مدينة فيلبى
إحدى مدن مقاطعة مقدونيا (مكدونية) في اليونان، كان اسمها القديم "كرينيدس" وتعنى ينابيع الماء. اشتهرت قديمًا بخصوبة أرضها ووفرة مناجم الذهب والفضة فيها، مما أعطاها أهمية كبيرة لدى فيليب المقدوني، فأسماها على اسمه فيلبى. وقد استولت عليها الامبراطورية الرومانية سنة 168 ق.م. ولكونها بوابة العبور من أسيا إلى أوروبا جعلوها مستعمرة رومانية، وهذا هو المقصود بكلمة «كولونية» فى أعمال16: 12.
كنيسة فيلبى
ذهب إلى فيلبى أربعة مُرسلين أفاضل هم: بولس وسيلا وتيموثاوس ولوقا، وذلك بناء على رؤيا رآها بولس فى ترواس؛ رجل مكدوني يقول له اعبر إلى مكدونية وأعِنّا (أعمال16: 9). وكانت هذه أول زيارة لقارة أوروبا، وهناك فتح الرب قلب ليديا، وبدأت الكنيسة من بيتها. وتميزت هذه الكنيسة بدفء المحبة الأخوية بعضهم لبعض وللرسول بولس (فيلبى 1: 8، 4: 15)، ومشاركتهم وجهادهم في نشر الإنجيل.
ظروف كتابته الرسالة
بعد عشر سنوات تقريبًا من تأسيس الكنيسة هناك، كان بولس مقيدًا في أحد سجون روما، فأرسل الإخوة في فيلبى بعض العطايا مع أخ فاضل، هو أبفرودتس، ليحملها للرسول في سجنه.
غرض كتابته
عندما يفشل الشيطان فى حربه على الكنيسة من الخارج، يحاول أن يحاربها من الداخل. وأشهر سلاح له في ذلك هو زرع الخصومات بين الإخوة. وهذا ما كان قد ابتدأ يفعله بين إخوة فيلبى عامة، ولا سيما بين أختين خادمتين، هما أفودية وسنتيخى. ولهذا كتب الرسول هذه الرسالة لإخوته، وهو يضع نصب عينيه فكرهم ليملأه بالمسيح، وعواطفهم ليملأها بالفرح، وسلوكهم لتميزه الوحدة.
محتويات الرسالة
أدرك الرسول بخبرته أن الخصام والتحزب يسبقه دائمًا حالة من التوتر تسود كمناخ عام بين القديسين، ولقد استشعر بحاسته القوية هذا التوتر بينهم، فكشف لهم أسبابه وقدم لهم علاجه كالآتي :-
الإصحاح الأول : عيشة البعض لأجل ذواتهم وليس لأجل المسيح يجعلهم دائمًا متوترين، إذ يستشعرون دائمًا خطر المنافسة، وهؤلاء بتوترهم يصيبون الباقين بحالة من التوتر، فيزداد الاحتكاك ويتولـَّد الانقسام. والعلاج الوحيد هو العيشة لا لأنفسنا؛ بل للمسيح. وقدم الرسول نفسه كمثال، كيف قابل هؤلاء الذين يعيشون لأجل أنفسهم، بالفرح وليس بالتوتر، ذلك لأن شعاره كان «ليَّ الحياة هي المسيح» (1: 21)، وليس «لي الحياة هي بولس».
الإصحاح الثاني : مشغولية المؤمن بمواهبه تُصيبه بالعُجب. وهذ يولـِّد فيه حالة من التوتر إذ يجعله دائم الرغبة في الصعود إلى أعلى بين إخوته. ولا علاج لهذا إلا اتّباع المسيح في منهج تفكيره، الذى يتلخص في النزول وليس الصعود، كما هو واضح من سبع خطوات اتضاعه(2: 5 -10). ثم قدم لهم نفسه وتيموثاوس و أبفرودتس كأمثلة اتبعت هذا المنهج.
الإصحاح الثالث : الافتخار عامة، وبالديانة الجسدية خاصة، يملأ النفس بالروح الفريسية، ويجعلها كثيرة الانتقاد للآخرين، مما يوجِد جو من التوتر ويولـِّد الانقسام. وعلاج هذه الحالة كما قدمه الرسول في شيئين؛ أولاً: إدراك أن الامتيازات الجسدية الدينية عبارة عن نفاية ينبغي أن تُطرح تحت الأقدام، لا أن يُفتخر بها. وثانيًا: إدراك عظمة المسيح كربح، وهذا يشفى من التوتر ويعطى سلام وهدوء. وقدم الرسول نفسه كمثال لهذا.
الإصحاح الرابع: الاستسلام لضغوط الحياة وهمومها دون الصلاة واستمداد القوة من المسيح الذى يقوّى، يجعل النفس في حالة توتر ويهيئ المناخ للتحزب والانقسام. والعلاج هو إعلام الله بطلباتنا وانتظاره ليملأ كل احتياجنا مع استمرار الشكر على كل ما عندنا، مهما كان ما ينقصنا. وقد قدَّم الرسول نفسه كمثال لذلك.
عليه يمكننا وضع الرسالة كالآتي :
ص 1 المسيح غرض الحياة ص 2 المسيح مثال الحياة
ص 3 المسيــح ربح الحيــاة ص 4 المسيح قــوة الحيـاة
أهميتها لنا
تُرينا السلوك المسيحي في أسمى صوره الذى ينتج عن مشغولية كاملة بشخص المسيح (الذى يُشار إليه 49 مرة في الرسالة 7×7)، ويجعل الروح القدس غير محزون، فتمتلئ الحياة بالفرح (الذى يُذكر في الرسالة 16 مرة).
تواريخ وأرقام
زار الرسول بولس فيلبى سنة 52 م تقريبًا وكتب لها الرسالة سنة 26 م تقريبًا. والرسالة تحوى 4 أصحاحات، 104 عدد، ويمكن قراءتها في 15 دقيقة.