مضى عام 2003 غير مأسوفٍ عليه، كما قيل عن يهورام الملك (2أخبار21) الذي عاش ضارًا وغير مفيد، وقدِّمت له دروس لكنه أبى أن يستفيد، وهو الآن في الهاوية تعسًا غير سعيد.
ذكريات وعِبر:
في أحد أيام ذاك العالم، وفي الدقيقة 18 من شوط إحدى مباريات الكرة، وإذ بشريف (30 سنة) لاعب البدرشين لا يُكمل المبارة بل يخرج من الملعب محمولاً، وهو في قمة لياقته البدنية، لا لأنه أصيب، ولا لأنه نال بطاقة حمراء، بل لأنه فارق الحياة، بعد أن ابتلع لسانه ولم يجد من ينقذه، فتذكّرت المكتوب في الكتاب المقدس أن: «الحداثة والشباب باطلان… فاذكر خالقك في أيام شبابك قبل أن تأتي أيام الشر، أو تجيء السنون إذ تقول ليس لي فيها سرور» (جامعة11: 10؛ 12: 1).
واللسان ذلك العنصر الصغير لكنه «نار»، هو شر لا يُضّبطُ مملوء سُمًا مميتًا (يعقوب3: 6،8). لذلك صلى داود النبي «اجعل يا رب حارسًا لفمي احفظ باب شفتي» (مزمور141: 3).
هناك إحصائية مفادها أن 36 عضوًا من أعضاء مجلس الشعب والشورى ماتوا في أقل من عام ونصف أي بمعدل موت عضوًا كل اسبوعين. وهنا تنبهت إلى قول إبراهيم (خليل الله)، (وهو يشتري قبرًا ليدفن سارة زوجته) «أنا غريب ونزيل بينكم» (تكوين23: 4)، ولصلاة موسى رجل الله: «إحصاء أيامنا هكذا علّمنا فنؤتى قلب حكمة» (مزمور90: 12).
الفجر الأحمر ومجزرة الزمالك:
كم من المآسي حدثت ليلاً، وقبل أن ينفجر الصبح ويتفتح النهار، انفجرت أصوات البنادق، وأستُلت الخناجر، وسالت الدماء كالأنهار، فهذا رجل الأعمال المصري الذي أُعجب بمطربة لجمالها ولجمال صوتها، ولأنها كانت تتردد كثيرًا علي أحد المطاعم المشهورة، فراح واشترى لها المطعم كله، ثم اقترض كثيرًا من البنوك، واشترى عقارًا، ولأنه كان يشعر بالخوف وعدم الأمان اشترى أيضًا أسلحة. وبالهدايا، والجواهر الثمينة عرف كيف يربح قلب المُغنية، فتزوجها، وعاشا حياتهما في السهر والسفر، بين الولائم وبين الأغاني.. وحدث ذات مساء وبعد إحدى السهرات، وبعد مشادة كلامية حامية، قام بقتل صديقه ومدير أعماله، وزوجة مدير أعماله ثم إغتال البلبل الذي أعجب به، وأحبه، وكان يغني له، وأخيرًا، قتل نفسه!
لمع أمامي قول المسيح: «لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه» (متي16: 26).
وحذرت نفسي من ثلاثة: القروض، والولائم، وأغاني الجهال لأن؛
- «المقترض عبد للمقرض» (أمثال22: 7).
- «الذهاب إلى بيت النوح خير من الذهاب إلى بيت الوليمة» (جامعة7: 2). فالولائم تعمل في قلب الإنسان عمل الخمر، فتزيد من غروره وتعمق في قلبه محبة العالم، فيتجاهل الأبدية. وأما بيت النوح فهذا يبدو وكأنه نصيب أولاد الله، الذين لا يترددون على أماكن الترفيه والملاهي، «كحزانى ونحن دائمًا فرحون» (2كورنثوس6: 10).
- «سمع الانتهار من الحكيم خير للإنسان من سمع غناء الجهال. لأنه كصوت الشوك تحت القِدْر هكذا ضحك الجهال هذا أيضًا باطل» (جامعة7: 5). والأغاني نبعها الشيطان الذي يهدف إلى إثارة الشهوات، وخداع النفوس بفرح وقتي وزائف، حتى لا يفكرون في الفرح الأبدي والحقيقي. إنها مثل الشوك تحت القِدْر الذي يُحدث نارًا، سريعًا ما تخمد وتُحدث فرقعة عالية وتتحول إلي رماد.
الفجر الأحمر وليلة القبض على صدام:
لقد انتهت حقبة صدام حسين بعملية أُطلق عليها “الفجر الأحمر”؛ ولا شك أنه كان أسوأ فجر في حياته، فالرجل الذي كان يتنعم في القصور قُبض عليه في كهف مهجور، والذي عاش في أُبهة ومجد وسلطان ها هو في مذلة وهوان. حقًا «لأن كل جسد كعُشب وكل مجد إنسان كزهر عُشب، العشب يبس وزهره سقط» (1بطرس1: 24). إن قصة صدام تُعيد إلى أذهاننا قصة نبوخذنصر ملك بابل، جد صدام الأكبر، الذي كانت ترتعد وتفزع قدامه الشعوب، فأيًّا شاء قتل، وأيًّا شاء استحيا، وأيًّا شاء وضع، وأيًّا شاء رفع. فلما ارتفع قلبه، وقست روحه تجبُّرًا، انحط عن كرسي مُلكهِ، ونزعوا عنه جلاله، وطُرد من بين الناس، حتى طال شعره كالنسور وأظفاره كالطيور، حتى علم أن الله العلي سلطان في مملكة الناس وأنه يُقيم عليها من يشاء. وبعد توبته ورجوعه إلى الرب قال: «فالآن أنا نبوخذنصر أسبِّح وأعظم وأحمد ملك السماء الذي كل أعماله حق وطرقه عدل ومن يسلك بالكبرياء فهو قادر على أن يُذلّه» (دانيال4: 37).
قارئي العزيز: كم من فجور حمراء باغتت قلوب البشر، فهل كان يعلم سكان مدينة “بام” الإيرانية ما يحمله لهم الفجر، لقد تناولوا العشاء، وذهب كل واحد منهم لينام بعد التعب والعناء، ليستيقظ الجميع على زلزال مُدمِّر راح ضحيته ما يقرب من 50 ألف. وماذا نقول عن السياح الفرنسيين الذين قضوا أوقاتًا جميلة على شواطئ البحر الأحمر (مدينة شرم الشيخ)… وها هم طائرتهم يركبون، وبالعودة إلى أوطانهم يُحمَلون، وإذ بالطائرة تنفجر عند الفجر، ومرة أخرى إلى أحضان البحر يعودون، حيث محطتهم النهائية، وفيه يُقبرون.
وماذا بعد كل هذا؟
ألا من فجر أبيض؟!
نعم يوجد فجر واحد وأمين، وهو الهدف من كتابتنا ومجلتنا، هذا الفجر نجده في كلمة الله الحية والمحيية، «إلى الشريعة وإلى الشهادة. إن لم يقولوا مثل هذا القول فليس لهم فجر» (إشعياء8: 20). فلا أمن ولا أمان إلا بالرجوع إلى الكتاب الذي يحدّثنا عن المسيح كوكب الصُبح المنير، والمسيح هو النور الذي ينير كل إنسان. ألا تريد أن يشرق نوره في قلبك. «ولكم أيها المتقون اسمي تشرق شمس البر والشفاء في اجنحتها» (ملاخي4: 2).
وأخيرًا عزيزي القارئ: لا أقول لك كل عام وأنت بخير، بل كن بخير طول العام.