نواصل الحديث عن بعض الظواهر الطبيعية التي تحدّثت عنها كلمة الله الموحى بها، بكل دقة وبيان، في وقت كانت فيه كل الحضارات المعاصرة غارقة في جهلها وتصوراتها الطفولية.
المطر ودورة المياه في الطبيعة
إلى قرون قليلة، كان التصور لحدوث المطر هو أن الماء يتصاعد بواسطة البخر، وتتكون السحب، إلى أن تثقل كتلة الماء حتى لايقوى الجو على حملها، فتسقط على الأرض بفعل القوى الناتجة عن الجاذبية.
أما ما اكتشفه العلم الحديث فهو الدورة التالية:
- تتبخر المياه من البحار والمحيطات بفعل حرارة الشمس.
- ينتقل بخار الماء إلى الأعالي، حيث يتكثف هناك بفعل برودة الجو.
- تتكون السحب من تكثف البخار فوق البحار والمحيطات.
- تنتقل السحب بفعل حركة الرياح المنتظمة إلى أعالى الجبال.
- تحدث البروق، وهي تفريغ لشحنات كهربية في الجو، وهذه البروق تُحدث المطر، وهذا ما اكتشفه عالم الطبيعة اللورد كلفن.
- تهطل الأمطار على أعالي الجبال مكِّونة منابع الأنهار.
تجرى الأنهار في مجاريها حتى تصل إلى مصباتها في البحار. والأن دعنا نرى كيف يصف لنا الكتاب المقدس بكل دقة وبيان هذه الظاهرة، قبل حوالي ثلاثين قرناً، إذ يقول: «الكاسي السماوات سحاباً، المهيىء للأرض مطراً» (مزمور 147: 8).
«لأنه يجذب قطار الماء (بالتبخر). تسح (تهطل أو تمطر) مطراً من ضبابها... وتقطره على أناس كثيرين» (أيوب 36: 27-28).
«أ تُدرك موازنة السحاب، معجزات الكامل المعارف؟» (أيوب37: 16).
«المُصعد السحاب من أقاصي الأرض، الصانع بروقاً للمطر، المُخرِج الريح من خزائنه» (مزمور135: 7).
«الريح تذهب إلي الجنوب وتدور إلي الشمال. تذهب دائرة دوراناً وإلي مداراتها ترجع الريح. كل الأنهار تجري إلي البحر والبحر ليس بملآن. إلي المكان الذي جرت منه الأنهار إلي هناك تذهب راجعة» (جامعة1: 6،7).
الضغظ الجوي
في تفسيره لمشكلة أن المضخة لا ترتفع بالماء لأكثر من10.34 متراً؛ فسر تورشللي - تلميذ جاليليو وأستاذ الفلسفة والرياضة بجامعة فلورنس - هذه المشكلة بأن الحد الذي ترفع المضخة إليه الماء قد يكون مقياساً لضغط الجو: فاذا كان للهواء ثقلاً، تحتَّم بذلك أن الهواء يضغط على الأشياء التي على الأرض جميعاً كما يضغط الماء على قاع البحر. وقد نجح تورشللي أن يثبت عملياً صحة تصوره؛ فقال بأنه إذا صح أن ضغط الهواء يحمل عموداً من الماء طوله 10.34 متراً، فهو لا بد أن يحمل عموداً من الزئبق طوله 76سم. وبناءً عليه أجرى تجربته الشهيرة بأن نكس أنبوبه ممتلئة بالزئبق في حوض به زئبق، فنشأ فراغ في الأنبوبة عرف باسم “فراغ تورشللي”. وتحقق أن للهواء ضغطاً، وقدّر هذا الضغط إذ صنع أول بارومتر زئبقي، قاس به الضغط الجوي.
بقي أن نقول أن تورشلي أكتشف ضغط الهواء الجوي (وبالتالي أن للهواء وزناً) عام 1664 ميلادية، ولكن من قبل أن يكتشف تورشللي أن للهواء وزناً بثلاثين قرن، أعلن الكتاب المقدس في سفر أيوب أن الله «يجعل للريح وزناً» (أيوب28: 25) وإلى لقـاء