مسامحين بعضكم بعضاً

عندما نسامح بعضنا البعض فإن صفات الرب يسوع المسيح الجميلة تظهر فينا، فهو المثال الكامل لنا في كل شيء. وقول الكتاب لنا «مسامحين بعضكم بعضًا إن كان لأحد على أحد شكوى. كما غفر لكم المسيح هكذا أنتم أيضًا» (كولوسي3: 13). فإن كان الله قد سامحني على جميع خطاياي التي فعلتها من أجل المسيح وعمله الكفارى على عود الصليب، فيجب عليَّ أن أسامح أخي، ولا تكون هناك مرارة في قلبي تجاهه.

نحن المؤمنين بالرب يسوع المسيح يجب أن لا نخطئ فـي حق بعضنا البعض، بل أن نحب بعضنا بعضًا من قلب طاهر وبشدة، ولكن بسبب وجود الطبيعة القديمة فينا، فنحن معرَّضون أن نخطئ في حق بعضنا البعض. فإذا حدث خطأ مني تجاه لأخي فيجب فورًا أن أعترف أولاً للرب، وثانيًا لأخي الذي أخطأت في حقه، وهو من جانبه لا بد أن يسامح، وهكذا تعود العلاقة والشركة بيننا ليس كما كانت في الماضي بل أفضل منها بكثير.

قد يحدث أن أحتمل إساءة أخي ولكن لا أسامحه على خطئه، ويستمر الأمر أيامًا وشهورًا ولكن عند صدور إساءة أخرى أتذكر كل الإساءات السابقة فينفجر بركان من الغضب. لذلك أعطى لنا الرب العلاج في أن نعاتب ونسامح «إن أخطأ إليك أخوك، فاذهب وعاتبه بينك وبينه وحدكما». هنا الرب يعلِّمنا أن الأخ المُذنَب إليه يجب أن يهتم كثيرًا بـرد نفس أخيه المذنِب، فيذهب إليه على انفراد، ليعاتبه بتواضع ومحبة، ربّما يُقِّر المذنِب بذنبه ويرجـع عنـه، فإذ حدث ذلك فالأمر ينتهي بكل سهولة وبساطةزر دون أن يعلم أحد بذلك، وبهذا يكون قد رُبح هذا الأخ المخطئ ورُدّت شركته. أما «إن لم يسمع»، أي إن لم يتجاوب مع هذه المحاولة الفردية، يقول الكتاب للمُذنَب في حقه: «فخذ معك أيضًا واحدًا أو اثنين لكي تقوم كل كلمة على فم شاهدين أو ثلاثة». وفي هذه الحالة ربما يهاب الأخ المذنب بعض إخوته، ويتواضع أمام الله، ويُقِّر بذنبه وتُرد شركته. يكمل الكتاب فيقول «وإن لم يسمع منهم فقل للكنيسة» وهنا لا بد أن الكنيسة، أي جماعة المؤمنين، تحاول أيضًا علاج المخطئ (متى18: 15-17).

وولكن..

هل يوجد حدّ معين للمسامحة؟

الإجابة نجدها فـي إجابة الرب لبطرس عندما سأله قائلاً: «يارب كم مرة يخطئ إليَّ أخي وأنا أغفر له؟ هل إلى سبع مرات؟» فكانت إجابة الرب القوية والتي يجب أن نلتفت إليها جيدًا: «لا أقـول لك إلى سبع مرات بل إلى سبعين مرة سبع مرات» (متى18: 21،22) أي أنه لا يوجد حد للمسامحة الأخوية ولا يجب أن نعد أو نحصى أخطاء إخوتنا لنا.

لذلك فالمبدأ الإلهي هو أن نسامح ونغفر بعضنا لبعض، بلا حدود للمسامحة «إن أخطأ إليك أخوك فوبِّخه، وإن تاب فاغفر له. وإن أخطأ إليك سبع مرات فـي اليوم ورجع إليك سبع مرات في اليوم قائلاً: أنا تائب؛ فاغفر له» (لوقا 17: 3،4).

وهناك تحذير إن لم نسامح ولم نغـفر بعضنا لبعض، فإننا نقـع تحت تأديب الآب على الأرض حتى نذوق مرارة الكأس التي أردنا أن نسقي أخانا إياها، لأن الآب يحكم في بيته بغير محاباة حسب عمل كل واحد «إن لم تغفروا أنتم لا يغفر أبوكم الذي في السماوات أيضًا زلاتكم» (مرقس11: 26).

أخي.. أختي..

 ليعطِنا الرب أن نتمثل به في المسامحة بلا حدود، ولا ننسى أننا أعضاء جسد واحد، متذكرين القول المبارك «متسامحين، كما سامحكم الله أيضًا في المسيح» (أفسس4: 32).