ماذا لا تخشيان أن تتكلما على عبدى؟
هذه مجموعة من الأسئلة الفاحصة التي وجهها الله لشخصيات متعددة عبر الزمان، ودوّنت في الكتاب المقدس. دعونا نفترض أنها موجهة لكل واحد منا، فماذا ستكون إجابتنا؟
لماذا لا تخشيان أن تتكلما على عبدى؟
هذا السؤال وجّهه الله إلى مريم وهارون أخوى موسى، كما جاء في سفر العدد 21. لقد تزوج موسى امرأة كوشية، فلم يعجب ذلك مريم وهارون، وبدلاً من أن يناقشا الأمر معه، تكلما عليه بالنميمة والمذمة، ولم يعلم موسى بذلك. لكن بالطبع سمع الله فغضب. هل تعرف ماذا فعل؟ ظهر لهم جميعاً ووجّه لهما هذا السؤال «لماذا لا تخشيان أن تتكلما على عبدى موسى؟». ثم وبّخهما وضرب مريم بالبرص لمدة أسبوع كامل. إنه درس خطير يريد الله أن يعلمنا إياه.
أولاً: الكلام وخطورته :
1- الله يعرف كل كلمة في لساننا. نقرأ في مزمور139: 4 «لأنه ليس كلمة في لساني إلا وأنت يا رب عرفتها كلها».
2- سيحاسب الله الإنسان على كلمات فمه أيضاً، وليس فقط على أعماله؛ إذ نقرأ «كل كلمة بطالة يتكلم بها الناس، سوف يُعطون عنها حساباً يوم الدين.
لأنك بكلامك تتبرر وبكلامك تُدان» (متى12: 36)، وكذلك «ويعاقب .. على جميع الكلمات الصعبة التي تكلم بها عليه خطاة فجار» (يهوذا 15).
3- الكلام وسيلة لسعادة الإنسان أو شقائه. يقول الحكيم في أمثال 18: 21 «الموت والحياة في يد اللسان، وأحباؤه يأكلون ثمره». وكذلك «مَنْ يحفظ فمه يحفظ نفسه. من يشحر شفتيه (يفتح فمه متهوراً) فله هلاك» (أمثال 31: 3).
4- الكلام إما أن يصنع سلاماً أو هياجاً وغضباً. فبكلامك، إما أن تكون صانع سلام بين الناس، أو مهيج خصومات بينهم. «الجواب الليّن يصرف الغضب والكلام الموجع (القارص) يهيّج السخط» (أمثال15: 1).
5 - إما أن يكون الكلام وسيلة لشفاء جروح الآخرين أو زيادتها. كم من كلمات نقولها بدون انتباه، لكنها تترك جروحاً عميقة في نفوس مستمعيها. يقول الحكيم «يوجد مَنْ يَهْذُر مثل طعن السيف، أما لسان الحكماء فشفاء» (أمثال 12: 18).
6 - الكلام أحد الأسباب الرئيسية للخصام والانشقاق: إن كلام النميمة والكذب هو مشاركة في عمل إبليس الذى يريد أن يفرّق بين الإخوة. «رجل الأكاذيب يُطلق الخصومة، والنمّام يفرِّق الأصدقاء» (أمثال 16: 28). وأيضاً «مَنْ يكرر أمراً يفرِّق بين الأصدقاء» (أمثال17: 9).
7 - الكلام الصحيح سبب بركة وحياة للآخرين. «فم الصديق ينبوع حياة .. لسان الصديق فضة مختارة .. شفتا الصديق تهديان كثيرين» (أمثال 10: 11 ،20 ،21).
ثانياً : الكلام وأسلوبه:
1- ابتعد عن كثرة الكلام، ولتكن الكلمة في وقتها ومحلها. يقول الحكيم في أمثال 10: 19 «كثرة الكلام لا تخلو من معصية، أما الضباط شفتيه فعاقل». وكذلك «الكلمة في وقتها ما أحسنها» (أمثال15: 23)، و«تفاح من ذهب في مصوغ من فضة، كلمة مقولة في محلها» (أمثال5 2: 11).
2- ابتعد عن الكذب بكل أنواعه مهما كانت أسبابه: يوصينا الكتاب «لذلك اطرحوا عنكم الكذب وتكلموا بالصدق كل واحد مع قريبه» (أفسس4: 25). وكذلك «كراهة الرب شفتا كذب، أما العاملون بالصدق فرضاه» (أمثال21: 22).
3- ليكن كلامنا حسب الحاجة صالحاً للبنيان. يوصينا الرب «لا تخرج كلمة ردية من أفواهكم، بل كل ما كان صالحاً للبنيان حسب الحاجة كي يعطى نعمة للسامعين» (أفسس4: 29).
أخيراً: ما هو موقفك من الآخرين؟
1- هل تتكلم على أخيك، أم مع أخيك؟ هل أسلوب حياتك الكلام على الآخرين ومن ورائهم؟ احذر، لأنك تشارك إبليس في عمله. هل تذكر ما عمله عندما جاء ليشتكي على أيوب أمام الله (أيوب 1: 8-11). إذا اكتشفت خطأ في حياة أخيك، هل تذهب إليه لمساعدته أم تشهّر بذلك أمام الآخرين؟ يحذر الرب قائلاً «تجلس تتكلم على أخيك، لابن أمك تضع معثرة. هذه صنعت وسكت. ظننت أنى مثلك؛ أوبخك وأصف خطاياك أمام عينيك» (مزمور50: 20 ،21). لماذا لا تفعل ما قاله الرب في متى18: 15 «إن أخطأ إليك أخوك، فاذهب وعاتبه بينك وبينه وحدكما».
2 - هل تتكلم على أخيك، أم عن أخيك؟ ما هو موقفك عندما يُذكر اسم أخ لك في جلسة ما؟ هل تذكر الأمور الحسنة فيه، أم الأخطاء والزلات التي تعرفها في حياته؟ هل تحاول أن ترفع من قيمة أخيك أمام الآخرين، أم تحاول التقليل منه بسبب خلاف بينكما أو بسبب الغيرة والحسد؟ تعلم من الرب الذى عندما تكلم عن موسى لم يتكلم إلا عن أمانته وحياته الفاضلة. لماذا لا تكون صلاتك دائماً «اجعل يارب حارساً لفمى. احفظ باب شفتىّ» (مزمور 141: 3).