الاهتمام بالمظهر وطاعة الأسرة
عمرى 16 سنة، أرغب بشدة أن يكون مظهرى وبالذات ملابسى مثل زملائى فى المدرسة، أسرتى تعترض قائلة لى أنت مؤمن ويجب أن يكون لك شخصية مختلفة عن غير المؤمنين. أريد أن أطيعهم ولاأستطيع . ماذا أفعل؟؟
الحقيقة أنى سُررت لرغبتك فى إطاعة أسرتك وسُررت بأسرتك لحرصها على أن يكون مظهرك لائقاً بك كمؤمن وأريد الآن أن أوضح لك جانباً هاماً فى هذا الموضوع.
أولاً : أرجو أن تعلم أن كل زملائك من فتيان وفتيات فى هذا العمر (مرحلة المراهقة) يشعرون برغبة شديدة فى تقليد زملائهم والتشبه بهم من حيث مظهرهم وأسلوب كلامهم، تسريحة شعرهم..، ..إلخ وبالتالى فهؤلاء الذين تريد أن تتشبه بهم هم يشعرون بذات الرغبة أن يتشبهوا بالآخرين.
ثانياً : هل فكَّّرت معى لماذا هذه الرغبة الشديدة؟ ولماذا يشعر الفتى بالرضى عن نفسه إذا حقق تلك الرغبة، ويشعر بالخجل من نفسه إذا استعصى عليه تحقيقها؟ هل لإقتناع فكرى بزملائه وبالتالى بمظهرهم؟ أم لفائدة عملية يحققها من وراء تقليدهم؟ أم ماذا؟؟
فى الواقع أنه لا لإقناع ولا لفائدة، فمثلاً ماالفائدة العملية للفتاة عندما ترتدى ملابس قصيرة تحد من حركتها وتقيدها فى جلستها. أو ماهى الجاذبية التى يكتسبها الفتى إذا ارتدى الجينز مقطوعاً عند الركبة؟! أو ماهو الجمال الذى يبدو فى شاب يقص شعره بالطريقة الحديثة المأخوذة عن عُباد الشيطان فى الغرب؟
بالطبع لافائدة ولا جمال ولا جاذبية ولا أية قيمة راقية فى هذه أو تلك. إذاً لماذا؟؟
لقد أجمع المختصون بدراسة هذه المرحلة من العمر أن السبب الوحيد لهذه الرغبة الشديدة هو «الشعور بالنقص». لكن كيف؟
إن الشعور بالنقص يجعل الفتى أو الفتاة يُقارن نفسه بزملائه، ودائماً يجد نفسه أقل فى شئ ما ربما فى الوسامة، الذكاء، الغنى، العائلة ... إلخ . وعندئذ يشعر بالألم والضيق من نفسه بل ربما يحتقرها ويتصور أن زملاءه ينظرون إليه ويعاملونه على أنه أقل منهم(كما ينظر هو إلى نفسه) وعندما يبدأ فى تحدى هذا الشعور محاولاً الانتصار عليه غالباً مايسلك أسهل الطرق وهو أن يتشبه بزملائه فى كل شئ ليُريح نفسه من عناء الشعور أنه أقل. وربما نلاحظ هذا أنه كلما فعل أو امتلك شيئاً يجعله أكثر تشبهاً بهم يخرج ليسير بينهم مُختالاً بنفسه عاملاً ضجة حوله راغباً فى لفت الأنظار إليه وكأنه يريد أن يقول لهم أنظروا إلىَّ هاأنا قد صرت مثلكم أنا لست أقل منكم. هذا هو ياصديقى السبب وراء هذه الرغبة الشديدة التى عندك.
والآن ربما تقول لى وماذا بعد أن فهمت السبب. ماذا أفعل؟ ... أقول لك:
1 - إن فهمك سبب هذا الشعور ينبغى أن يجعلك تسلك طريقاً صحيحاً لعلاج هذا الشعور بدلاً من التشبُه بزملائك فى كل شئ وهكذا تقِّل عندك هذه الرغبة.
2 - سلِّح نفسك بكل ماهو جاد وله قيمة عملية وروحية لكى تتخلص من هذا الشعور.
3 - عندما تُدرك أبعاد قيمتك كإنسان فى المسيح ستشعر بالعظمة الحقيقية التى أعطاها الرب لك بالنعمة. وبالتالى ستصلى لأجل الناس لكى يكونوا مثلك لا أن تكون أنت مثلهم (الأعمال 26: 29).
ثالثاً : إن هذا المنظر العصرى الذى ترغب فيه، كثيراً مايخفى وراءه كمية كبيرة من الجهل والتخلف وعدم النضوج بينما كم من أناس مظهرهم بسيط بلا أى تكلف لكن وراء هذا المظهر نفوساً راضية ناضجة لاتشعر بالنقص.
رابعاً : الله يتوقع منا وقد صرنا أولاداً له أن تكون نظرتنا إلى الأمور أرقى من ذلك. وبالطبع ليس هذا معناه أن لايهتم المؤمن بملابسه فيُهمل مظهره. فالهندام غير المرتب ليس من التقوى فى شئ، فليكن مظهرك بسيطاً ينم عن ذوق سليم ونفس مستريحة هادئة لاتشعر بالنقص فتجرى فى لهفة لتتشبه بالآخرين، بل فى شعور بعظمة ماهى عليه تؤثر فى الآخرين ليتشبهوا هم بها. إقرأ من فضلك الأجزاء التالية: {أفسس4: 17-20 ؛ دانيال1" رومية16: 2 ؛ 1بطرس4: 4،5}.
ويضيف الأخ عصام عزت
مادمت لاحظت رغباتك الإنسانية الصحيحة فى أن تتشبه بزملائك فإنك إذا تأملت نفسك بأكثر عمق ستجد فى داخلك رغائب تعبر عن الطبيعة الجديدة التى فيك. الأهم من التشبه بزملائك (مع أن هذا ميل طبيعى) هو التشبه بالرب الذى قال «تعلموا منى» (متى11)، عندئذ سيكون فيك حنين أن تكون ملابسك هى التى قال عنها الكتاب «فالبسوا كمختارى الله القديسين المحبوبين أحشاء رأفات ولطفاً وتواضعاً ووداعة وطول أناة» (كولوسى3: 12). أنت تريد أن تطيع والديك وهذا حسن، لكن الأهم من ذلك هو أن تطيع الكتاب. فإذا أفسحت له المجال ستنفذ بكل سرور القول «ولا تشاكلوا هذا الدهر. بل تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم» (رومية12: 2).
لك رغبة فى التشبه بالآخرين، لكن رغائب الطبيعة الجديدة هى أن تكون أنت قدوة ليتشبه الآخرون بك سواء فى المظهر أو فى السلوك - أنظر ماقاله الرسول لمؤمنى تسالونيكى وكانوا حديثى الإيمان «حتى صرتم قدوة لجميع الذين يؤمنون» (1تسالونيكى1: 7).
شئ آخر ألفت نظرك إليه. إذا أطعت رغائبك الإنسانية لكى تعالج الشعور بالنقص، فهذا الشعور لن يعالج بل ستكون أكثر عطشاً بعد تنفيذه، لتنفيذ رغائب أخرى. أما إذا أطعت رغائب الحياة الإلهية فستنعم بالسعادة وراحة القلب واستقرار الضمير وهذا سيقودك لمزيد من النمو الروحى.