هناك خمسة أشخاص باسم “هوشع” ذُكروا في العهد القديم
- هوشع بن نون: وهو الاسم الأصلي ليشوع بن نون (عدد13: 8).
- هوشع النبي: (هوشع1: 1).
- هوشع بن أيلة: أحد ملوك إسرائيل (المملكة الشمالية) (2ملوك17: 1-9).
- هوشع بن عززيا: الذي كان رئيسًا على سبط أفرايم في أيام الملك داود (1أخبار27: 20)
- هوشع: أحد الذين اشتركوا في ختم الميثاق في أيام نحميا بعد العودة من السبي البابلي (نحميا10: 23).
هوشع النبي ومن هو؟
يأتي هوشع في أول القائمة بين الأنبياء الذين يُطلق عليهم «الأنبياء الصغار». وليس معنى هذا أنهم أصغر في الأهمية أو القيمة، لكن في نطاق النبوة ومداها، وربما أيضًا لصِغر حجم النبوة في معظمها.
هوشع: معنى اسمه «خلاص». وتنبأ في أيام في «عُزيا ويوثام وآحاز وحزقيا ملوك يهوذا، وفي أيام يربعام بن يوآش ملك إسرائيل» (1: 1)، وهذا تقريبًا في القرن الثامن قبل الميلاد. وقد كان معاصرًا لإشعياء النبي، ويرجِّح البعض أنه النبي الوحيد الذي عاش في المملكة الشمالية (ربما باستثناء يونان)، وذلك لأن غالبية كلامه موجَّه إلى أفرايم (المملكة الشمالية)، وكذلك لمعرفته الوثيقة بمواقع وظروف هذه المملكة حتى أنه يدعو مملكة إسرائيل «الأرض» (1: 2) وملكها «ملكنا» (7: 5).
وقد استمرت خدمته حتى السنوات الأخيرة للمملكة الشمالية، إلى قبل السبي الأشوري بقليل، وبذلك يكون هو الصوت الأخير للمملكة الشمالية قبل سقوطها.
هوشع وظروفه الشخصية:
لا يُذكر اسم هوشع دون أن يُشار إلى المأساة المحزنة التي حدثت في حياته الخاصة بسبب زوجته الخائنة جومر بنت دبلايم - جومر “نمام”، دبلايم “قرصا تين”. والاسم يشير إلى تمام الخطية الناتجة من الشهوة. وقصة هوشع هذه حيرت الكثيرين واختلفت حولها الآراء، وسأذكر أهم ثلاثة آراء:
- الرأي الأول، يرى أن قصة زواجه ينبغي أخذها بمعنى مجازي، وأن الأمر كله رمزي. وأصحاب هذا الرأي يرون أن الله القدوس لا يمكن أن يطلب من هوشع أمرًا كهذا. إلا أن تفاصيل القصة تؤكد أنها حرفية.
- الرأي الثاني، يقول أصحابه أنها قصة حرفية وأن الله أمره بالارتباط بامرأة كهذه فعلاً (1: 2) إذ أراد أن يصوِّر له وللشعب مشاعره التي يشعر بها، وهو الإله القدوس، نحو شعبه الخائن.
والقصة بلا شك حقيقية وليست رمزية، لكن الصعوبة تكمن في الآتي: لو كانت جومر زانية قبل زواجها فهي لا تصلح أن تكون رمزًا صحيحًا للشعب أو على الأقل فهي رمز ضعيف للغاية.
- الرأي الثالث يقول أصحابه إن هوشع أصلاً ارتبط بامرأة طاهرة، لكنها خانت بعد ذلك؛ وأن كلمة «امرأة زنى» تعني أن الله يعرف ميلها للزيغان والشر، وهذا ما حدث فعلاً إذ خانت زوجها وذهبت مع آخر، وبذلك ظهرت حقيقتها.
وهذا الرأي يتفق مع كون هوشع وامرأته هما رمز للرب وشعب إسرائيل الخائن.
وفي الواقع فإن معاناة هوشع وما لقيه من خيبة أمل في حبه لزوجته - ثم كيف أنه ذهب ليشتريها ويستردها من الحالة المزرية والتعسة التي وصلت إليها (ص3)، هذا كله كان له أثر قوي في رسالته، فجعلها تتسم بالرقة والحنان، وأصبح اختبار هوشع الشخصي قناة لتوصيل الرسالة الإلهية بقوة.
بلا شك أن هوشع جاز في اختبار مرير ومؤلم، وأن نبوته جاءت من أعماق نفس مجروحة، وهو بذلك يعطينا صورة لخادم عظيم لا يُبقي على شيء في حياته دون أن يقدِّمه للرب على مذبح الولاء والتكريس والخضوع دون تذمر أو تردد أو تقهقر.
هوشع ورسالته
أبرز هوشع، بصورة منفردة لا يدانيه فيها أحد، محبة الله العظيمة الغافرة. المحبة التي لا يمكن أن تهزمها خطية الإنسان وإثمه وشرّه. وشعب إسرائيل بخيانتهم للّه هم مثال لقلب الإنسان في ميله للابتعاد عن الله وتجاهل قلبه الصالح الرحيم: إلا أن الله يبقى ثابتًا في محبته ورحمته، وحتى لو تعامل بالتأديب مع الإنسان فإن قلبه المحب وراء يده المؤدِّبة.
- إن محبة الرب لا تقوى المياه والسيول أن تطفئها
- ورحمة الرب لا يمكن لفساد الإنسان وشره أن يستنزفها
- ولن يستريح الله في محبته حتى يُرجع الإنسان ليكون في توافق وانسجام مع قلبه
هذه هي خلاصة رسالة هوشع التي تنبض بأحشاء إلهنا ورحمته.