تلقيت منذ أيام قليلة، لثالث مرة، بريدًا إلكترونيًا email عنوانه “وكالة الفضاء الأمريكية تنشر صورة أسمتها: عين الله” ولما اكتشفت أن الكثيرين أيضًا قد وصلتهم، رُحت أبحث الأمر؛ وإليك ما وصلت إليه:
الصورة نشرتها وكالة الفضاء الأمريكية NASA يوم 10 مايو2003، وهو يوم الفضائيين، وهي للسديم الحلزونيHelix Nebula والذي يبعد عن الأرض حوالي 650سنة ضوئية (6000 مليون مليون كيلومترًا). والسديم Nebula هو سحابة عظيمة جدًا تتكون من بواقي نجم مات، وتسبح في كمية ضخمة من غاز الهيدروجين H2 والبعض من غازات أخرى (كالأكسجين والنيتروجين). وطبقًا لبعض النظريات الفلكية، فإنه من السديم يمكن أن تولد نجوم أخرى.
وقد التُقطت هذه الصورة كمجموعة من الصور (9صور) بواسطة التلسكوب الفضائي العملاق هابل Hubble Space Telescope ثم بمساعدة صور واسعة المدى (الزاوية) wide-angle images التقطها مرصد أرضي يُدعىWIYN 0.9m Telescope تم تجميع هذه الصور التسع بكاميرا فسيفسائية Mosaic Camera فأنتجت هذه الصورة البديعة الألوان، والتي يمكنك أن تراها على غلاف المجلة بالألوان الطبيعية. وتُعتبر هذه الصورة من أكبر وأوضح الصور التي التُقطت للسماء البعيدة.
وقد أسماها البعض “عين الله The Eye of God” وقد أثارت هذه التسمية خلافات كثيرة في الأشهر الأخيرة، بين الناس بمعتقداتهم المختلفة.
وأعتقد أنك توافقني أن التسمية ليست واقعية، فالإنسان، بكل معداته الحديثة والدقيقة، لا يمكنه أن يرى الله (خروج33: 20). والأهم من ذلك أنه لا يمكن أن نقبل أن لله أعضاء كأعضائنا البشرية، لأن «الله روح» (يوحنا 4: 24)، فلا يمكن أن نقول إن له عينًا بالمعنى الحرفي. على أن الكتاب، حين يذكر عضوًا لله، يقصد من ذلك أن للّه - تبارك اسمه - القدرة على ممارسة وظيفة هذا العضو «الغارس الأذن ألا يسمع، الصانع العين ألا يُبصر» (مزمور94: 9)، وذلك على النقيض من الآلهة الكاذبة التي صنعها البشر «أصنامهم عمل أيدي الناس... لها أعيُن ولا تُبصر...» (مزمور115: 4-7).
طفت في كلمة الله وراء هذا التعبير الكريم «عين الله» أو «عين الرب» فوجدت عدد مرات ذكره وفيرة، والفوائد من التأمل فيه كثيرة. ودعني أشاركك القليل القليل مما خرجت به.
الرب يراك.. فاحذر!
هل فكّرتَ يومًا وأنت تفعل شيئًا ما أن «طُرق الإنسان أمام عيني الرب وهو يزن كل سبله» (أمثال 5: 21 انظر 15: 3؛ 22: 12؛ مزمور 11: 4)؟ كُنْ حكيمًا واذكر ذلك باستمرار: فأنت إذا فعلت المستقيم إنما تفعله في عيني الرب (انظر مثلاً 1ملوك 15: 5؛ 15: 11؛ 22: 43؛ 2ملوك 10: 30؛ 12: 2؛ 14: 3؛ 15: 3؛ 15: 34؛ 18: 3؛ 22: 2) عندئذ سيحسن فعلك هذا في عينيه (1ملوك 3: 10) وطوبى لك عندئذ! وإن فعلت الشر فأنت تفعله أيضًا في عيني الرب (انظر مثلاً تكوين 38: 7؛ عدد 32: 13؛ تثنية 4: 25؛ 17: 2؛ قضاة 2: 11؛ 3: 7،12؛ 4: 1؛ 6: 1؛ 10: 6؛ 13: 1؛ 1صموئيل 15: 19؛ 2صموئيل 12: 9؛ 1ملوك 11: 6؛ 15: 26، 34 الخ) وسيقبح هذا في عيني الرب (2صموئيل 11: 27)، وماذا تتوقع عندئذ؛ تذكر أن «إلهنا نار آكلة» (عبرانيين 12: 29). فافحص تصرفاتك وكن لله متقيًا.
عينه عليك.. فاهدأ!
يقول الكتاب «عيني الرب على الأبرار وأذنيه إلى طلبتهم» (1بطرس 3: 12)، بل يقول «لأن عيني الرب تجولان في كل الأرض ليتشدد مع الذين قلوبهم كاملة (موجهة بالكامل) نحوه» (2أخبار 16: 9). وما أقوى وعده الكريم «أعلّمك وأرشدك الطريق التي تسلكها. أنصحك، عيني (أو بعيني التي هي) عليك» (مزمور32: 8). لذلك يقول المرنم في المزمور التالي مباشرة «باطل هو الفرس (مظاهر القوة) لأجل الخلاص، وبشدة قوّته لا ينجّي. هوذا عين الرب على خائفيه الراجين رحمته، لينجّي من الموت أنفسهم وليستحييهم في الجوع. (والنتيجة الحتمية: ) أنفسنا انتظرت الرب؛ معونتنا وترسنا هو» (مزمور 33: 17-20). عزيزي، على من تتكل ولديك مُتَكَلٌ مثل ذلك القدير: يرى ظروفك ويبحث عمن اتكل عليه ليشدده وينصحه ويسمع صلاته؟! (اقرأ أيضًا مزمور 34: 15-16؛ 1ملوك 9: 3؛ تثنية 11: 12).
غالٍ في عينيه.. فافتخر!
اسمع القول، وما أعذبه من قول: «صِرتَ عزيزًا في عينيَّ مُكرَّمًا وأنا قد أحببتك» (إشعياء 43: 4). إن المتكلم هنا هو الرب العظيم، وهذه نظرته لشعبه المفدي بالدم (اقرأ أيضًا 1صموئيل 26: 24؛ 2صموئيل 7: 18-20؛ 1أخبار 17: 16-22؛ مزمور 116: 15). هذا هو نبع الافتخار الحقيقي، فارفع رأسك، وترفّع عن دنايا العالم.