2000 !!!


ونحن في صدد إعداد عددنا هذا، أمسكت القلم لأكتب على المسودات "عدد يناير..."؛ ودون استئذان وجدت القلم يكمل "سنة ألف وتسعمائة ....

و.استوقفته معترضًا: "ماذا يا قلم؟ هل فاتك أن هناك تغييرًا كبيرًا في خانة السنوات؟  أنا أعلم أنك نشأت على ذلك، ومن يوم أمسكتك، بل ومن يوم تعلمت الكتابة، وتلقائيًا نكتب هكذا، بل لعلك ما كتبت عدا هذا مطلقًا، وأنا ما فكرّت أني أكتب يومًا عداها..  لكن أَ لم تسمع الضجة في كل مكان عن سنة 2000 ومشكلتها (y2k)، والألفية الثالثة واستقبالها؟  لقد فاتك التغيير الذي حدث".

تمتمت إلى نفسي "2000!!!".  وهنا تركت قلمي واستغرقت في خواطر كثيرة، أشاركك بعض منها عزيزي القارئ. 

- تذكرت كلمات الترنيمة القائلة:
 كل شيء يتغير         يسوع يدوم

فما كان قديمًا من الثوابت اعتراه التغيير، وما كنّا نعتبره من المسلَّم به باغته التبديل.  المال والممتلكات لا تبقى، والصحة لا تدوم، الصديق يمضي، والأفراح تذهب وتتنوع الهموم.  كل شيء حولنا متغيّر ومتقلب، وليس من مرتكن يمكن أن يضع الإنسان قدميه عليه في اطمئنان.  فعلى أيّ صخر يمكن أن نضع أقدامنا؟

ليس إلا ذاك «الذي ليس عنده تغيير ولا ظل دوران» (يعقوب 1: 17)، الذي «هو هو أمسًا واليوم وإلى الأبد» (عبرانيين31: 8)، وبعد أن تفنى كل الأشياء وتبيد وتختفي الأرض ومصنوعاتها من المشهد يبقى هو كما هو بلا نهاية (عبرانيين1: 11، 12).
فهل على المسيح، صخر الدهور (إشعياء26: 4)، أسّست إيمانك؟  وهل على الذى له قوة حياة لا تزول ألقيت رجاءك؟  وهل تجد في المسيح كفايتك وتكُفّ عن كل زائل ومتغير يعرضه هذا العالم؟

- لما التفت لِما حولي  وطالعت صفحات الجرائد وأبحرت في  شبكة الإنترنت؛ بدا لي واضحًا خوف ورعب الناس من قدوم سنة 2000، أسموه "هلع الألفية".  الكلُّ يترقب بالقلق والمخاوف ما يمكن أن يحدث مع بزوغ فجره، خوفًا من تعطل أجهزة الكمبيوتر وما يمكن أن يتبعه من شلل للحياة الطبيعية أو دمار قد ينشأ من خلل ترسانات الأسلحة والمفاعلات النووية.  وتوقع البعض نهاية مفاجئة أليمة للعالم.  اشترك الكل في القلق والحيرة.
تذكرت قول الرب عن أيام تأتي يكون فيها «على الأرض كَرْبُ أممٍ بحَيْرةٍ» (لوقا 21: 25).  إنهم لا يعرفون للسلام معنى، فإذ رفضوا الرب يسوع «رئيس السلام» (إشعياء 9: 6)، حقّ فيهم القول «لا سلام قال الرب للأشرار» (إشعياء48: 22)، مهما قالوا سلام وأمان.

هل للسلام مكان في قلبك؟  اسمع ما يتمتع به  كل من اتخذ المسيح مخلِّصًا شخصيًا له بالإيمان: «فإذ قد تبرَّرنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح» (رومية5: 1)، بل له وعد الرب ذاته «سلامًا أترك لكم سلامي أعطيكم» (يوحنا 14: 27)، وأكثر من ذلك أنه من حق كل مؤمن أن يتمتع بدفء الوعد الإلهي «الجبال تزول والآكام تتزعزع، أما إحساني فلا يزول عنك، وعهد سلامي لا يتزعزع، قال راحمك الرب» (إشعياء54: 10).
- أصبح موضوع "نهاية العالم" حديث الكثيرين.  ويعلّمنا الكتاب أن «نهاية كل شيء قد اقتربت» (1بطرس 4: 7)؛ وكل ما يدور حولنا يؤكد ذلك.
فهل لازال قلبك متعلق بالأرض والمصنوعات التي عليها، والتي لابد وأن تحترق سريعًا (2بطرس 3: 10)؟  هل لا زلت تحيا من أجل الحاضر متناسيًا الأبدية؟  استفق يا عزيزي، إن النهاية تقترب كل يوم أكثر! فلا يخدعنّك العالم فتسعى خلفه لتجد نفسك في النهاية في نار أبدية.

أما إن كنت قد آمنت بالمسيح قلبيًا فتذكر «أنها الآن ساعة لنستيقظ من النوم؛ فإن خلاصنا الآن أقرب مما كان حين آمنَّا.  قد تناهى الليل وتقارب النهار، فلنخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور.  لنسلك بلياقة كما في النهار» (رومية13: 1 -13)

- مع نهاية عام وبداية هذا العام المميَّز جدًا بالنسبة للتاريخ؛ أتمنى لنفسي ولكل مؤمن حقيقي بالرب يسوع المسيح أن يكون عامًا مميَّزًا في حياتنا؛ فيه نقترب من الرب أكثر لنعرفه، ونتعلق به أكثر فنكرمه، ونزداد تكريسًا له فنخدمه.  هذا هو أعظم استثمار للأيام الباقية لنا على هذه الأرض، حتى متى جاء سيدنا -الأمر الذى دنا جدًا - يجدنا ساهرين منتظرين قدومه فنتمتع بالرضا وكلمات المدح من فمه.

                                                                                       *     *    *

أخيرًا أتمنى لك عامًا سعيدًا، في حياة مؤسَّسة على المسيح الصخر الذي لا يتزعزع، متمتعًا بسلامه الذي لا يُنزع، ضامنًا فيه حياتك والنهاية الأروع، بالقرب منه بالشركة تتمتع. 

                                                                                                   ماران آثا: الرب قريب.