إن معرفة الله مُعلَنة ومُدركة في خليقته، فالسماوات تُحدِّث بمجد الله، والفلك يُخبِر بعمل يديه. ويدعونا إشعياء لأن نتفكر عن الله من خلال إعلان الخليقة فيقول: «ارفعوا إلى العلاء عيونكم، وانظروا من خلق هذه، من الذي يخرج بعدد جندها، يدعو كلها بأسماء، لكثرة القوة وكونه شديد القدرة لا يُفقَد أحد» (إشعياء40: 26).
لذلك ليس عذر لمن يهمل إعلان الله عن نفسه في خليقته «إذ معرفة الله ظاهرة فيهم لأن الله أظهرها لهم. لأن أموره (الله) غير المنظورة تُري منذ خلق العالم مُدرَكة بالمصنوعات قدرته السرمدية ولاهوته» (رومية1: 19 ،20).
لكن إن كان إعلان الخليقة يكفي ليظهر قدرة الله السرمدية ولاهوته، لكنه لا يكفي لإعلان من هو الله، ولا يستطيع أن يكلمنا عن ذاته وصفاته، قصده ونعمته، حقه وبره، جوده ومحبته.
ولا يخفى علينا قصد الله من خلق الإنسان، فلقد خلقنا لمجده ولنكون في علاقة وشركة حية معه. فلذا كان لزاماً من مطلق نعمة الله وصلاحه أن يتنازل الله ليعلن ذاته للإنسان، ومن هو كفء ليعلن هذا الإعلان غير الله نفسه؟
لذا تكلم الله ليعلن لنا حقيقة ذاته ويرينا الطريق لمعرفته المعرفة الحقيقية.
أما كيف تكلم، فيخبرنا الكتاب المقدس قائلاً: «الله بعدما كلم الآباء بالأنبياء قديماً بأنواع وطرق كثيرة، كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه» (عبرانيين1: 1 ،2).
والكتاب المقدس، بعهديه، يدوِّن لنا ما قاله الله مستخدماً أواني الوحي من الأنبياء والرسل، فهو كلمة الله المدوَّنة.. وهذا الكتاب العظيم هو موضوع سلسلة من أحاديثنا في أعداد المجلة التالية.