استيقظت آمال فى الثامنة صباحاً، فاليوم الخميس الموافق 28/1/1993 هو آخر الأيام فى أجازة نصف العام.
وأثناء تناول الإفطار، كانت تتزاحم فى عقلها الأفكار، وفى الواقع كانت هناك فكرتان، تتصارعان فى ذهنها السارح، الأولى هى الثانوية العامة التى مضى منها نصف العام وهل ستحقق التفوق الذى حققته فى السنين الماضية؟ ولاسيما أنها الأولى دون منافس فى إحدى مدارس اللغات بمصر الجديدة.
أما الفكرة الثانية فهى حول ماقاله الخبراء عن التشققات فى أساسات العمارة التى تسكن فيها ومافعله أغلب الجيران فى الشقق البالغ عددها 24 شقة حيث رحل الكثير منهم استجابة للتحذيرات بأن المبنى مهدد بالإنهيار فى أية لحظة.
وفجأة .. راودتها فكرة أخذت تلح عليها مرة بعد الأخرى: لماذا لاتخرج اليوم لتذهب عند زميلتها لتذاكر معها وبهذا تكون حققت غرضين : الأول هو الهروب من الخطر والثانى هو مشاركة صديقتها التى عاتبتها كثيراً بأنها لا تبادلها الزيارات.
لكن آمال رفضت الفكرة لأنها لاتريد ضياع أية دقيقة، فالتفوق أهم من الصداقة فى نظرها، هذا من جهة ومن جهة أخرى لأنها ترفض التحذير والخوف. فهل يمكن أن تخاف وهى تأمل أن تلتحق بكلية الطب ؟ كلا .. ثم قالت لنفسها: ستكون لى فرصة لمغادرة المكان لو شعرت بأى إهتزاز فى الحجرة فأنا أسكن فى الطابق الثانى.
قامت عن المائدة وتمكنت بصعوبة من مقاومة مخاوفها ودخلت مكتبها وفتحت كتبها فهذا هو الميدان الوحيد للنجاح فى نظرها و... وحينما كانت عقارب الساعة تُشير إلى الواحدة إلا ربع ظهراً كانت سُحب الأتربة تعلو نحو السماء. وصوت الإنهيار يفوق أعلى انفجار. ومع الآلاف الذين تجمعوا من بعيد والأسى يملأهم وهم يشاهدون هذه العمارة المنهارة فى لحظة دون فرصة أخرى لخروج من بها، رأيتُ العربات التى كانت أسفل هذا المبنى وقد أصبحت قطعاً من الصفيح مستوية تماماً بالأرض، وهز كيانى هذا الأب الذى رأيته يحفر بيديه فى جبال الأطلال وهو لاينتظر البلدوزرات التى جاءت لرفع الأنقاض.
ولكن أين آمال؟ .. بل أين الآمال؟ لقد قُطِفت تلك الزهرة من الشجرة، ودُفنت كتب الأحياء مع الذكاء، وتحطمت الأقلام مع الأحلام وهى لن تدخل كلية الطب لأنها نزلت إلى الجب حيث صمتت مسائل الجبر داخل القبر. ولكن أين سلام الأوهام الذى تمسكت به رغم التحذير؟ ياله من سوء تقدير.
لقد استعدت للثانوية العامة .. فهل استعدت بالأولى للدينونة القادمة؟
صديقى الشاب.. صديقتى الشابة . إن العالم الذى نعيش فيه ليس أكثر أماناً من تلك العمارة التى صارت منهارة. فالله الذى صوته زعزع الأرض حينئذ (أيام نزول الناموس) قد وعد قائلاً «إنى مرة أيضاً أزلزل لا الأرض فقط بل السماء أيضاً. فقوله مرة أيضاً يدل على تغيير الأشياء المتزعزعة كمصنوعة لكى تبقى التى لاتتزعزع» (عبرانيين 12: 26، 27).
أنظر إلى العالم ستجد فيه وسائل احتراقه. فالحروب مشتعلة فى كل مكان، وأسلحة الدمار الشامل إن انطلقت ستحرق الكرة الأرضية مرات ومرات.
فكّر فى الأوبئة.. هل وجدوا علاجاً للإيدز والسرطان؟ لقد أخبرنا الكتاب المقدس أن العالم مجهز للنيران (2بطرس 3: 10) فهل تهرب إلى المسيح الملجأ الوحيد، فالساكن فى ستر العلى فى ظل القدير يبيت. بخوافيه يظللك وتحت أجنحته تحتمى (مزمور 91: 1، 4).
أخاف عليك أن تبقى فى هذا البيت الذى سيسقط. فلقد قال الرب يسوع «كل من يسمع أقوالى ولا يعمل بها يُشبه رجلاً جاهلاً بنى بيته على الرمل فنزل المطر وجاءت الأنهار وهبت الرياح وصدمت ذلك البيت فسقط وكان سقوطه عظيماً» (متى 8: 26، 27). فإن سمعت كلمات الرب يسوع ولم تتحذر بها فأنت بكل تأكيد تسكن عمارة الموت التى ستنهار، ربما تلك الليلة أو هذا النهار . لذلك حذارِ من التأجيل وعليك بالتعجيل لأن صوت الله الجليل يقول لك «فى وقت مقبول سمعتك وفى يوم خلاص أعنتك هوذا الآن وقت مقبول هوذا الآن يوم خلاص (2كورنثوس6: 2). دعنا مرة أخرى نتذكر آمال التى دُفنت مع الآمال .. عزيزى هل آمالك تمنعك من قبول المسيح فى حياتك؟ ليس من الخطأ أن يكون لديك طموح ولكن كل الخطر أن يعطلك هذا الطموح من الإحتماء فى الجنب المجروح لهذا الخروف المذبوح، المسيح الفادى الذى فيه لا انهيار ولا أقدار، أو حتى أعمال أشرار، يمكن أن تؤثر على السلام أو الاستقرار.
وأخيراً أرجوك أن لاتنسى الفرق الكبير بين الاستبسال والإستهتار، فمن يفعلون مافعلته آمال ليسوا من الأبطال، ولكنهم سيكونون ضحايا الإهمال، وهم يبنون بيوتهم على الرمال، وحتماً ستصير أطلالاً، حتى بدون زلزال. فأرجوك بل وأدعوك لأجل نفسك الخالدة أن تأتى إلى المسيح الآن واهرب لحياتك ... لئلا تهلك (تكوين 19: 17) واركع مصلياً معى من قلبك.
صلاة : أومن يا رب يسوع أن العالم منهار وسينهار وأنت القدوس البار الذي مُت لتخلص الأشرار فها أنا اترك العالم الآن وأحتمي فيك يا فُلك الأمان ..... آمين.