من هو؟
لا نعرف شيئًا عن يوئيل النبي سوى أنه من هؤلاء الأشخاص الذين يختفون، حتى يظهر ضوء الرب ونوره، من غير إشارة إلى المشعل الذي يحمل الضوء. وربما يكون اسمه يؤكد هذه الحقيقة. فمعنى يوئيل «الرب هو الله». ومن المرجَّح أنه عاش في أورشليم ووجَّه رسالته أساسًا لمملكة يهوذا. ومن الصعب تحديد تاريخ خدمته إذ يرى البعض أنها كانت حوالي سنة 810 ق.م. بينما يعتقد آخرون أنها بعد ذلك بكثير.
مناسبة النبوة
تنبأ يوئيل في وقت عانت فيه المملكة من الجفاف، ثم هاجمتها جيوش الجراد حتى قضت على كل ما هو أخضر فيها. وهنا أرسله الله لينادي للشعب بالتوبة والرجوع إلى الرب رجوعًا حقيقيًا.
دروس من أقوال يوئيل (إقرأ سفر يوئيل)
تُقدِّم نبوة يوئيل إجابات واضحة لبعض الأسئلة الهامة التي بأذهان كثيرين:
أولاً: لماذا يسمح الله بحدوث كوارث طبيعية وحروب مدمرة؟
تحدث يوئيل عن نوعين من الخراب: كارثة طبيعية، وحروب دامية. الكارثة الطبيعية تتمثل في غزوة الجراد الرهيبة، وقد وصفها في الأصحاح الأول، حيث يقول إن الله أرسل جيشًا عظيمًا من الجراد، من القمص والزحاف والغوغاء والطيار - وهي أربعة أنواع من الجراد بحسب نضوجها وألوانها. هذه الغارة الرهيبة قضت على كل ما هو أخضر، وتركت الأرض في حالة خراب والناس في حزن واكتئاب (ص1).
أما الحرب المدمِّرة فقد ذكرها في الاصحاح الثاني حيث وصف غزوًا حربيًا رهيبًا يقوم به جيش عدده كبير وعسكره أقوياء. وهذا الجيش يدمر كل شيء «قدامه نار تأكل وخلفه لهيب يحرق. الأرض قدامه كجنة عدن وخلفه قفر خرب، ولا تكون منه نجاة» (2: 3).
والسؤال، لماذا يحدث كل هذا؟ هل سوء الحظ؟ هل توتر العلاقات بين الشعوب؟ كلا، إنها يد الله التي تمتد بالقضاء لسبب شر الإنسان وخطيته.
ويتحدث يوئيل عن «يوم الرب» (1: 15؛ 2: 1،31؛ 3: 14) ويمكن أن نفهمه بمعنيين:
- هو ذلك اليوم الذي فيه يأتي الرب قاضيًا وديانًا ليعاقب الخطية والفجور والفساد بين الناس في أي مكان وزمان.
- هو يوم انصباب الغضب الإلهي على الساكنين على الأرض بعد اختطاف الكنيسة، عندما يفاجئ الهلاك الناس بغتة فلا ينجون (1تسالونيكي 5: 3). في هذا الوقت سيضرب الله ضربته الكاملة للشر، وسيقول الناس للجبال اسقطي علينا وللآكام غطينا من وجه الجالس على العرش ومن غضب الخروف (لوقا23: 30؛ رؤيا6: 16).
ثانيًا: ما هو الموقف الصحيح إزاء غضب الله؟
ينبِّر يوئيل بشدة على ضرورة التوبة الحقيقية، ويدعو كل فئات الشعب للرجوع بقلوبهم إلى الرب. يدعو الشيوخ والكهنة وكل الشعب لاعتبار ضربات الله والصراخ إلى الرب حتى يرحمهم. يقول الرب لهم «ولكن الآن... ارجعوا إليَّ بكل قلوبكم وبالصوم والبكاء والنوح. ومزقوا قلوبكم لا ثيابكم وارجعوا إلى الرب إلهكم لأنه رؤوف رحيم بطيء الغضب وكثير الرأفة ويندم على الشر» (2: 12،13).
ما معنى هذا؟ كانت العادة في القديم أن الإنسان يمزِّق ثيابه ويتغطى بمسح تعبيرًا عن الحزن القاسي والدفين. لكن الله لا يرضيه هذا المظهر، إذ أنه يطلب الحزن الداخلي القلبي العميق. إن في حياتنا الروحية الداخلية أشياء كثيرة يلزم تمزيقها بالتمام، فالخطية بكل صورها ومشتهياتها يلزم أن تُمزَّق. وكل أصنام رابضة في القلب يلزم أن تُطرح وتحطم.
ثالثًا: كيف يتصرف الإنسان عند ما يجد نفسه في ظروف عصيبة؟
يقدم يوئيل أربع نصائح هامة بهذا الصدد (إقرأ الاصحاح الأول).
- اسمع (ع1-4). استمع لكلمة الله، ودعه يفسر لك ما يحدث معك. واستفد من رجال الله الذين يوضحون لك من الكلمة فكر الرب.
- اصحُ (ع5-7). اعتبر معاملات الله المؤلمة واستفد من الصعاب التي تواجهها. فلا شيء يحدث من قبيل الصدفة بل يد الله خلف كل شيء
- تُب (نُحْ) (ع8-18). إنه من اللازم جدًا لحياتنا أن تكون هناك أوقات فيها نحزن ونتوب «لأن الحزن الذي بحسب مشيئة الله يُنشئ توبة لخلاص بلا ندامة» (2كورنثوس7: 10).
- اصرخ (ع19-20). كان يوئيل يصرخ للرب طالبًا رحمته وانقاذه ولا شك أنه تذكر الوعد القائل: «إذا تواضع شعبي الذين دُعي اسمي عليهم، وصلّوا، وطلبوا وجهي، ورجعوا عن طرقهم الردية، فإنني أسمع من السماء وأغفر خطيتهم وأبرئ أرضهم» (2أخبار7: 14). لذا لنصرخ إلى الرب مُنتظرين رحمته.