إنك لَخادم أبله؛ هكذا وصف أحد أمراء الشرق خادمه، لرعونته وجهله. وفى أحد الأيام جمع الأمير خُدامه، وكان من بينهم الأبله، فناداه وقدم له عصا وقال له:
هذه العصا لك؛ أحتفظ بها، أما إذا وجدت من هو أغبى منك فيمكنك أن تقدمها له.
قهقه الأمير ساخرًا، وضحك الخدام رفقاؤه وهم منصرفون، وأسرع الخادم ليحتفظ بالهدية، لعله يجد يومًا من هو أغبى منه فيستحقها.
ومرت الأيام كعادتها، ومرض الأمير مرضًا ألزمه الفراش، وتوافد على القصر الأطباء والأصدقاء بكثرة، فسأل الخادم الأبله أحد زملائه: ما عسى أن يكون هذا؟ أجابه: إن الأمير مريض وحالته خطيرة. فسأله: وهل يمكن لخادم مثلى رؤية الأمير، فشجعه الخادم رفيقه وقال له: إن الأمير كان يستلطفك وقد يسرّه ملقاك. فأسرع الخادم وطرق الباب وسُمح له بالدخول.
فوقف من بعيد وبأدب العبيد قال: سلامتك يا سيدى.
أجابه سيده بأسى: خلاص أنا مسافر. فسأل الخادم: مسافر على فين يا سيدي؟ (ولم ينتظر الإجابة بل استطرد قائلاً) ونحن لم نهيئ العربات والخيول، ولم نذبح الخرفان والعجول ولم...
فقاطعه الأمير بصوت متقطع حزين: يا لك من غبى. إن هذه الرحلة لا يلزمها مواصلات، ولا تحتاج إلى أطعمة ومشروبات... إنها رحلة الأبدية.
وهنا أضاف الخادم سؤالاً، هزّ الأمير هزًا، إذ كان كوقع الصاعقة على قلبه وضميره عندما قال: وهل أنت جاهز لهذه الأبدية يا سيدى؟
تأوه الأمير، وحوّل وجهه نحو الحائط، ولم يجب بشيء، فقد كان رجلاً دنيويًا لا تشغله سوى المصانع والقصور، الأموال والحقول... أما الأبدية فلم تحظَ بتفكيره.
فأدرك الخادم أن سيده تصرف بغباوة ومُنى بخسارة فادحة. فأسرع إلى دولابه، وأحضر العصا، وبلطف تقدم نحو سيده وهو يقول: سيدى، لقد كنت ناجحًا وذكيًا في دنياك. ولكنك أخفقت في آخرتك.
ثم انصرف الخادم تاركًا العصا، لمن هو أغبى منه.
صديقي وصديقتي
بكل الصدق و الحب نسأل: هل أنت جاهز للأبدية؟
نحن مستعدون لمساعدتكم إن طلبت منا ذلك اكتب لنا على عنوان المجلة أو ص.ب9 نجع حمادي
فكيف ننجو نحن إن أهملنا خلاصًا مثل هذا مقداره ( عبرانين 2: 3)