هذا الموضوع هو الحلقة الثالثة في موضوع ضبط النفس؛ وقد تحدثنا سابقاً عن موضوع ضبط الأفكار، وضبط الانفعالات (الغضب)، وفى هذا المقال نتكلم عن ضبط اللسان.
ما الذي أراه علي لسانك؟
لعلك تعلم أن حالة اللسان تساعد على تشخيص الأمراض. والفحص الإكلينيكي لأى مريض لابد أن يشتمل على فحص اللسان. كذلك في الحياة المسيحية تظهر حالة الإنسان الروحية من نوعيه كلامه.
ديانة باطلة:
«إن كان أحد فيكم يظن أنه دَيِّن وهو ليس يلجم لسانه بل يخدع قلبه، فديانة هذا باطلة» (يعقوب 1: 26).
يهتم الكثيرون في ديانتهم بالممارسات الشكلية والأنشطة الروحية، كحضور الاجتماعات والاشتراك في فرق الترنيم والحرص على الخدمة بين الأطفال والأحداث، لكن المحك لحقيقة علاقتهم مع الله هو كيفية تحكمهم في كلامهم وضبطهم للسانهم. لماذا؟ لأن الإنسان بطبيعته يميل إلى التدين، والجسد في الإنسان يمكنه أن يصلى ويرنم ويعظ أيضاً، دون أن يكون في خضوع للمسيح. أما الشخص الذى نال الحياة الجديدة من المسيح وله علاقة قلبية معه بالروح القدس، فلا يكتفى بمظاهر دينية خارجية يمكن أن يخدع بها الآخرين، لكنه يحرص على حالة قلبية صحيحة ترضى الله. إنه بقوة الروح القدس يتحكم في كيانه ويضبط لسانه. وإلا فإنه يظن أنه دَيِّن ويخدع قلبه. ويا لها من حالة!!
صديقي، هل من الممكن أن تكون هذه حالتك؟ هل أنت بلسانك تبارك الآب وبه تلعن الناس الذين قد تكوّنوا على شبه الله؟ (يعقوب3: 9). إن ما يؤرقني كثيراً ما أراه الآن منتشراً بين بعض المترددين على الاجتماعات، فبينما تسمع منهم في الاجتماع أروع الترنيمات، فإنك تصدم بعد الاجتماع بأردأ وأتفه التعليقات!!
من المدير؟
«هوذا السفن أيضاً وهى عظيمة بهذا المقدار وتسوقها رياح عاصفة تديرها دفة صغيرة جداً إلى حيثما شاء قصد المدير» (يعقوب 3: 4).
في يعقوب3، يشبه الكاتب اللسان بعدة تشبيهات: اللجام - الدفة - النار - حيوان سام - ينبوع ماء - شجرة .
وأركز كلامي هنا على اللسان كالدفة التي يمسك بها قبطان السفينة (المدير) وبها يوجه السفينة وهى تواجه الريح العاصفة والأمواج الهادرة فى البحار والمحيطات.
ماذا أقصد بالمدير؟ من له التحكم والسيطرة. وفى المجال الروحي إما أن يكون الجسد (الطبيعة الفاسدة) أو المسيح. فالشخص الذى تحت سيطرة الخطية سيظهر هذا في نوعية كلامه.
كما أن الحياة التي يحكمها المسيح ويمسك بدفتها وزمامها سيكون الكلام معبِّراً عنها. تُرى من هو مدير حياتك؟ ربما يساعدك الجدول التالي لمعرفة حقيقة حياتك ولمن أنت تخضع.
والآن من هو مدير حياتك؟ الجسد أم المسيح؟ هل لاحظت الفرق الهائل؟
رجل كامل:
«إن كان أحد لا يعثر في الكلام فذاك رجل كامل (أي بالغ وناضج) قادر أن يلجم كل الجسد أيضاً» (يعقوب 3: 2).
هل يمكن أن يتم هذا؟ بلا شك.
* عندما يفسح المؤمن المجال للروح القدس الساكن فيه، ويظهر ثمره في الحياة، يمكن ضبط اللسان فإن ثمر الروح تعفف (ضبط النفس) (غلاطية5: 32 ).
* بالشركة الدائمة مع المسيح والمشغولية المستمرة به، فإنه إذ يحل بالإيمان في القلب يصبح هو الممسك بدفة الحياة كلها، وبالتالي يضبط اللسان بل يستخدمه لبركة الآخرين (أفسس3: 16 ،17).
* ببذل كل اجتهاد والتدرب المستمر (2بطرس 1: 5 -7) لأن الأمر لن يأتي في ليلة وضحاها. ولأن اللسان سرعان ما يزلف لذا نحتاج للسهر الدائم وأن نصلى مع كاتب المزمور «اجعل يا رب حارساً لفمي. احفظ باب شفتى» (مزمور 141: 3).
* لنتمثل بالمسيح الذى قال عن نفسه: «أعطانى السيد الرب لسان المتعلمين لأعرف أن أغيث المعيىَ بكلمة» (إشعياء 50: 4). فما أجمل أن نستخدم اللسان في كل كلمة صالحة ونافعة.
صديقي القارئ هل صليت حتى يستخدم الرب لسانك للتحدث عنه وعن خلاصه مع الآخرين؟
في 21 أبريل عام1855 ذهب إدوارد كمبال إلى محل للأحذية في مدينة بوسطن، حيث التقى بفتى صغير يدعى دوايت مودى يعمل هناك في إصلاح الأحذية. وتحدث الرجل مع الفتى عن المسيح وقاده لقبوله مخلصاً شخصياً له، وكان يوماً تاريخياً إذ امتلك المسيح قلب إنسان كان له أعمق الأثر بعد ذلك ولمدة أكثر من خمسين سنة في تغيير حياة الكثيرين. ولازالت خدمة مودى لها أثرها إلى اليوم.
يا للتأثير الذى يمكن أن يتركه اللسان في حياة الآخرين!!