كان من الممكن أن يعيش ويواصل خدمته بنجاح ويستخدمه الرب لخلاص شعبه من الفلسطينيين؛ ولكنه مات مع الفلسطينيين، ومات قبل الأوان بوقت طويل، فاقدا خطة الله في حياته. وذلك بسبب السير وراء:
وكما رأينا كيف أن محبة العالم قد حطّمت شهادة لوط، وكتبت النهاية التعيسة على تاريخه؛ هكذا هنا سنرى خطورة إرضاء رغبات الجسد، وكيف يمكن أن تجنح بالمؤمن بعيدًا عن المسار الصحيح وعن قصد الله من جهته.
لقد ذهب ملاك الرب إلى امرأة من سبط دان كانت عاقرًا، وأعطاها وعدًا أنها ستلد ابنًا، وأنه سيكون نذيرًا للرب، وهو يبدأ يخلِّص إسرائيل من الفلسطينيين. فحبلت المرأة وولدت ابنًا ودعت اسمه شمشون، ومعناه “مثل الشمس” وكان فكر الله واضحًا من جهته أن يكون نذيرًا وقاضيًا ومخلِّصًا للشعب.
«فكبر الصبي وباركه الرب. وابتدأ روح الرب يحركه في محلة دان بين صُرعة وأشتأول» (قضاة 13: 24،25). ويا لها من بداية حسنة لهذا النذير المكرَّس للرب والمنفصل عن العالم بمسرّاته وفساده. لقد كان روح الرب يحرّكه ويستخدمه الاستخدام الصحيح في المكان الصحيح، طبقًا للخطة الإلهية. وكم كنا نتمنى أن هذه البداية الحسنة تستمر، فيذهب من قوة إلى قوة. ولكن بكل أسف كان هناك شيء آخر في أعماقه يحركه في اتجاه مضاد. إنها شهوة الجسد. فنراه ينزل إلى تمنة، وينزل إلى غزة، وينزل إلى وادي سورق. وكان النزول بدافع الشهوة لأجل امرأة هو خطية متكررة في حياة شمشون.
في المرة الأولى أراد أن يرتبط بزوجة من بنات الفلسطينيين لأنها حسنت في عينيه. مخالفًا قول الرب الصريح: «لا تصاهرهم» (تثنية7: 3). وبدلاً من أن يحاربهم، ذهب لكي يصاهرهم. وعلى كل شاب أن يعرف أنه إذا ارتبط بفتاة من بنات العالم يكون قد نجّس رأس انتذاره. لقد قابله أسد في الطريق. وكان هذا إنذارًا إلهيًا وتحذيرًا من عواقب هذا الطريق. وكم من حواجز يضعها الرب أمامنا لكي يُصحِّح مسارنا.
المرة الثانية نزل إلى غزة إلى امرأة زانية. ويا للعار! ورغم التصرف المُشين، فقد أنقذه الرب من الكمين الذي نصبه له الفلسطينيين.
المرة الثالثة نزل إلى وادي سورق وأحب امرأة اسمها دليلة هناك. ومع أن شمشون النذير كان قد تفوَّق بقوة جسدية، لكنه أمام شهوة الجسد كان ضعيفًا جدًا. وقد استغل الشيطان هذه النقطة الضعيفة في حياته أسوأ استغلال.
إن كلمة «سورق» تعني “مصيدة” وهناك نصب له العدو شركًا كبيرًا، هو ما يسميه الكتاب: «مَلَق لسان الأجنبية»، إذ قالوا لدليلة «تملّقيه» فاحتالت عليه لتعرف سر قوته، وأرادت أن توثقه لإذلاله. وهو بكل أسف أُخِذَ بكلامها. وكان تحت تأثير المخدِّر الشيطاني أو كان قد سَكِرَ بخمر الشهوة، وفقد القدرة على التمييز أو التفكير الواعي. لقد انطبقت عليه الكلمات «ذهب وراءها لوقته كثور يذهب إلى الذبح أو كالغبي إلى قيد القصاص» (أمثال 7: 22). وربما كان الأمر بالنسبة له مجرد تسليات. وكم هو مُخزٍ ومؤسف أن يتصرف النذير كأحد السفهاء. أنامته على ركبتيها، وحَلَقَت خُصل شعر رأسه، وابتدأتْ بإذلاله. وفارقته قوته. ولم يعلم أن الرب قد فارقه. أخذه الفلسطينيون وقلعوا عينيه وقيّدوه بسلاسل نحاس ونزلوا به إلى غزة (قضاة16: 21). ويا لها من نهاية مأسوية يُختم بها تاريخ هذا النذير الأول، وهو محلوق الشعر، مسلوب القوة، أعمى العينين، يطحن في بيت السجن كالحيوان. وأخيرًا يموت مع الفلسطينيين في عز شبابه.
إنه من أجل التمتع الوقتي بالخطية، وإشباع شهوات الجسد، انحدر إلى هذا الدَّرَك السحيق، وخسر شهادته ومركزه، ووقع تحت التأديب الإلهي. «لأننا لو كنا حكمنا على أنفسنا لَمَا حُكم علينا» (1كورنثوس11: 31). وعلى كل شاب أن يتعلم ضبط النفس وأن يقول لرغباته “لا”، إن كان يريد أن يعيش ويتمم خطة الله الصالحة في حياته.