المرحضة
بعد أن نكَّس المسيح رأسه وهو على الصليب وأسلم الروح، حدث أن أحد العسكرطعن الرب بحربة في جنبه، لتصل إلى قلبه المكسور. لكن، ويا للعجب، جاءت الإجابة السريعة «وللوقت خرج دم وماء»(يوحنا19: 34)؛ كانت تلك إجابة المحبة لطعنة الغدر والكراهية.
وقد رأينا في المذبح (في العدد السابق) قوة الدم لتطهير كل من يحتمي فيه من كل خطاياه. والآن تعالَ معي إلى الجزء الثاني في الدار الخارجية، لنرى في المرحضة الماء اللازم لتغسيلنا من نجاسات الطريق.
صنع موسى المرحضة من النحاس، ووضعها بين المذبح والمسكن الداخلي (الذي يتكون من القدس وقدس الأقداس)، وجعل بها ماء ليغسل الكهنة أيديهم وأرجلهم، عند دخولهم الخيمة للخدمة، لئلا يموتوا (خروج 30: 17-21).
قال الرب يوماً لبطرس «الذي قد اغتسل (نال الولادة الثانية) ليس له حاجة إلا إلى غسل رجليه»(يوحنا 13: 10). ولنا درس نافع ونحتاجه في موضوع غسل الأرجل. فطالما نحن في العالم، فالخطية محيطة بنا بسهولة (عبرانيين 12: 1)، ونحن معرَّضون أن نزِّل ونسقط فيها. ولأن العالم موضوع في الشرير، فما أكثر الدنس الذي يلصق بنا دون أن نشعر، من مناظر نراها بعيوننا وكلمات نسمعها بآذاننا، لمجرد سيرنا وحياتنا وسط الأشرار، أو وجودنا (بحكم الدراسة أو العمل الزمني) في أماكن يكثر فيها الهزل والكلام البطال، الأمور التي من السهل أن تنطبع في مخيلتنا وقد يسترجعها الذهن مرة أخرى.
لذا نحتاج تطهيراً لذاكراتنا من تلك الأشياء النجسة، والتي من نتائجها المريرة انقطاع شركتنا مع الرب. وهذا ما قاله الرب لبطرس «إن كنت لا أغسلك فليس لك معي نصيب»(يوحنا 13: 8). وهذا يتم بواسطة كلمة الله، التي يشير إليها الماء (أفسس 5: 25)، نحتاج أن نجلس أمامها طويلاً لإصلاح ما في سلوكنا من اعوجاج. ونلاحظ في المرحضة أنها بلا مقاسات. وهذا يعلِّمنا أن القداسة التي يريدنا الرب أن نكون عليها بلا حدود كقول الرب «كونوا قديسين لأني أنا قدوس»(1بطرس 1: 16).
أخي المؤمن، يا من تشعر أن صحتك الروحية هزيلة وشركتك مع الرب مقطوعة، اجلس أمام الرب وكلمته وقُلّ له «اختبرني يا الله واعرف قلبي»(مزمور 139: 32)، ودَع الكلمة تكشف لك الحالة وتقدِّم لك العلاج، فتصبح لائقاً عملياً للدخول إلى الأقداس ساجداً وخادماً.