يوجد سفران فى الكتاب يسمى كل منهما باسم امرأة، أحدهما هو سفر أستير؛ وهى فتاة يهودية فقيرة لكن عناية الله دبرت لها الزواج من أعظم ملك أممى فى وقتها، والثانى هو سفر راعوث؛ وهى فتاة أممية فقيرة لكن نعمة الله دبرت لها الزواج من رجل يهودى لتصبح جدة لداود أعظم ملك فى إسرائيل، بل جدة لملك الملوك الرب يسوع المسيح؛ ويرد اسمها فى سلسلة نسبه فى متى1. لكن يتميز سفر راعوث بأنه السفر الوحيد فى كل الكتاب الذى تدور كل أحداثه حول تاريخ امرأة.
موضوعه
يسجل قصة أسرة من شعب الله من سبط يهوذا، ارتحلت إلى موآب بسبب الجوع فى مدينتهم بيت لحم. وهناك مات الرجل، إلا أن الزوجة لم تعد بل أخذت لابنيها زوجتين من هناك، وجاء الموت مرة أخرى ليأخذ الولدين، فتُركت المرأة من رجلها وولديها. وعندئذ قامت المرأة لترجع لبيت لحم فلصقت بها إحدى كنتيها وهى راعوث، وعادت معها، أرملة فقيرة غريبة معدمة ليس لها أى حق فى بركات إسرائيل؛ لكن نعمة الله دبرت لها الزواج من أعظم وأغنى رجال المدينة لكى تمتلك كل شىء.
زمن أحداثه
جرت أحداثه كما يتضح من أول عدد فيه فى زمن حكم القضاة؛ أشد أزمنة إسرائيل خراباً وفساداً، ويرجح أن الذى كتبه هو صموئيل النبى، وكتبه بعد مسح داود ملكاً
أهميته
1- هو أول سفر يذكر لنا سلسلة نسب داود الملك )راعوث4)، والتى هى نفسها بداية سلسلة نسب المسيح الذى هو ابن داود )متى1).
2- هو أروع قطعة أدبية سجلها قلم إنسان كقصة قصيرة؛ بشهادة نادى لندن للأدب فى القرن الثامن عشر، والذى كان معظم أعضاؤه لا يؤمنون بالكتاب.
3- هو أجمل سفر يبرز حلاوة العلاقات الإنسانية عندما تكون فى خوف الله، مثل علاقة الزوج بزوجته، والكنة بحماتها، والإنسان بجيرانه، وصاحب العمل بعماله... الخ.
4- هو أقوى سفر يثبت أنه فى أشد العصور ظلاماً وفجوراً وابتعاداً عن الله، يوجد أشخاص أتقياء يعيشون كما يريد الرب بالتمام، بل ويقودون غيرهم إلى ذات هذه العيشة المقدسة.
5- هو أكثر أسفار الكتاب إثباتاً لأن نعمة الله تصل للأمم، فالتى منع الناموس دخولها لجماعة الرب حتى الجيل العاشر لكونها موأبية (تثنية 32: 3)، تدخلها النعمة ليس فقط إلى جماعة الرب بل تجعلها جدة للمسيا الملك.
6- هو من أحلى أسفار الكتاب التى ترينا أهمية التعليم الرمزى فى الكتاب المقدس.
7- هو الكتاب الوحيد الذى يجسد لنا أسلوب الحياة فى الشرق القديم، موضحاً لنا الكثير من العادات السائدة وقتذاك، ويوضح بصفة خاصة أمر الولى )أى الفادى) والفكاك )أى الفداء) والتى لها معناها الروحى الجميل.
أقسامه
السفر يتكون من أربع أصحاحات ويمكننا أن نقسمه بأكثر من طريقة؛ إلا أنى أفضل الطريقة الآتية:- بما أن السفر يحكى قصة تفاضل النعمة فى ارتباط راعوث التى خسرت كل شيء ولا تستحق شيء ببوعز أغنى وأعظم رجال المدينة ؛ فيمكننا القول أن ص1 يرينا النعمة تصل براعوث إلى مدينة بوعز، وفى ص2 تصل بها إلى حقل بوعز، وفى ص3 تصل بها إلى بيدر بوعز، أما فى ص4 فنراها فى بيت بوعز بل وحضنه.
دروسه النافعة
1- حدوث هذه القصة فى زمن حكم القضاة يجعلنا لا نفشل أبداً من أنفسنا ولا مما حولنا، فمهما تكاثرت السحب واشتد الظلام، تظل هناك نجوماً تلمع فى السماء. كما أنه يجعلنا بلا عذر من جهة إخفاقنا الروحى، إذا تعللنا بصعوبة الأيام التى نعيشها.
2- بينما كان إسرائيل مستمراً فى فشله وخيانته للرب، كان الرب من الجانب الآخر مستمراً فى أعمال عنايته، يجهز العائلة التى منها سيأتى المسيح لبركة شعبه، فما أروع إلهنا.
3-خطورة الابتعاد عن المكان الذى اختاره الرب لنا، حتى ولو كان بحجة البحث عن رغيف الخبز. لقد هرب أليمالك من الجوع فى بيت لحم، فأتاه الموت فى موآب.
4-عظمة نعمة الرب كالراعى الذى يرجعنا إليه إذا ابتعدنا عنه، فنحن الذين نضل وهو الذى يرجعنا.
5-عظمة نعمة الله التى تأتى بأشر الخطاة لترفع عنهم الدينونة التى يستحقونها وتعطهيم كل البركات.
6-لابد أن الرب يكافئ أعمال الإيمان، فراعوث أحبت الرب والتصقت به، ولم تكن تحلم بأى مكافأة، لكن الرب أعطاها أعظم عطية؛ فقد صارت زوجة لأغنى رجل وجدة لأعظم رجل.
7-الصور الرمزية الجميلة تملأ هذا السفر، أذكر لك أسهلها وأوضحها: بوعز جبار البأس يرمز للمسيح القوى الذى استطاع أن يفدينا، فلان الفلانى يرمز للناموس الذى عجز عن أن يخلصنا، راعوث ترمز لكل خاطئ تائب يستند على نعمة ربنا يسوع،...إلخ.
تواريخ وأرقام
جرت أحداث هذا السفر ابتداء من سنة 1322ق.م تقريباً، وتشغل فترة حوالى عشرة سنوات، ورد اسم راعوث 12 مرة فى السفر، وبوعز 20 مرة، والسفر يتكون من 4 أصحاحات و85 عدد ويمكن قراءته فى حوالى ربع ساعة.