في العدد السابق تحدّثنا عن ما هي الغريزة، وما هي أنواع الغرائز المختلفة في الإنسان وفي المؤمن، وفي هذا العدد نناقش بعض الأفكار عن واحدة من أهم هذه الغرائز؛ وهي
الغريزة الجنسية ما هي؟
هي إحدى أهم الغرائز الفطرية في الإنسان، ومع أنها موجودة منذ الولادة إلا أنها تبدأ في العمل بعد اكتمال نمو الأعضاء المسئولة عن عملها في الجسم، وهي التي تسمى الأعضاء التناسلية. وهذا الاكتمال يحدث في سن المراهقة نتيجة إفرازات بعض الغدد لمواد كيميائية معينة داخل الجسم اسمها هورمونات (هورمونات مذكرة في الأولاد، وهورمونات مؤنثة في البنات). هذه الهورمونات تسبب تغييرات في الجسم داخليًا وخارجيًا. كما وتسبب الهرمونات تغييرًا في الميول والأفكار، فتدفع الشخص تلقائيًا للميل للجنس الآخر، فيبدأ الشخص ينظر للطرف الآخر بطريقة مختلفة عن نظرته له في سن الطفولة، وكذلك يرغب فيه ويشعر أنه محتاج إليه بطريقة لم تكن موجودة من قبل. ويغلِّف هذا الميل نوع من الخجل والحذر في التعامل بين الولد والبنت لم يكن موجودًا أيضًا في مرحلة الطفولة.
هذه الغريزة، وما يصاحبها من ميل، هي احتياج شرعي لكل إنسان، وليس خطية في حد ذاته؛ وكلها كانت موجودة في آدم قبل السقوط. وقد وضعها الله في الإنسان للحفاظ على الجنس البشري «اثمروا واكثروا» (تك1: 28). وهي واحدة من أهم الغرائز في الحياة الزوجية الصحيحة.
الطاقة النفسية والغريزية:
الطاقة النفسية هي الإمكانيات النفسية للشخص: من حجم العواطف ورِقّتها، سعة الفكر وعمقه، قوة الإرادة، حدة الجهاز العصبي وسرعة رد الفعل، حجم ونوع الفراغ النفسي للشاب أو الشابة. وفي علاقة هذه الطاقة بالغريزة الجنسية نلاحظ الآتي:
- سن المراهقة هو سن فورة الشباب والحماس والطاقة المتدفقة في كل شيء «كسهام بيد جبار هكذا أبناء الشبيبة» (مز127: 4).
- هذه الغريزة، في هذه السن، تمثل محوًرا تتمركز حوله أغلب الطاقة النفسية للشباب.
- هذه الغريزة ليست متساوية في جميع الشباب، لكن قوة ودرجة إرغامها تختلف من شخص لآخر، متوقفة على عوامل فهي أكثر حدة وإرغام عند:
- أصحاب الجهاز العصبي الحار ذوو رد الفعل السريع.
- أصحاب الفراغ العميق لا سيما الفراغ العاطفي.
- أصحاب الأفكار المتسعة العميقة، لا سيما إذا كان فراغهم النفسي نقطة الضعف الرئيسية فيه هي شهوة الجسد.
- يحدث هذا في الشباب سواء غير مؤمنين أو حتى مؤمنين. ويتوقف على عوامل نفسية وليست روحية.
لكن لماذا في أحيان كثيرة تكون الغريزة الجنسية مشكلة للبعض، وأحياناً تكون مشكلة مُحيّرة وعنيفة؟
هذا موضوعنا في عدد قادم إن شاء الرب.