من الزواحف وهى أسطوانية الجسم، ،بدون أطراف. ولأن الزواحف من ذوات الدم البارد (تغير حرارتها حسب الوسط المحيط) لهذا فإنها تنشط فى الجو الحار، وتستكين فى الجو البارد. ولهذا السبب أيضاً تكثر الحيات فى المناطق الاستوائية وتنعدم فى مناطق القطبين. والحيات فصائل وأنواع كثيرة جداً (حوالى 2000). بعضها لا يزيد طوله عن 03سم، والبعض الآخر يصل طوله إلى 7 أو 8 أمتار ! الحيات والأفاعي تبيض، ولو أن بعض الأنواع تحتفظ بالبيض فى داخل جسمها إلى أن يفقس.
غالباً ما تبتلع الأفاعي طعامها دون مضغ. وبوسعها أن تبتلع فرائس أكبر منها حجماً، وذلك بأن تفتح فكيها على اتساعهما، وتباعد بين جانبى الفك السفلى. وبعض الأنواع يقتل فريسته بالعصر إذ يلتف حولها بكل قوة، كما أن لبعض الأنواع أسنان مقوسة إلى الداخل حتى لا تتمكن الفريسة من الإفلات إذا حاولت الهرب من فم الحية أثناء ابتلاعها لها.
والحيات عادة لا تسمع، ولا آذان لها، لكنها حساسة جداً للذبذبات التى تحدث من حركة الكائنات حولها، ويمكن أن تميز صيدها حتى فى الظلام الدامس، إذ تحس بالحرارة التى تشعها تلك المخلوقات من جسمها. وهى لا أحبال صوتية لها، والهمس الذى تصدره يسمى فحيحاً.
وجسم الحية الأسطوانى والنحيف والمرن يجعل حركتها غير ملحوظة، كما يساعدها على الاختباء والهرب فى الحفر أو الشقوق
. وتتميز الحيات عموماً بميزتين رئيسيتين :
1- الحكمة والحيلة والمكر فى الهروب من الخطر، أو فى مهاجمة الضحايا.
2- لدغتها السامة والتى تفضى فى أغلب الأحيان إلى موت الضحية خلال ساعات قليلة، لا تتجاوز فى المعتاد ست ساعات. ولا زال حتى اليوم يموت عشرات الآلاف كل عام نتيجة لدغات الحيات. ويقال إن الملكة كليوباترا؛ ملكة مصر القديمة، اختارت الكوبرا المصرية (والتى تسمى فى الكتاب الصل) لتنتحر بها، إذ أن سم الكوبرا خطير للغاية ويقتل فى دقائق. ولقد جاء ذكر الحية فى الكتاب المقدس كأول حيوان يذكر فيه (تكوين 3: 1)، وورد له فى الكتاب عدة أسماء تعبر عن أنواعه المختلفة مثل: الأفعى، والأفعوان، والحية، والصل، والثعبان، والثعبان السام الطيار. وهذا الأخير يعتبر من أخطر أنواع الثعابين؛ إذ أنه يقذف سمومه على ضحاياه إلى مسافة تزيد عن المترين.
ولقد ارتبطت الإشارة الأولى فى الكتاب المقدس للحية بتجربة الشيطان لآدم وأمرأته فى الجنة، ولهذا اعتبر اسم الحية أحد أسماء الشيطان (رؤيا12: 9 ،20: 2). ومما هو جدير بالذكر أن الأقدمين عبدوا الحيات، كما نستنتج ذلك من الرسومات الموجودة فى معابد قدماء المصريين وغيرهم (انظر رومية1: 23 ). ومما يلفت النظر ويؤسَف له فى نفس الوقت، أن جماعات عبادة الشيطان التى انتشرت مؤخراً فى العالم تمارس نفس هذه الطقوس؛ عبادة الحيات الحية! لقد فضلوا الحيات المهلكة على حمل الله الذى يرفع خطية العالم. ومن أوجه التشابه بين الحية والشيطان أن الحيات تغير جلدها كل فترة، هكذا الشيطان دائماً يبدو فى ثوب جديد ويحاول أن يقدم الجديد للبشر، لأنه يعرف أن القديم لم ولن يشبع الإنسان أو يسعده، فيقدم له الجديد والذى سرعان ما يكتشف الإنسان أنه تماماً نظير القديم لا يُشبِع. وكما يرد فى تكوين 3 أول ذكر للحية فى العهد القديم، وفيه نجد مشابهة بين الحية والشيطان، هكذا يرد فى متى 3 أول ذكر لها فى العهد الجديد، وتقدم لنا مشابهة بينها وبين الأشرار. وفى إنجيل متى ترد ثلاث إشارات تجمع بين الأفاعى والأشرار؛ فى الإشارة الأولى نجد الغضب الذى ينتظرهم (3: 7)، وفى الثانية يشير إلى استحالة تغييرهم (12: 34)، وفى الثالثة دينونتهم (23: 33).
ولعل أوضح المشابهات بين الحية والإنسان الخاطئ هو اللسان، والسم الذى تحته. ومن بين مخلوقات الله جميعاً لا يوجد كائن يحرك لسانه بخفة وسرعة مثل الحية، وهكذا الإنسان الخاطئ (انظر يعقوب 3). ثم السم الذى تحت اللسان (رومية3: 13 )؛ وهو كناية عن كلمات اللعنة (يعقوب 3: 7-10)، وكلام الكذب (مزمور 58: 3،4)، وكلام المزاح الجارح (مزمور140: 3).
ومع ذلك فإن ليس كل ما فى الحيات شر، بل هناك جانب إيجابى حرض الرب تلاميذه على التشبه فيه بالحيات؛ أعنى به الحكمة، عندما قال لهم «ها أنا أرسلكم كغنم فى وسط ذئاب، فكونوا حكماء كالحيات، وبسطاء كالحمام» فالحية لا تعرّض نفسها قط للمخاطرة بدون لزوم، كما أنها تتجنب المواقف الخطيرة. فى هذا يقول سليمان الحكيم «الذكى يبصر الشر فيتوارى، الأغبياء يعبرون فيعاقبون» (أمثال27: 12). ونحن كشباب لو تعلمنا أن نتجنب الخطر وننأى بأنفسنا عن موضع التجربة، فإننا سنجنى كل الخير. هكذا فعل يوسف فلمع اسمه كأفضل من كانت له حكمة الحية فى الهروب من الخطر.
أما الأمر العجيب حقاً والمحير فعلا أن الرب يسوع قبل لأجلنا، ولكيما يفدينا، أن يشبّه بالحية. وذلك عندما قال لنيقوديموس «وكما رفع موسى الحية فى البرية هكذا ينبغى أن يرفع ابن الإنسان، لكى لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية» (يوحنا 3: 14 ،15)، وذلك فى إشارة منه إلى ما حدث قديماً أيام موسى، عندما تذمر الشعب على الله، فأرسل إليهم حيات محرقة لدغت الكثيرين من الشعب. ولما صرخ الشعب إلى موسى، وصرخ موسى إلى الرب، فإنه أمره أن يصنع حية من نحاس، لها شكل الحية لكنها خالية من السم، ويكون أن كل من تلدغه الحيات المحرقة وينظر إلى حية النحاس يحيا. وكان فى هذا رمز للمسيح الذى قبل بموته على الصليب أن يصير لعنة لأجلنا ليرفع اللعنة عنا (غلاطية3: 13).
وكما لم تكن هناك وسيلة لخلاص الملدوغين بالحيات على عهد موسى إلا فى النظر لهذه الحية النحاسية المرفوعة على الراية العالية، هكذا اليوم لا توجد وسيلة للخلاص من سموم الشيطان إلا فى الإيمان بالرب يسوع المسيح الذى يكرز به فى كل العالم.