توقيعى أنا وليس حالتك أنت
وقف رجل الأعمال الأنيق يتطلع بعين الشفقة إلى المتسول رقيق الحال. وما أن نظر إليه بعمق حتى تذكره بسرعة، فهو زميل الدراسة القديم! ولكن حاله كان قد تغير وملامحه صارت بائسة. لم يعرفه للوهلة الأولى لسبب ملابسه القذرة، ولكن ما أن ناداه باسمه حتى تذكر كل منهما الآخر. وما كان من رجل الأعمال إلا أن كتب شيكاً بمبلغ كبير، وقام بالتوقيع عليه قائلاً: خذ هذا المبلغ وابدأ به مشروعاً تجارياً صغيراً ليتحسن حالك، وإن احتجت لشيء فلا تتردد في الاتصال بي فوراً. ثم ناوله بطاقة بياناته وأرقام تليفوناته.
بعد تردد طويل أخذ المتسول الشيك وعيناه مغرورقتان بالدموع، وكلمات الشكر والعرفان تتدفق من بين شفتيه، وعانق زميله القديم. وانصرف رجل الأعمال تاركاً صديقه يتأمل "الشيك". تحرك المتسول ببطء نحو البنك ليصرف الشيك، وعندما وصل إلى الباب توقف وفكر في نفسه قائلاً: هل يُعقل أن يصرفوا مثل هذا المبلغ لمتسول مثلي، ملابسه ممزقة، وحالته يُرثى لها؟ وفي حزن شديد مزق الشيك وهو على باب البنك وعاد أدراجه!!
بعد بضعة أيام مر رجل الأعمال بذات المكان الذي لاقى فيه زميله القديم، ففوجئ به وهو يتسول!! تعجب الرجل جداً وسأله: أ لم تصرف الشيك؟ أجابه الشحاذ: لا! رد رجل الأعمال في دهشة واستنكار: لماذا؟ أجاب الرجل المسكين: مستحيل أن يصرف البنك مبلغاً كبيراً كهذا لرجل بمثل حالي، لقد اختصرت الطريق وعدت إلى وضعي كمتسول. غضب رجل الأعمال من هذا التصرف، وقال له: إن ما سيجعل البنك يصرف لك المبلغ بأكمله ليس حالتك التي أنت عليها، بل توقيعي أنا على الشيك! عزيزي: إن هذه القصة الواقعية في معانيها ليست بعيدة عن حال كثيرين يظنون أنهم إن جاءوا إلى الله كما هم بخطاياهم، ونجاساتهم فسوف لا يقبلهم؛ وإذ هم لا يستطيعون تغيير حالتهم بأنفسهم، فإنهم يستسلمون للخطية ويقعون في مستنقعات اليأس والإحباط، وهم لا يعرفون أن الله الذي يبغض الخطية يحب الخاطئ.
عزيزي: إن ما يجعلك مقبولاً عند الله هو دم المسيح، إذ تقبله مخلصاً شخصياً لحياتك، وليس حالك أو أعمالك. تعال مسرعاً إلى الرب يسوع المسيح الذي قال مرة: «لم آتِ لأدعو أبراراً بل خطاة إلى التوبة» (مر2: 17) واصرف الآن من بنك الإيمان شيك الغفران، بتوقيع الفادي المنان، فالخلاص بالمجان، واحذر التأخير لئلا يفوت الأوان!