التعامل مع التمرد
كيف يتعامل الشاب أو الشابة مع نفسه عندما يشعر بالميول العنيفة لعدم الطاعة فى كيانه؟ وكيف يستفيد من رغبات التمرد فى داخله؟
* إذا وجدت فى نفسك رغبة مُلِحة أن تقول "لا" أحياناً، وأن لا تُنفذ مطالب والديك أو المسئولين عنك، فلا تستغرب من نفسك ولا تعتبر نفسك شاذاً، فهذا شعور طبيعى واحتياج طبيعى لك ولكل من فى هذه السن. وتذكر أن أغلب حالات التمرد هذه - طالما هى فى الحدود الطبيعية - تنتهى تلقائياً بتحقيق الغرض منها، وذلك بانتهاء مرحلة المراهقة .
.* الاستخدام الجيد لهذه الرغبات ينتج فوائد نفسية رائعة تعتمد عليها الشخصية كل الحياة مثل: القدرة على التحكم فى النفس، القدرة على تحمل المسئولية، القدرة على اتخاذ القرار والخروج من التبعية للآخرين؛ فإن كنت لا تستهجن هذه الرغبات فى كيانك، لكن من الناحية الأخرى لاتستسلم لها، بل تعرف أن تمسك بزمام الأمر، وتستخدم ذهنك لتقرر متى تقول "لا" ومتى لا تقولها، عندئذ تنمو إرادتك فى الطريق الصحيح.
* حاول أن لا تقارن نفسك بأحد فى هذا الأمر، لأن الاستفادة من هذه المرحلة تختلف من شخص لآخر. فشخص بسهولة يتعامل مع نفسه، يرفض هذا ويقبل ذاك، وآخر جذور العناد عنده عميقة، فيكون تمرده أوضح وأعمق، وثالث مستسلم فى كل شىء. لكن طالما فى الحدود الطبيعية، فالكل سينتهى بنتائج مفيدة، حتى وإن طال الوقت بالنسبة للبعض وقصر لآخرين.
*ثقتك فى المحيطين بك ومحبتهم لك تساعدك على أن لا تستسلم لتمردك، وعلى انتهاء هذه المرحلة. فتعلّم كيف تتناقش معهم فى كل شئ وتوفق بين استخدام إرادتك والطاعة لهم.
* ضع فى ذهنك أن الخضوع والطاعة مبدأ كتابى هام، وأن الله أعطى ترتيباً للسلطات على الأرض: فى المنزل حيث الزوجة خاضعة للزوج، والأولاد خاضعون لوالديهم فى كل شئ، أو العمل حيث يوجد رئيس ومرؤوس. وبالنسبة لك يظل المبدأ الكتابى الهام «أطيعوا والديكم فى كل شئ» (كولوسى 3: 20).
* روحياً أيضاً: تكون الإرادة القوية فى المؤمن، عندما يتبع الرب بها، مستقلاً عن الآخرين، تكون واحدة من المقومات الروحية الهامة فى حياة المؤمن. فالله الذى يرفض ويكره جداً التمرد (كواحد من نتائج الجسد البغيض) والاعتداد بالذات والاستقلال عنه، يُسرّ بأن المؤمن يفعل أموره ويتبعه بإرادة قوية «توكل على الرب بكل قلبك وعلى فهمك لا تعتمد» (أمثال 3: 5)، حتى فى استنادى عليه هو يريدنى أن أفعل ذلك بكل الإرادة فى كيانى. وكل أموره التى يصنعها فى المؤمن يحرك إرادته فيها «الله هو العامل فيكم أن تريدوا (أولاً) وأن تعملوا» (فيلبى 2: 13)، وبالتالى هو يستخدم احتياجك النفسى للاستقلال الذى يبدأ على شكل تمرد، يستخدمه لتدريب إرادتك روحياً لتستخدمها فى أمور الله.
* كما يمكنك أن تستخدم نزعات التمرد فى كيانك للتعامل مع نفسك، وتهدئ ما يعتمل فى نفسك من نزعات تمرد لا تقبلها، وبدلاً من أن تقول لوالديك "لا"، تتعلم روحياً متى تقولها لنفسك «بل هدأت وسكت نفسى كفطيم نحو أمه نفسى نحوى كفطيم» (مزمور 131: 2).
* كما أن هذه المرحلة فيها شئ من اختبار عجز الشاب أو الشابة عن مواجهة أبسط الرغبات فى كيانه. فأحياناً يرغب الشخص فى أن يمنع نفسه من أن يقول "لا" لوالديه، ولكن يعجز عن ذلك. وهذا درس هام فى الروحيات.
* تستطيع أيضاً عندما تجد نفسك منتقَداً من الآخرين، وغير قادر على نفسك، أن تلجأ إلى الرب. من ناحية تشعر أنه يحبك أكثر من الجميع حتى والديك، ويحبك رغم تمردك ورغم ما تكتشفه فى نفسك. وهو فى صفّك عندما تشعر أن كل الآخرين تخلوا عنك ورفضوك بسبب تمردك. ومن ناحية أخرى ترتمى عليه وتتمسك به، فتتعلم أن يكون هو مصدر قوتك وفيه الكفاية لك عندما تنضب جميع المصادر الأخرى.
* هناك طرق إلهية كثيرة لاستخدام نزعاتنا الطبيعية الموجودة لنمونا النفسى، واستخدامها بطريقة صحيحة لتدريبنا ولتكون بركة لنا، وإرجاع حتى أكبر المتمردين عن التمادى فى طريقه، واستخدامها للخير لنا. لكن هذه الطرق كلها تبدأ بالشعور بالخطأ، والرغبة فى تغيير خط السير، ثم الشعور بالعجز والارتماء على الرب مصدر القوة، ثم الرجوع عن الطريق القديم. وكل مرحلة من هذه المراحل قد تأخذ شيئاً من الوقت.