روى أحد خدام الرب هذه القصة:
كنت في زيارة لأسرة بالغة الفقر، فقد توفي الأب، وهو العائل الوحيد للأسرة، في ريعان شبابه، وحيث أنه لم يكن له عمل ثابت فقد تُركت الأسرة، المكوَّنة من الأم وثلاثة أطفال، بلا سند مادي أو بشري؛ أو بحسب المنظور الإنساني بلا أي مقوِّم لحياة كريمة.
اشتدت الحاجة بالأسرة، فلم تجد المرأة المسكينة ملجأ لها بين البشر، فاستندت تماماً على الرب. أثناء زيارتي قلت لها: تأكدي أن الرب لن ينساكِ، حتى لو نسيك الجميع.
نظرت إليَّ باندهاش وقالت: ينساني؟! الرب ينساني؟! لا يمكن أن يحدث هذا أبداً. استمع إليَّ فأحكي لك ما حدث معي منذ فترة ليست بعيدة:
منذ ستة أشهر تقريباً حدث أن نفذت نقودي كلها. لم يكن معي قرشاً واحداً. فتّشت البيت كله لعلّي أجد ما أقتات به أنا وأطفالي، فلم أجد. كان الأطفال نياماً ولم يستيقظوا بعد. اشتدت حيرتي، ولم أعرف كيف أتصرف. ثم أدركت أنه إن لم يكن لي ما أقتات به، لكن لي أبٌ سماوي يعتني بي، ولي أن أركع على ركبتيَّ وأصلي بلجاجة إلى أبي السماوي.
أسرعت إلى هذه الأريكة - وأشارت إلى الأريكة التي كنت أجلس عليها - وركعت هنا بجوار النافذة. أخذت أصليّ بلجاجة، وأطالب الرب بمواعيده. ومن فرط تأثيري علا صوتي بعض الشيء، وكنت أقول له: “أنت أعلت إيليا بخبز وماء بواسطة غراب. أنت تستطيع أن ترسل إليَّ غراب إيليا”.
ولا أعرف لماذا سيطرت عليَّ هذه الفكرة، فأخذت أكرِّر هذه العبارة مراراً وتكراراً، وأؤكد على الكلمات بقوة.
أثناء صلاتي سمعت صوت ارتطام شيء بالأرض. فهل تعرف ماذا وجدت؟
سألتها باندهاش: ماذا؟
أجابت: فتحت عينيَّ، فإذا بي أجد غراباً أسوداً ميتاً في وسط الغرفة. أسرعت أنظر من النافذة، فوجدت شاباً مستهتراً ينظر إليَّ ويقول بتهكم: أَ لم تطلبي من الله غراباً؟ ها قد استجاب الله لطلبتك. ثم أخذ يقهقه عالياً وهو يسرع في مشيته. في البداية شعرت بالأسى لاستهتار الشاب، ثم جاءني يقين قوي بأن الله قد استجاب طلبتي فعلاً.
أخذت الغراب وعملت السكين في رقبته، فهل تعرف يا حضرة الخادم الموقر ماذا وجدت في حلقه؟
اتسعت عيناي وأنا اسمع الإجابة من فمها:
لقد وجدت به خاتماً ذهبياً ثميناً، كان ثمنه كافياً لإعالتي وإعالة أطفالي لأكثر من شهرين من الزمان... فهل أظن يوماً يا سيدي أن الله قد نسيني. إنني أتمتع بعناية الرب وتدبيره لأموري أكثر مما كنت استشعره في حياة زوجي.
قال الخادم: لم أستطع أن أحبس دموعي وأنا أركع بجوار الأريكة، معترفاً بضعف إيماني، طالباً أن أزداد إيماناً وثقة، ومقدِّماً الشكر والعرفان لله أبينا على رعايته وعنايته الفائقة.