كان سعيد يساعد أباه في نقل أكياس النفايات بالسيارة إلى المكان المخصص لجمعها. حيث أن البلدية هناك لا تتمكن من جمعها بشكل منتظم.
وفي ذات يوم، وفيما كان سعيد يعاون والده، إذ به يلاحظ أسراباً من الفئران، تتراكض حول أكوام الزبالة.
عرف سعيد من أبيه السبب الذي لأجله تتجمع الفئران، فهي تجد في النفايات الطعام الكافي لها، ثم قال الأب لابنه:
لكن هناك مفاجأة خطيرة تنتظر الفئران، فغداً مساءً سيحضر بعض الرجال من المنطقة لحرق كل هذه القمامة، طبعاً سيتمكن بعض الفئران من الهرب، ولكن أيضاً سيهلك الكثير منها من جراء اللهيب.
وبينما كان الأب وابنه يبتعدان عن المكان، ألقى سعيد نظرة أخيرة على الفئران التي كانت تأكل من النفايات، وتتراقص بفرح حولها، وكأنه لا يوجد شيء في الدنيا يدعوها للخوف والقلق.
قال سعيد: إن وضع الفئران يدعو للأسف حقاً، ولكن لا أظن أنه يمكنها أن تجد أموراً أفضل من هذه.
رجع الفتى مع أبيه إلى البيت، فمضى سعيد إلى غرفته ليبدل ثيابه، ولما فتح الباب راح ينظر حوله، فرأى على الجدران صوراً خليعة لفنانات ومطربات مشهورات، وهناك على الطاولة أشرطة وسيديهات لأغنيات هابطات، ثم هناك ما هزُل من الكتب والمجلات.. ففكر في نفسه:
آه إن هذه كلها لن تدوم.. فقد تحترق هي الأخرى اليوم أو غداً.. وإني أكره أن أتشبه بتلك الفئران، إذ أنفق حياتي على أشياء ستكون نهايتها الحريق..
ثم أمسك مجلاته وأشرطته الهزلية مع تلك الملصقات الخليعة وألقى بها في سلة المهملات وهو يقول:
لقد آن الأوان لأخرج من مكان النفايات، ولن أضيع وقتي بعد اليوم إلا في أشياء باقيات أبديات.
ثم أخرج كتابه المقدس من المكان المهمل البعيد، ليأخذ مكانه اللائق به على مكتبه؛ بل وفي قلبه.
صديقي .. صديقتي.. كيف تقضي وقتك؟ هل أنت مشغول بشئون الحياة فقط؟ تذكر أن كل ما في العالم ما هو إلا وقتي وإلى الزوال، ولن يبقى إلا ما نعمله من أجل الرب يسوع.
ولا تنسَ: «يوم الرب الذي فيه تزول السماوات بضجيج، وتنحل العناصر محترقة وتحترق الأرض والمصنوعات التي فيها ... فبما أن هذه كلها تنحل أي أناس يجب أن تكونوا أنتم في سيرة مقدسة وتقوى» (بطرس الثانية3: 10-11).
دعاء: أيها الرب يسوع.. لقد مللت الحياة وأنا ألهث وراء الوقتيات الفانيات.. فخذ بيدي واخرجني من بين النفايات.. وطهِّر قلبي من كل القاذورات.. وأعِنّي لأمزق الرديء من العلاقات.. وما دام الحريق هو مصير الأرض والمصنوعات.. فها أنا فيك أحتمي يا رب السماوات. آمين.