من مدة ليست قصيرة وملايين كثيرة تعد العدة لهذا الحدث. وكل الألسنة تردد: "الكأس...الكأس".
وكل واحد في داخله رغبة مختلفة عن الآخر..
فواحد يحلم بشرف حمل هذه الكأس أمام الملايين وهو يتسلمها من يد الرئيس. وآخر يتمنى أن ينهى مشواره الكروى بشرف تمثيل بلاده وسط الأبطال. وثالث يتطلع لدخول عالم الشهرة والتاريخ وهو في هذا السن الصغير، لمجرد أنه شارك في هذا الحدث العالمى، فيصنع لنفسه مستقبلاً باهراً. ورابع يتهيأ لإشباع عينيه بوجبة دسمة من مشاهدة الكأس وصراع الأقوياء عليه.
ودارت عقارب الساعة مع حماسة الجماهير، وفرّ الزمن، وسمع الجميع صفارة النهاية؛ فلكل شىء نهاية.
وأخيراً أصبح الكأس مجرد ذكرى. وتباينت ردود الأفعال؛ فواحد يهنئ نفسه لأنه فاز بالكأس، وآخر ينعى حظه لأنه أضاع فرصة عمره بركلة رعناء، وثالث يرى أنه حقق خطوة للأمام، ورابع آثر الانسحاب من تحت الأضواء.
وتمر الأيام وتخبو أفراح الكأس وأحزانه؛ فمن فاز به اليوم قد يضيع منه الكأس في الجولة القادمة، ومن خسر أمامه فرصة للتعويض في دورة ثانية.
صديقي: إن هذا يأخذنا لكأس أخرى ليست عالمية زائلة بل أبدية دائمة.
إن من يقبل إلي المسيح، «رئيس ملوك الأرض» (رؤيا1: 5 )، ويؤمن به، ينال أعظم شرف يبقى ولا يزول إذ يستلم من يده كأساً ما أروعها هي «كأس الخلاص» (مزمور 116: 31). إنها كأس ملآنة من خلاص عظيم القدر (عبرانيين2: 3 )، خلاص كامل شامل أبدى، خلاص يكفى للماضى والحاضر والمستقبل (عبرانيين7: 52 )، يضمنه ويحفظه الرب لك إذ تأتى إليه.
فهل تقبَل هذا الشرف وتضمن نهاية سعيدة لحياتك الأرضية بتمتع أبدى مع المؤمنين بالمسيح في بيت الآب، فتفوز بحاضرك ومستقبلك مع المسيح؟ وهل تُقبل إليه وأنت في أيام الشباب، لا ليُخلَّد اسمك في سجل أرضى، بل لتفرح بالحرى أن اسمك مكتوب فى سفر الحياة؟ هل تتطلع لإشباع عينيك وقلبك برؤيا المسيح وإختبار الفرح الكامل (يوحنا20: 20 ).
إنها كأس لا يدور عليها الزمن، بل يدوم تمتعك بها في الأبدية التي لا تنتهى. كأس لا يستطيع أحد أن يخطفها منك أو يحرمك من أفراحها. إنها كأس تكفى للملايين لتدخل السرور والشبع إلى قلوبهم. ولكنها أيضاً كأس إن ضاعت منك الآن لن تجد فرصة أخري لتعويضها بعد أن يكون الباب قد أغلق. فليس لك إلا عمراً واحداً؛ إما أن تنالها فيه، أو تخسر الكل، والعمر يمضى سريعاً وينتهى فى لحظة فلا يعود. عجبى على ملايين الشباب الذين يهتمون ويفكرون في كأس زائلة، لن يصيبهم منها سوى مشهد عابر علي شاشات التليفزيون، أو صورة علي صفحات الجرائد، كأس لم تكلف من أعدها سوي بعض الترتيبات والدولارت؛ ويهملون كأساً باقية معدة لتكون نصيباً خاصاً لكل واحد (مزمور 61: 5)، كأس كلفت المسيح موت الصليب وسفك دمه الكريم، تجرع كأس مُرة ليسقى كل من يقبله كأس الخلاص ببهجتها وأفراحها. وأخيراً أحذرك يا صديقى أن من يرفض كأس الخلاص بإرادته فله هناك كأس أخري معدة له سيتناولها في يوم قادم من يد الرب يقول عنها الكتاب «في يد الرب كأساً وخمرها مختمرة ملآنة شراباً ممزوجاً وهو يسكب منها. لكن عكرها يمصه يشربه كل أشرار الأرض» (مزمور75: 8 ). إنها كأس غضب الله المصبوب صرفاً (اقرأ رؤيا14: 10 ، 16: 19 ، 18: 6)، وهل تدرك معنى غضب الله؟ اعلم أنه «مخيف هو الوقوع فى يدى الله الحى» (عبرانيين 10: 13).
أى الكئوس يبغى قلبك؟ وإلى إى منها تسعى؟ هل تتناول من يد الرب كأس الخلاص، فيكون لك الفوز الحقيقى الدائم؟ أم تنشغل بكئوس أخرى حتى تفاجأ بأنه عليك أن تتجرع كأس الغضب عن آخرها، ويومها لا اختيار؟
ليتك تكون حكيماً وتحسن الاختيار