4- لأنه الخالق و كل شئ به كان
في الحلقات السابقة ذكرنا بعض الأسباب التي تجعلنا نحب المسيح ونعبده. فهو مانح الغفران، ومصدر الحنان، والمحرر من العبودية والهوان. وفي هذه الحلقة سنتحدث عن المسيح... الخالق وكل شيء به كان
في ليلة من ليالِ الشتاء الباردة، سمعنا طَرْقات شديدة على باب مبنى الكنيسة التي كان أبي يخدم بها. تسألنا: من هذا الطارق في هذه الساعة المتأخرة؟! فتح أبي، وإذا بشيخ القرية يقول لأبي: يا حضرة القس لقد اكتشفت خطأً جعلني لا أنام. ثم فتح الكتاب وقرأ: «في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله... هذا كان في البدء عند الله. كل شيء به كان...» (يوحنا1: 1-3). والصواب «في البدء كانت الكلمة...».
فأجابه أبي: إن الكلمة هنا ليس المقصود بها اللفظة التي نعبِّر بها عن أنفسنا، بل عن شخص، والشخص هنا هو المسيح موضوع الكتاب كله. المسيح هو الكلمة الذي أعلن لنا أفكار الله، وبموته أعلن لنا محبته.
وسأل الشيخ: وما الفرق بين البدء هنا والبدء في سفر التكوين؟
فأجابه، هناك ثلاثة أنواع من البدء:
1- «في البدء خلق الله السماوات والأرض» (تكوين1: 1)؛ هذا بدء الخليقة.
2- يوحنا الأولى1:1 «الذي كان من البدء الذي سمعناه... رأيناه... ولمسته أيدينا»؛ وهذا بدء تجسد المسيح.
3- البدء الذي لا بداءة له، أي البدء الأزلي في يوحنا1:1 «في البدء كان الكلمة».
فالمسيح كان منذ الأزل، ولم يُخلَق بل هو الخالق. سأل إشعياء قديماً «ارفعوا إلى العلاء عيونكم، وانظروا، من خلق هذه؟» (إشعياء40: 26). والإجابة الوحيدة والأكيدة هي أن الله هو خالق الخليقة. والروح القدس يشهد في الكتاب أن المسيح «كل شيء به كان» (يوحنا1: 3)، وأيضاً «فيه خُلق الكل: ما في السماوات وما على الأرض، ما يُرى وما لا يُرى... الكل به وله قد خلق» (كولوسي1: 16).
وأيضاً «أنت يا رب في البدء أسّست الأرض والسماوات هي عمل يديك» (عبرانيين1: 10). تُعلِّم جماعة شهود يهوه أن المسيح كان ملاكاً مخلوقاً، أو رئيس الملائكة. وهنا يدحض الكتاب هذه الأفكار السخيفة، إذ يُصرح بأوضح البيان أن المسيح هو خالق الملائكة وكل الكائنات، ما يُرى ومالا يُرى. بل كما قال هو: «قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن» (يوحنا8: 58).
صديقي، صديقتي: إن المسيح لكي يخلق الكون لم يكلِّفه سوى أن يتكلم «العالمين أُتقنت بكلمة الله» (عبرانيين11: 3). ولكى يصون الكون ويرعاه لم يكلفه سوى أن يتكلم «حامل كل الأشياء بكلمة قدرته» (عبرانيين1: 3). لكنه لكي يرفع خطيتنا كان عليه أن يموت ويتألم.
إنه لأمر مذهل أن الرب صاحب السلطان يتنازل ليصبح حَمَل الله. لقد صدق من قال: “إن محبة عجيبة بهذا الشكل، إلهية لهذا الحد؛ تقتضي أن أقدِّم له نفسي وحياتي كلي بجملتي”. فاليد المثقوبة بالمسامير هي ذات اليد التي تمسك بصولجان السلطة والكون بأسره (1بطرس3: 22).
خَلَقَ وما زال يخلِق
في كتاب “يسوع المسيح أعظم من نجار”، كتب جوش ماكدويل يقول: إن المسيح خلقني من جديد، فكانت حياتي أشبه بقارب تتلاعب به الأمواج، حتى سلمته قلبي. ولكن المدهش أنه لم يحدث تغيير بعد أن صليت، ولم تنبت لي أجنحة، لكني أؤكد أني بعد ما يقرب من ستة أشهر تغيرت حياتي تماماً. فبعد الاضطراب والقلق جاء السلام، ولم أعُد أفقد أعصابي كالأول.
لم يكن أحد يكره أبيه مثلما كرهته أنا، فقد كان سِكِّير البلدة، وكان أصدقائي يطلقون عليه النِكات، كنت أضحك معهم من الخارج ومن الداخل أبكي بمرارة، كان أبي يضرب أمي، وكنت أربط والدي في مخزن خلف معلف الدواب حتى لا يراه أحد.
لكن بعد أن قبلت المسيح، دخل قلبي حب إلهي. كان بمقدوري أن أحتضنه وأقول له: أحبك يا أبي. وكنت أعني هذا بالفعل.
وذات مرة تعرضت لحادث، ووضعت رقبتي في الجبس، ولن أنسى ما حييت، عندما دخل والدى غرفتي وقال لي: ولدي، كيف يمكنك أن تحب والداً قذراً مثلي؟ فقلت له: قبل ستة أشهر، كنت أكرهك، ولكن لما دخل يسوع حياتي، جعلني أحبك وأحب الآخرين.
وبعد خمسة وأربعين دقيقة حدثت المعجزة، فقد قال لي والدي: جوش ولدي، إذا كان الله قادراً أن يفعل في حياتي ما رأيته في حياتك، فأنا أعطيه الفرصة الآن ليغير حياتي.
صلى والدي، وتغيرت حياته، أمام عينيَّ، كأنك ضغطت على زر كهربائي، فلم يلمس الخمر، ولم يدخل حانة أو صالة للقمار، وأَحب أمي وأكرمها، وعاش حياة فاضلة.
صديقي.. صديقتي.. إن المسيح خَلَق وما زال يخلق أيضاً.. ألا تشتاق لهذه الخليقة الجديدة؟!