اندهش المستمعون فى إحدى الكنائس من الواعظ الشاب، وهو يؤكد فى عظته أنه زار لندن الأسبوع الماضى، الأمر الذى لم يحدث أبداً. وبسؤال الواعظ، اعترف بأنه نقل عظة كاملة لأحد الخدام الأجانب؛ وهكذا لبس الخادم ثياب ليست ثيابه. فيا للمهزلة! أما بطل حلقتنا، ذلك الغلام الأشقر، حلو العينين، فقاوم إغراءات الجسد وبعزيمة فولاذية خلع ملابس الحرب الملكية. كان داود بن يس قد جاء ليسأل عن أخوته فى الحرب إطاعة لأمر أبيه (اصم 17)، وإذا بمبارز يتحدى الشعب ويعيره، فخافوا وهربوا. أما داود فغار غيرة الرب، وصمم على مبارزته وقتله، فأحضروه إلى الملك شاول، فألبسه ملابسه الحربية إلا أن داود نزعها عنه. والسؤال هو : ما الذى جعل داود يرفض ملابس القائد الأعلى للقوات المسلحة وقتئذ؟
أولاً: لأن لداود ملابسه الخاصة
لكل منا مواهبه وإمكانياته؛ لذلك رفض داود ملابس شاول وكأنه يقول: لى جلبابى ومقلاعى ويُسرّ الله أن يستخدمنى بهما، ليكون فضل القوة لله لا منا (2كورنثوس 4: 7). وهكذا نجح داود فيما فشل فيه يعقوب بن اسحق الذى لبس ملابس أخيه، مستغلاً عجز أبيه، ليسرق منه البركة فى مكر وخداع؛ ولا عجب من أن تكون حياته كلها إضطراب ونزاع.
ثانياًً: لأن له تدريباته الخاصة
بخطوات ثابتة تقدم داود نحو جليات ولعله كان يناجى الرب قائلاً سيدى : يا من أعنتنى فى قتل الأسد والدب لإنقاذ شاة من قطيع أبى. ها هو أسد جت يزأر ملتمساً ابتلاع شعبك وقطيعك الذى أحببته وفديته؛ ها المقلاع والحجر، أما النصرة فمنك يا صخرتى. آه لو لبس داود ثياباً غير ثيابه، لا أقول أنه كان سيخسر المعركة، لكنه بالتأكيد كان سيخسر أحلى الاختبارات وأمجدها.
ثالثاً: لأن له قوة اسم رب الجنود بعد أن أفرغ جليات كل ما عنده من تهديد ووعيد، تقدم داود نحوه باسم رب الجنود، فقتله، وقطع رأسه، ويمكننا نحن أيضاً استخدام قوة هذا الاسم، طالما كانت بواعثنا نقية. أما أولاد سكاوا فحاولوا تقليد بولس فى إخراج الشياطين من إنسان، فوثب عليهم حتى هربوا عراة مجروحين (أعمال19: 13 -17). صديقى، احذر من تقليد الآخرين. فالرب يريدنا كما نحن، وتذكر أنه بإمكان أى طفل أن يضغط على زر صغير ليحرك أضخم السفن، وكذلك كل فتى تعلم فن الاتكال على الله يمكنه أن يغلب الجسد والعالم والشيطان. لذلك يقول الكتاب: «اذهب بقوتك... هذه أما أرسلتك؟» (قضاة6: 41 ).
ليتك تذهب