. بينى وبينك p عندى كلمة أخيرة أقولها لك لأختم بها حوارنا الطويل الذى بدأناه منذ زمن عن العلاقات مع الآخرين.
(هكذا بدأ الشيخ مستكملاً حديثه مع صديقه الشاب)
* تفضل يا عزيزى. إنى فى اشتياق لأن أستكمل سماعك فى هذا الصدد، فكم انتفعت من نصحك، وقد أثر إيجابياً على علاقاتى بالآخرين.
- ألخص ما أريد أن أقول فى عبارة واحدة "كن بنّاءً لا هادماً".
*هل تتكرم بالتوضيح.
-أنت تعلم يا صديقى أننا بالطبيعة أكثر ميلاً إلى نقد الآخرين، ولاسيما أننا دائماً نجد ما نَنتقد عليه.
* بالطبع، وأنا شخصياً كثيراً ما وجدت أخطاء فى الآخرين وانتقدتها.
- والنقد دائماً هو الأسهل، كما أن الهدم فى كل الأحوال أيسر وأسرع من البناء. ولذلك فإن كثير النقد ليس بأنفع الشخصيات فى التعامل مع الأمور. ولكن بكل تأكيد هناك طريقاً أكثر نفعاً، علينا أن نسلكه إزاء أخطاء الآخرين.
* ولكن أليس الشخص الأكثر انتقاداً هو الأكثر دراية بالصواب والخطأ؟
- بالاختبار يا صديقى أن كثير الانتقاد غالباً ما يفعل ذلك من باب ما يسمونه فى علم النفس "الإسقاط"؛ أى أن الناقد نفسه يرى العيب الذى ينتقده فى نفسه، وكنوع من آليات الدفاع ينتقده فى الآخرين محاولاً بذلك تبرير نفسه. يقول الكتاب «لذلك أنت بلا عذر أيها الإنسان، كل من يدين ... لأنك أنت الذى تدين تفعل تلك الأمور بعينها» (رومية2: 1 ). كما أن الانتقاد الدائم والشكاية المستمرة هما من صفات الشيطان (رؤيا21: 01 ).
*هل أفهم من كلامك أن لا أصلح الأخطاء التى أراها فى من أتعامل معهم؟
- لم أقصد ذلك مطلقاً، لكن لإصلاحك خطأ هناك محاذير ومعايير.
*وماهى هذه المحاذير؟
-افحص دوافعك جيداً لئلا يكون قصدك من تصرفك إثبات ذاتك أو محاولة إبعاد الأنظار عن أخطائك أنت، وليس إصلاح أخيك .
*وما هى المعايير؟
-ابدأ بأن ترى أموراً حسنة فى مَنْ أمامك وتمتدحها، تمثل فى ذلك بطريقة الرب نفسه فى مواجهة الأخطاء (رؤيا2 ، 3).
* وهل أمتدح فى مثل هذا الوقت؟!
-أن كلمة مدح حين يُنتظر النقد، سيكون لها تأثير رائع فى رفع الحواجز بينك وبين من تتعامل معه، فيمكنك بذلك أن توصل إليه البركة. ولا تنس أن كلمة المدح لا تكلفنا الكثير.
* ثم ماذا؟
- واجه الخطأ ذاته وليس المخطئ. أى حاول أن توضح نقاط الخطأ فى الأمر، لا أن تثبت للشخص أنه مذنب.
* وماذا أفعل إزاء الخطأ؟
-وضح طرق علاج هذا الخطأ محاولاً أن تساعده على إصلاحه. وافعل كل ذلك بروح الوداعة (غلاطية 6: 1).
*هذا ما قصدته بالهدم، فماذا تقصد بالبناء؟
-قصدى هو ما قاله الكتاب «ابنوا أحدكم الأخر» (1تسالونيكى5: 11 ). أى كن سبب بركة وتقدم لمن تتعامل معه، روحياً وعملياً.
*كيف يكون ذلك؟
- شاركه بأمور روحية.
* أعطنى أمثلة لكيف يكون ذلك عملياً؟
- شاركه ببعض استفاداتك من خلال قراءة الكتاب المقدس والكتب الروحية. شجعه على حضور الاجتماعات الروحية وناقشه فى ما استفاده منها. صليا معاً. الفت نظره إلى جزء كتابى مناسب لظروف يمر بها. حاول أن تشجعه بأن تلتقيا لتقرآ معاً أو أن تلخص له كتاباً.
* وعملياً؟
- اجتهد أن تكون نافعاً له فى جوانب عملية، فإذا احتاج إلى مساعدة ما، وكان فى مقدورك أن تفعلها فلا تتردد فى ذلك، وأن لم يكن فى مقدورك فصلِّ من أجل هذا الأمر. ولا تنس ما تناقشنا فيه عن أهمية العطاء فى علاقاتنا مع الآخرين.
* دعنى أسألك سؤالاً خطر على بالى عند سماعى بداية كلامك. لماذا بدأت بالقول "عندى كلمة أخيرة"؟
- لأنى أود أن أكتفى بما تكلمنا فى هذا الموضوع لأتركك لتحيا به، ولتتعلم كل يوم الجديد فى علاقاتك مع الآخرين. إن علاقاتنا مع الآخرين تحتاج إلى حكمة من عند الله، لذلك كن قريباً من الرب،
واطلب منه دائماً أن يقودك فى علاقاتك مع الآخرين لتكون سبب بركة لكل من تتعامل معهم.