يقدم الرب يسوع راحة لنفوسنا وحلاً لمشاكلنا من خلال كلمته الكافية، الكتاب المقدس. ومن خلال هذه الكلمة نساعدك، عزيزي القارئ، في بابنا هذا، بالرد على مشاكلك.
وفي عددنا هذا نرد على مشكلة صديق، ملخصها:
أنا شاب مؤمن، وقد سمعت كثيراً عن النصرة المستمرة على الخطية، وعن الحرية في الحياة المسيحية، لكن ما أختبره هو إنني أنتصر مرة ولكنني أنهزم مراراً، وأغلب حياتي هزيمة، لذلك أشعر بالعبودية ونادراً ما أختبر الفرح الحقيقي. فما السبب؟ وما الحل؟
لا توجد حياة فيها نصرة حقيقية على الخطية وحرية من قيودها مثل الحياة المسيحية «فإن حرركم الابن فالبحقيقة تكونون أحراراً» (يوحنا 8: 36). والمؤمن الذي يعيش حياة فيها أي شيء من العبودية للخطية، هو لم يحيا بعد حياة مسيحية حقيقية. لكن الحياة المسيحية هي أيضاً حياة فيها نمو ونضوج متدرج، فمفاهيم المؤمن الحديث وأفكاره أغلبها تكون غير صحيحة، وتدريجياً تتحسن «سبيل الصديقين كنور مشرق يتزايد وينير إلى النهار الكامل» (أمثال 4: 18). فيتم فك القيود المكبل بها الشخص حتى يختبر الحياة المسيحية. ومن ضمن المفاهيم التي تجعل المؤمن مقيداً وتُعيق النصرة الآتي:
* عدم إدراك المؤمن أن طبيعة الخطية ما زالت فيه كما كانت قبل الإيمان، أو الوهم بأنها على الأقل قد تحسنت، أو الظن بأنه بالتصدي لرغباتها داخله وبذل مجهود أكبر في الصوم والصلوات سوف تتحسن أو تكون أقل شراسة ونجاسة. فيدخل في صراع مع هذه الطبيعة، وينتج عن هذا الصراع أنه لن يَبطل مفعولها ولن تتحسن لكن المؤمن سينهزم. وكلما زادت ضراوة هذه المعركة كلما ازدادت عبودية المؤمن وهزيمته ويظل الحال هكذا حتى يختبر القول «إني أعلم أنه ليس ساكن فيَّ أي في جسدي شيء صالح» (رومية7: 17). وبعد أن ييأس، يتعلم أن يتحول عن الصراع معها، ولا يعطيها أذناً مصغية سواء بالقبول أو بالرفض، فهو يتعلم أن يَحسب نفسه قد مات مع المسيح عن الخطية، وكما أن الميت لا يسمع للصوت سواء كان بالسرور أو الاشمئزاز، كذلك هو لا يتجاوب مع نداء الخطية وأيضاً لا يقاوم محاولاتها، هو أصبح لا يتعامل معها بل يهرب إلى المسيح ناظراً إليه مشغولاً به، والمسيح هو الذي سينقذه من تلك الطبيعة الساقطة.
* بعد أن يتعلم المؤمن فساد الجسد ورداءته، قد يظل متوهماً أنه هو الأقوى من الخطية، وبالتالي يستكثر الخطية على نفسه، وبالتالي سوف يظل يتصدى لمحاولاتها حتى تأتي النصرة عليها في النهاية طالما هو الأقوى. فيبذل كل ما عنده من مجهود. ولكنه بعد كثرة الهزائم يتعلم أن الخطية هي الأقوى وأنه هو الأضعف «الذي ولد حسب الجسد يضطهد الذي حسب الروح» (غلاطية5: 16 ،17).
* في طريق تعلم المؤمن لهذه الدروس، يحاول الجسد الخبيث أن يحول تسليمه للمسيح إلى استسلام. ومع أن الحل يأتي من الخارج لكنه لن يأتي لشخص استسلم للخطية، فالذي يستسلم لا بد وأن يعيش حياة العبودية، والمؤمن المهزوم لا يمكن أن يكف عن المحاولة المستمرة والارتماء على الرب وطلب الإنقاذ، والمحاولة والصراع هما طريق التدريب ليتعلم المؤمن رداءة الجسد وضعفه هو، ولن يأتيه الإنقاذ إلا بعد أن يصرخ من كثرة المحاولة وليس الاستسلام «ويحي أنا الإنسان الشقي. من ينقذني من جسد هذا الموت» (رومية7: 24).
* بعد كل هزيمة يظن المؤمن أن المفروض أنه يكثر من الاعتراف والتوبة ويبقى فترة خجلاً بعيداً قبل أن يرجع للرب، فتطول الفترة ما بين السقوط في الخطية والاعتراف بها، وهذا يؤدي إلى العبودية. لكن الكتاب يعلمنا أنه مع بقاء أهمية للاعتراف بالخطية وشهادة الضمير وتوبة القلب، لكن الرجوع السريع بعدها إلى الرب والتحول عن الخطية فور الاعتراف بها هو طريق النصرة، لأنه يكثر من فترات تعاملي مع الرب بعيداً عن مشهد الخطية، وهذه هي الشركة.
* وبعد أن يتعلم المؤمن هذه الدروس ويختبر النصرة، قد يتساهل في ممارسة الشركة مع الرب ويحن لميول الطبيعة القديمة ويلذ له طعم ممارساتها ويقول «العتيق أطيب» (لوقا5: 39) يعود ليداعب هذه الرغبات ويتجاوب معها فيسقط في الخطية، وبتكرار هذا الأمر، قد يسمح الرب له بأن يختبر أهمية الشركة وهو يتذوق مرارة البعد عنها فيعيش فترة مكبلاً ويحن بشدة للخروج من هذه الدوامة.