عبدُ الله يصير ملكًا



  لأول مرة يرى مبروك سيارات فارهة، من فخامتها، والأعلام التي ترفرف على جانبيها، فَهِم أنها تابعة للتشريفات الملكية•
 
 توقفت السيارات، ونزل من إحداها رجل، يبدو من مظهره أنه شخصية رفيعة المستوى؛  اتجه نحو الحارة التي يسكن فيها مبروك، ثم توقف أمام منزله، طرق الباب ففتح مبروك• وبأدب شديد انحنى الرجل أمام مبروك وهو يقول:

                 أنا كبير الحرس الملكي؛  هل جلالتكم مبروك؟

مبروك (متلعثمًا)    :    الجلالة والعزة لله• أنا مبروك

كبير الحرس    :     سيدى لقد وقع عليكم الاختيار لتكون ملكًا للبلاد

مبروك (غير مصدق)    :    أنا؟!  أنا أجلس على العرش، وأتوَّج ملكًا؟!  هذا مستحيل

كبير الحرس    :     إنها أوامر عُليا يا سيدى، وعلىَّ أن أنفذها لا أن أناقشها.

مبروك(وقد أخذه العجب)    :    ولكن كيف يكون ذلك، وأنا لست واحدًا من العائلة المالكة•

كبير الحرس    :     جلالتكم ستعرف كل شيء في وقته• وفى  غمرة الاندهاش تقدم اثنان من رجال القصر، وانحنيا أمام مبروك وفى أيديهم ملابس زاهية وأشياء أخرى ذات بريق.

وراح مبروك يفكر ويفكر وهو يقول في نفسه:  معقول كل هذا المجد.وفى لحظة•• يا للحظ.من الحارة إلى القصر. يا للروعة. سأودع الفقر والقهر، وسأترك الوظيفة الحكومية، ولن أقف في طابور، ولن أركب أتوبيسًا بعد اليوم.ولِمَ لا؟  فأنا ولى عهد البلاد.لا.بل أنا ملكها

استدار مبروك وحاول أن يطلق ضحكة من أعماقه مقلدًا الملوك.وفى سعادة بالغة، وزهو بالغ.همَّ مبروك ليرتدي الملابس الملكية حتى يستقل السيارة الملكية، وإذ بيده تصطدم بكوب الماء الموضوع بجانب سريره، فينسكب مبللاً الفراش.

وبينما مبروك يغط في نوم عميق إذ به يستيقظ بعد حلم العرش الجميل• وكعادته عندما ينتابه الأرق في الليل، يقوم ليصلى ويطلب الرب مؤتى الأغاني في الليل (أيوب 35: 10).

فأحضر كتابه، وجثا على ركبتيه قائلاً:  آه يا سيدى.أعترف لك بأن الحلم كان لذيذًا، وقد تجاوب قلبي معه•.لقد سحرني العرش بعظمته، وخدعتني السيارات بألوانها وأضوائها.وفى صمت تعبدي أنشد: فلتمت كل المطامع مما يُرجى أو يُرام فأنا بالرب قانع والسما لي في الختام
واستكمل حديثه مع الرب قائلاً:  سيدى. يكفيني أن أكون عبدًا لك.وأي شرف للإنسان نظير كونه عبدٌ لله.

ثم قاده روح الله إلى سفر الرؤيا والأصحاح الأول وقرأ «إعلان يسوع المسيح الذى أعطاه إياه الله ليُرى عبيده ما لابد أن يكون عن قريب وبيَّنه .لعبده يوحنا»  استوقفته الآيات، فاستمر مُصليًا: أشكرك يا سيدى لأنك أعلنت لعبدك أعظم الإعلانات•

ثم استمر في القراءة حتى وصل إلى القول «يسوع المسيح. رئيس ملوك الأرض.الذى أحبنا وقد غسّلنا من خطايانا بدمه وجعلنا ملوكًا وكهنة لله أبيه» (رؤيا 1: 5، 6).وهنا تهلل بالروح قائلاً:  شكرًا لك يا سيدى يا مَنْ جعلت العبد ملكًا . وأنت يا سيدى ملك الملوك.وإن كان العالم اليوم يرفضك، وأنا عبدك ملك مجهول وغير متوّج.ولكنى سأصبر معك، وغدًا سأملك أيضًا معك (2تيموثاوس 2: 12).ليس فقط لمدة ألف من السنين (رؤيا20)، بل وإلى أبد الآبدين (رؤيا 22: 5). أنت يا سيدى ديان الأحياء والأموات (2تيموثاوس4: 1) وأنا سأدين معك (1كورنثوس 6: 3).

 ثم ختم مبروك حديثه مع الرب واضطجع بسلام.
صديقي.. يا من وقعت بين يديك هذه المجلة، بل وهذه الصفحة بالذات.إن المسيح ابن الله لازال يحبك، ومهما كانت خطاياك، فدمه يُغسِّلك ويطهرك •• بل ويجعلك ملكًا إن العرش في انتظارك والنعمة تبحث عنك.

فهل أنت كشاول ابن قيس مرتبكًا في البحث عن أشياء فقدتها . لا تزيد عن أُتن ضالة.تعال إلى العرش (اقرأ 1صموئيل9).
أو أنك مثل داود مكتفيًا ببضعة غنيمات قليلة . لا تقنع بها، تعال إلى ما هو أعظم.تعال إلى العرش (اقرأ 1صموئيل61).

أما إذا كنت متألمًا نظير يوسف حيث تركه إخوته وباعوه (تكوين 37: 27)، ثم محبوسًا في السجن ومظلومًا؛ فابشر، لأن آلام الزمان الحاضر لا تُقاس بالمجد العتيد (تكوين 41: 41، رومية8: 18)

لا تقبع بعد اليوم حبيس العبودية والخطية.تعال للمسيح حيث الحرية الحقيقية.
ضع أحلامك على المذبح وسوف تقوم حتمًا . والحلم يصبح حقيقة.