احمّر وجهها خجلاً، وأجابت وهى تحاول أن تخفى غضبها: أنا شابة طيبة؛ هل سمعت عنى غير ذلك؟ كانت هذه إجابة مارى السكرتيرة الجديدة بمكتب د.ولتر ولسن، الذى لم يشغله عمله كطبيب بالإضافة لأعماله المتشعبة عن أن يترك واحداً ممن يقابلهم دون أن يوجه أفكاره إلى الله ويدعوه للحياة مع المسيح.
وكان هذا الصباح هو أول يوم تعمل فيه مارى مع د.ولتر، حيث جلست أمامه فى المكتب وهى تتوقع أن يملى عليها الخطابات الكثيرة التى فى يده. ولكنه بدل من ذلك بادرها بالسؤال: هل أنتِ طيبة أم رديئة؟
ولما رأى د.ولسن أنها غضبت استمر يسألها: ولكن ما هى درجة طيبتك؟ فأجابته بأكثر انفعال: أريد أن أعرّفك أنه لا يوجد أى انحراف فى سلوكى، وأنا أحتج على هذه الأسئلة. فأجابها وهو يبتسم: إذاً اسمحى لى أن أسألك آخر سؤال... صمتت مارى وهى تحاول أن تمسك بلجام لسانها الذى يتأهب للإفراط والشتيمة. ولم ينتظر د.ولتر إجابتها وسألها: كم عمرك يا عزيزتى؟
ازدادت ثورتها، فقررت أن تخرج من المكتب حتى لا تتطاول عليه. ولكنه استمر قائلاً: أظن أنكِ فى الثلاثين من عمرك. وفى الحال أمسك بورقة وقلم وهو يقول: دعينا نحسبها بالورقة والقلم. وبينما هى تحدق النظر فيما يكتب، رأته يكتب 20، وهو يقول: بالتأكيد أن الله سيسامحك على ما فعلتِ فى أول 10أعوام مـن عمـرك لأنـك وقتهـا لم تكونى فى سن المسئولية. ثم كتب 02*365*1=300، 7. وأكمل كلامه: إذاً يا عزيزتى الطيبة، لقد ارتكبتى حتى الآن 300، 7 خطية، هذا بفرض أنكِ لا تعملين أى خطية إلا أن تحلفى مرة واحدة كل يوم، كما سمعتك اليوم تحلفي؛ أليس كذلك؟ بدأت مارى تفهم ما يريده الدكتور، وبينما العرق يتصبب على وجهها، وهى تتنفس بعمق .. آه .. خطية واحدة كل يوم! قال لها: هل هذا كثير؟ قالت له: من فضلك لا تحسب ولا تعد. فأجابها: تسمحى لى أن أحسبها بالورقة والقلم مرة أخرى 02*365*1=300، 7. خطية، هذا لو أنك ارتكبتى 10 خطايا كل يوم. ثم أخرج إنجيله وقرأ لها رومية 6: 32 «لأن أجرة الخطية هى موت وأما هبة الله فهى حياة أبدية بالمسيح يسوع ربنا» ثم شرح لها أن معنى الموت ليس فقط الموت الجسدى ولكنه أيضاً الموت الأدبى (لوقا 15: 32، أفسس 2: 1) ثم الموت الأبدى، أى الطرح فى البحيرة المتقدة بالنار والكبريت (رؤيا 20: 14 ،15).
قالت مارى، والفزع يهز كيانها: ماذا تقصد؟ هل تقصد إننى يجب أن أذهب إلى الجحيم الأبدى 37 ألف مرة. فقال لها: أنا لا أقصد ذلك، لكن الله قال ذلك، ولقد حسبناها بالورقة والقلم. ولكن هناك بشارة سارة؛ لقد احتمل الرب يسوع على الصليب كل آلام الجحيم بدلاً منك «كلنا كغنم ضللنا... والرب وضع عليه إثم جميعنا» (إشعياء 35: 6). فإن قبلتِ المسيح بالإيمان الآن يخلصك من كل خطاياك ودينونتها .. هل تقبليه؟ .. بعد صمت طويل أجابت مارى: ليس اليوم .. أحتاج أن أفكر أكثر لأتخذ قرارى، وعند ذلك قرأ لها الخطابات لتقوم بعملها. جاءت مارى مبكرة فى اليوم التالى والإعياء ألقى بظلاله عليها، فلقد أصابها الأرق ولم تنم لحظة واحدة منذ الأمس. نعم، لقد استيقظت تحت تبكيت الروح القدس؛ وها هى جبال خطاياها تعلو إلى عنان السماء، فهى ليست 37 ألف خطية كما حسبها لها د.ولتر، ولكن قلم وورقة الروح القدس كشفا لها ملايين الخطايا. فسألت الدكتور ولتر قبل أن يكلمها: أريد أن أتأكد من الإنجيل أنه إن قبلت المسيح بالإيمان سيغفر لى هذه الجبال من الخطايا. نعم أنا أشعر أنى أشر إنسانة على وجه الأرض، ووقتها قال لها د.ولتر: اهدأى؛ إن الكتاب المقدس يؤكد أن الله عندما يغفر الخطايا لا يعود يذكرها (إشعياء 34: 52) بل يقول عنها «كبُعد المشرق عن المغرب أبعد عنا معاصينا» (مزمور103: 31، انظر أيضاً* إشعياء44: 22، 83: 71 ، ميخا7: 91) كانت هذه الآيات أعظم دواء لمارى التى صلـَّت مع د. ولتر وقَبِلت المسيح فى حياتها، وانتهى الحساب بالورقة والقلم وحتى فى الدفاتر الإلهية .. «إذاً لا شئ من الدينونة الآن على الذين هم فى المسيح يسوع» (رومية8: 1 ).
صديقى .. صديقتى .. هل تحسبها بالورقة والقلم وتصلى معى الآن .. صلاة: يارب يسوع .. قلبى ينحنى بأحمال كالجبال .. فأغوص فى الخطية والأوحال فاغفر لى وجدد لى الآمال لأعيش لك فى كل الأحوال. آمين،،