أنا فتاة نشأت في أسرة مؤمنة. وفى أحد الأيام صليت من كل قلبي وطلبت من الرب أن يستلم حياتي وبعدها شعرت بفرح كبير. حتى إنني كنت أرنم وأصلى في أي مكان أوجد فيه. ولكن في أحد الأيام اتصلت بي إحدى صديقاتي وقالت لي أخبارًا غير مُسرّة، وبعد ذلك جلست في جلسة لا تمجد الله، وبعدها لم أعد أشعر بالسرور وانقطعت عن الصلاة، وبدأت أقول لنفسي إنني مؤمنة مزيفة، وإنني لا أصلح لشيء، مع إنني أريد أن أعيش للرب وأخدمه. ماذا أفعل؟
إنني مسرور جدًا لصراحتك ووضوحك مع نفسك، فهذه نقطة أساسية في اتجاه الحياة الصحيحة، والكتاب المقدس يقول « مَنْ يكتم خطاياه لا ينجح، ومَنْ يُقرّ بها ويتركها يُرحم» (أمثال 28: 13). أوَّد أن أوجه نظرك للآتي:
1 - إن أمر علاقتنا مع الرب ونوالنا الحياة الأبدية لا يعتمد في الأساس على المشاعر، بل هو في الأساس عمل إرادي فيه يرجع الإنسان إلى الله معتمدًا على دعوته « تعالوا إلىّ.. وأنا أُريحكم» (متى 11: 28). كما أن الرب لا يرفض أبدًا أيّ إنسان راجع إليه، بل يقول « ومَنْ يُقبل إلىَّ لا أخرجه خارجًا» (يوحنا6: 37). وهكذا مَنْ يأتي إلى الرب بكل قلبه، يحصل على غفران خطاياه ويحصل على الولادة الثانية والحياة الأبدية ولن يهلك إلى الأبد، وأيضًا يسكن فيه الروح القدس ليتمتع ببنوته للآب السماوي.
2 - من الجهة الأخرى؛ إن حصولنا على الولادة الثانية لا يُنهى وجود الطبيعة القديمة الموجودة فينا والتي تميل للخطية. بل هي مازالت موجودة بكل رغباتها وميولها القديمة. لذلك نجد أنه، بعد فترة قصيرة من تمتعنا بفرح الولادة الجديدة، يبدأ إبليس محاولاته لتحريك هذه الطبيعة القديمة، وهذا ما حدث بالنسبة لك عندما تكلمت مع صديقاتك. وماذا تكون النتيجة؟ إحزان الروح القدس الساكن فينا، وعندها نفقد الفرح وحلاوة الحياة الجديدة. ومن الجهة الأخرى يبدأ إبليس في تشكيك المؤمن في وضعه، حتى يزيده ألمًا وتعبًا. لكن ما هو الحل؟ ارجعي إلى 1يوحنا 1: 7-9؛ 2: 1، 2. عليكِ فقط أن تتقدمي إلى الرب معترفة بسقطتك كابنة مع أبيها السماوي، واثقة تمامًا في كفايته لنا لأنه « إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم». ومن جهة أخرى تعلمي درسًا جديدًا في حياتك؛ وهو الابتعاد عن الدخول في شركة أو علاقة مع غير المؤمنين، وأن نحفظ أنفسنا من شرور هذا العالم، ونستمع لهذه النصيحة « احفظ نفسك طاهرًا» (1تيموثاوس 5: 22).
3 - أخيرًا أرجو أن تتذكري أن الإنسان الطبيعي يولد طفلاً صغيرًا، ثم ينمو تدريجيًا حتى يصل إلى البلوغ، وعندها يستطيع أن يعطى طاقاته في الحياة. وهكذا أيضًا في عائلة الله يولد الإنسان طفلاً ثم ينمو تدريجيًا، لذلك يوصينا الكتاب قائلاً « انموا في النعمة وفى معرفة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح» (2بطرس 3: 18). ووسيلة النمو الرئيسية هي التغذي على كلمة الله كما نقرأ في 1بطرس 2: 1، 2 « كأطفال مولودين الآن اشتهوا اللبن العقلي العديم الغش لكى تنموا به». ومن الجهة الأخرى علينا أن نعيش شاهدين بحياتنا وسلوكنا عما فعله الرب في حياتنا، وهكذا ننمو يومًا وراء يوم ويستطيع الرب أن يستخدمنا لخدمته بالطريقة التي يراها هو. لقد قال الرب يسوع للمجنون الذى شفاه في مرقس 5: 19 « اذهب إلى بيتك وإلى أهلك واخبرهم كم صنع الرب بك ورحمك».
س
عليكِ أن تُثبّتي نظرك على الرب دائمًا ولا تعتمدي كثيرًا على مشاعرك الشخصية، واستفيدي من وسائط النعمة الموجودة لنا، وهكذا تحصلي على النمو الحقيقي، وعندها يستخدمك الرب بركة للآخرين.