مرة أخرى نلتقى فى معرض حديثنا عن الأدلة الكتابية عن لاهوت ربنا يسوع المسيح كنا فى أعداد سابقة تناولنا: أن المسيح له أسماء الله، وأنه يتصف بنفس صفات الله، وأنه عمل أعمال الله. ونأتى الآن إلى النقطة الرابعة: أن الكتاب المقدس يعطى للمسيح
نفس أمجاد الله.
ونستطيع أن نتبين ذلك من أن المسيح يُقَّدم لنا كمن هو:
1- موضوع الإيمان:
لقد تكلم المسيح مع تلاميذه، وبعد ما أعلن لهم أن واحداً منهم سيسلمه، وأنه ذاهب إلى حيث لا يقدرون هم أن يتبعوه، ولكي يثبِّت ويهدئ قلوبهم المضطربة قال لهم: «لا تضطرب قلوبكم. أنتم تؤمنون بالله فآمنوا بى» (يوحنا41: 1).
إن يسوع هنا يطلب من تلاميذه أن يؤمنوا بشخصه نفس إيمانهم بالله، لذا فلا نسمعه يقول أنتم تؤمنون بالله وآمنوا بي، بل يقول فآمنوا بي، أي أن موضوع الإيمان واحد، لأنه هو الله الظاهر فى الجسد.
وكون الله موضوعاً للإيمان، لهو من الأمجاد الإلهية الخاصة به تعالى اسمه، ولكن الكتاب المقدس يقدِّم لنا المسيح فى أماكن عديدة كمن هو موضوع الإيمان، بل هو يَعِد كل من يؤمن به أن ينال باسمه غفران الخطايا، وذلك بشهادة جميع الأنبياء، وأن يكون له الحياة الأبدية. «له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا» (أعمال10: 43). «الذى يؤمن بالابن له حياة أبدية. والذى لا يؤمن بالابن لن يرى حياة، بل يمكث عليه غضب الله» (يوحنا3: 36). والإيمان باسمه لا يخلِّص فقط، بل يؤمِّن الحياة ويحصّنها لأن «اسم الرب برج حصين. يركض إليه الصدّيق ويتمنع» (أمثال18: 10). فهو ملجأ المؤمنين يه فى أزمنة الضيق.
وفى اسمه الكريم يرفع كل مؤمن طلبته للسماء فُيستجاب له مِن قِبل الآب، كما وعد هو تلاميذه قائلاً: «الحق الحق أقول لكم إن كل ما طلبتم من الآب باسمى يعطيكم» (يوحنا16: 23). فيسوع هو موضوع الإيمان، الذى فيه بأمان تام نستطيع أن نضع ثقتنا.
2- غرض العبادة والسجود:
لقد أعلن يسوع لاهوته بشهادته عن نفسه، كما أعلنها بعمله لأعمال الله؛ ولكنه أيضاً أعلنها بقبوله الأمجاد الإلهية الخاصة بالله وحده. ومنها العبادة والسجود، فالعبادة لله وحده، والسجود عبادة لا تؤدى إلا لله «للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد» (متى4: 10). «الله روح، والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغى أن يسجدوا» (يوحنا4: 42) ولقد قَبِل المسيح السجود والعبادة له، وهاك بعض الأمثلة:
1- لقد قَبِل المسيح السجود سجود الأبرص الذي «جاء وسجد له قائلاً: يا سيد إن أردت تقدر أن تطهرني» (متى8: 2).
2- قَبِل سجود الأعمى بعد أن فتح عينيه وسأله «أ تؤمن بابن الله؟ فقال: أومن يا سيد، وسجد له» (يوحنا9: 35-38).
3- سجد له التلاميذ لما سكّن الريح «والذين في السفينة جاءوا وسجدوا له قائلين: بالحقيقة أنت ابن الله» (متى14: 33).
4- سجد له التلاميذ بعد القيامة، في الجليل حينما ظهر لهم «ولما رأوه سجدوا له» (متى28: 17).
ولكن حينما نقارن قبول المسيح للسجود بالآخرين، نرى بطرس مثلاً يرفض سجود كرنيليوس له، قائلاً إنه إنسان مثله (أعمال10: 25 ،26). والملاك رفض سجود يوحنا له قائلاً إنه عبد معه ومع أخوته، «أسجد لله» (رؤيا19: 10). لكن المسيح قَبِل العبادة والسجود، ليس اختلاساً لحق ليس له، فهو الذى «لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله لكنه أخلى نفسه» (فيلبي2: 6 ،7).
وإجمالاً نقول إن شخصاً: تسمى بأسماء الله
اتصف بصفات الله
عمل أعمال الله
قبل أمجاد الله
من يكون إذا... دعونا نسمع شهادة الكتاب عنه.
«عظيم هو سر التقوى. الله ظهر في الجسد» (1تيموثاوس3: 16).