ما أكثر العواقب الوخيمة والنتائج المريرة التي حَلَّت على الجنس البشري بدخول الخطية؛ فبسببها صار الإنسان مذنبًا وأثيمًا.. مديونًا ومستعبَدًا.. متجنِّبًا عن حياة الله.. هالكًا.. ميتًا.. فاسدَ الطبيعة.
لكن ما العمل؟ ومن أين لنا بعلاج وتسديد هذه الاحتياجات الكثيرة؟
وقد يقول قائل: وما ذنبي؟ آدم أخطأ فلماذا أحصد أنا النتائج؟ أقول لك: والمسيح عمل عملاً عظيمًا، وهو يقدِّم لك الدعوة لتحصد نتائج كل هذا العمل كهبة مجانية. فإن قلت: ورثتُ خطية آدم بلا ذنب؛ أقول لك: النعمة تقدِّم لك ميراثًا سماويًا بلا عمل من جهتك.
وما فقَدته البشرية بسبب الخطية يتناسب مع آدم المخلوق.. أما ما يقدِّمه المسيح للبشرية كعطية مجانية فيتناسب مع الخالق. فلا وجه للمقارنة بين جنة فُقِدَت (ولن توجد فيما بعد) بسبب خطية آدم، وبين بيت الآب المُعَّد للمؤمن بالمسيح - آدم الأخير. وهذا ما سنتناوله على صفحات "نحو الهدف" في سلسلة نستعرض فيها بعض البركات المقدَّمة للجميع نتيجة موت المسيح على الصليب.
كل إنسان، يريد التقرُّب إلى الله، يشعر بضمير مُتعَب بسبب خطاياه، ويشتاق إلى الحصول على غفران لها. ولذلك يحاول جاهدًا عمل أي شيء في الحاضر يكفِّر به عن الماضي، فيحاول أن يتديَّن كثيرًا وأن يفعل الصلاح. لكن الشيطان يلوِّح له بماضيه وماذا سيفعل به، وهنا يزداد تعب الضمير، وقد يعود أسوأ مما كان، تاركًا حياة الصلاح في الحاضر منغمسًا في خطايا الماضي.
مانح الغفران
المسيح وحده عنده الحل لكل الجنس البشري. و«مغفورة لك خطاياك» كلمة ما أحلاها، قالها الرب يسوع لرجل (مرقس2:5)، وقالها لامرأة (لوقا7:48)؛ فأراح كل منهما.
حجم الغفران
وغفران الخطايا يعني الكثير مما يريح تمامًا ضمير كل مَن يسمعها مِن فم الرب. فهو يعني أن الخطايا:
لا يذكرها الله (إشعياء 43: 25)
ويمحوها كسحابة (إشعياء 44: 22)
وطرحها وراء ظهره (إشعياء 38: 17)
وطرحها في أعماق البحر (ميخا 7: 19)
وصفح عنها (رومية 3: 25)
ولذا فهي لا توجد فيما بعد (إرميا 50: 20)
كلفة الغفران
إن غفران الله هو على أساس عادل، فلقد كان يتحتم أن تُدفَع أجرة الخطية، والكتاب المقدس يعلِّمنا أن أجرة الخطية (وإن كانت واحدة) هي موت (رومية6:23)، موت أبدي تحت الدينونة. وكم يكون عقاب ودينونة الملايين من البشر على ملايين الخطايا؟! لك أن تتخيل إذًا حجم الدينونة التي احتملها المسيح على الصليب وهو يدفع كل الأجرة ويرفع كل الخطايا بديلاً عنا. والآن، من حق مَن يسمع مِن الرب يسوع «مغفورة لك خطاياك» أن يثق أنها قد غُفرت، لأن الله العادل وضعها على المسيح البديل على الصليب «والرب وضع عليه إثم جميعنا» (إشعياء53:6).
الحصول على الغفران:
إن كانت كلفة الغفران رهيبة جدًا، لكن الحصول عليه سهل جدًا:
* عليك أن تعترف بخطاياك لأن «من يكتم خطاياه لا ينجح. ومن يُقِّر بها ويتركها يُرحَم» (أمثال 28: 13).
* اعترف للرّب الذي أسأت إليه بخطاياك «أعترف لك بخطيتي ولا أكتم إثمي. قُلت أعترف للرب بذنبي وأنت رفعت آثام خطيتي» (مزمور 32: 5).
* عليك أن تتوب توبة حقيقية بلا رجوع للخطية «توبوا وارجعوا لتُمحى خطاياكم» (أعمال 3: 19).
* في الحال ستحصل على الغفران والتطهير «إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهِّرنا مِن كل إثم» (1يوحنا 1: 9).
صاحب السلطان:
مَن الذي يملك سلطان الغفران. قال الرب يسوع «إن لابن الإنسان سلطان على الأرض أن يغفر الخطايا» (مرقس 2: 10). والمسيح وحده بيده هذا السلطان لأنه هو الذي أُسلم من أجل خطايانا (رومية 4: 25). ويجب أن نلاحظ أن سلطان الغفران على الأرض فقط، لأن الذين في الجحيم ليس لهم غفران والذين في السماء لا يحتاجون له.
أنواع الغفران:
1- غفران أبدي: وهذا ما فهمناه من الكلمات السابقة. وأُضيف هنا أن الغفران شامل لكل خطايانا التي فعلناها في الماضي والتي قد نسقط فيها في الحاضر والمستقبل، لأنه لو بقيت خطية واحدة لم يغفرها المسيح فهي كفيلة بهلاكنا الأبدي.
2- غفران أبوي: كثير من المؤمنين - وخاصة الأحداث منهم - يتعبون ويتشككون في إيمانهم عند السقوط في الخطية، فيتساءل البعض منهم: ما الذي حدث؟ هل عدت خاطئًا من جديد وفقدت الغفران؟ ليس هكذا. فمن احتمى في دم المسيح نال بالإيمان الغفران الأبدى. ولكن خطية المؤمن تُفقده بهجة الخلاص وليس الخلاص ذاته، تفقده الشركة مع الله وليس بنُوَّته له. وما نفقده هنا من بهجة وشركة يمكن استرداده باعترافنا للرب مع طلب المعونة منه، اعتمادًا على شفاعة المسيح فينا.
صديقى: هل تأكدت وحصلت على الغفران؟ إن كان نعم، فطوبى لك (مزمور32) وإن لا فاطلبه من المسيح الآن قبل فوات الأوان.