إذ فيها تنفجر عواطف الرسول وهو مكتئب، إلا أنه بالرغم من هذا يمكن تقسيمها كالآتى:-
1- تقرير بولس عن خدمته (ص1-5) وفيه بولس كالخادم يشرح:
أ- نقاوة دوافعه (ص1، 2) ب- عظمة رسالته (ص3-5)
2- مطاليب بولس من إخوته (ص6-9) وفيه بولس كأب يحرض:
أ- من جهة أمور روحية (ص6 ، 7) ب- من جهة أمور مادية (ص8 ، 9)
3- دفاع بولس عن رسوليته (ص10-13) وفيه بولس كرسول يبرهن:
أ- كذب افتراءات المعلمين (ص 10: 1-11: 15) ب-مؤهلات وصدق رسوليته (ص 11: 16-13: 10)
فائدتها لنا
هى دليل الخادم. فإن كانت الرسالة الأولى تشرح لنا ترتيب بيت الله وكيف تكون العبادة، فهدف الرسالة الثانية تشرح لنا كيفية الخدمة فى هذا البيت وكيف تكون حياة الخادم. ثم أنها ترينا أن للمؤمن ثلاثة مصادر عينية للتشجيع والتعضيد وسط الضيقات والتجارب:
1- نعمة ربنا يسوع المسيح «تكفيك نعمتى»
2- محبة الآب «أبو الرأفة وإله كل تعزية»
3- شركة الروح القدس.
تواريخ وأرقام
* كتبت حوالى سنة 75م أثناء رحلة الرسول التبشيرية الثالثة.
* أكثر الكلمات تكراراً فيها هى خدمة، تعزية، افتخار.
* تتكون من 13 أصحاحاً، 257 عدداً ويمكن قراءتها فى حوالى 54 دقيقة.