الله هو الخالق العظيم لهذا الكون، وهو في الوقت نفسه الذي أوحى بكتابة الكتاب المقدس. ولهذا فإنه كما أن للأرقام في الطبيعة والكيمياء وعلم الأحياء وفي الموسيقى دلالات معينة، فإن لها أيضًا دلالات في الكتاب المقدس، وسنتعجب عندما نكتشف أنها هي بعينها ذات الدلالات، مما يؤكد لنا أن الخالق العظيم لكل الكون هو الذي أوحى بهذا الكتاب العظيم.
ولا عجب أن المرنم في مزمور 19 بعد أن تحدث عن السماوات والفلك، وكيف تعلن عظمة الله، فإنه في الجزء الثاني من المزمور حدّثنا عن ناموس الرب الكامل، وشهادته التي تصير الجاهل حكيمً.
ولنبدأ بأول الأرقام وهو:
الرقم واحد
الرقم واحد باعتباره أول الأرقام، فإنه يحدّثنا عن الوحدة، وعن التفرد، وبالتالي عن الاكتفاء بالذات، وهي تلك الصفات اللائقة بالذات الإلهية.
كما يحدّثنا عن التفوق والسمو، باعتباره الأول؛ وبالتالي عن أي شيء أو أي شخص له أهمية خاصة.
وهو أيضًا يحدّثنا عن الوحدة، لأن الرقم واحد لا يقسم الأعداد.
لكن من الجانب الآخر يحدّثنا هذا الرقم عن الضآلة، إذ وُجد الواحد وسط مجموعة كبيرة أو أرقام ضخمة.
ولنستعرض بعض أهم الآيات التي نجد فيها هذا الرقم واحد.
لعل أشهر الآيات التي تحتوي على هذا الرقم هي تلك التي تكلمنا عن الله في تفرده وسموه واكتفائه بذاته: فنستمع إلى هذه الآيات:
«اسمع يا إسرائيل: الرب إلهنا رب واحد» (تثنية6: 4).
«الوسيط لا يكون لواحد. ولكن الله واحد» (غلاطية 3: 20).
«ليس إله آخر إلا واحدًا» (1كورنثوس8: 4).
«لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس، الإنسان يسوع المسيح» (1تيموثاوس 2: 5).
«أنت تؤمن أن الله واحد. حسنًا تفعل» (يعقوب2: 19).
وحدانية الله أمر مؤكد في الكتاب المقدس، سواء في العهد القديم أو العهد الجديد. لكن المهم حقًا أن ندرِّب أنفسنا ألا نعطي لأي مخلوق أو لأي شيء المكانة التي لا تليق سوى بالله لا سواه.
قال الرب في بداية الوصايا العشر: «لا يكن لك آلهة أخرى أمامي» (خروج 20: 3). واقتبس المسيح في التجربة من الشيطان هذه الأقوال: «للرب إلهك تسجد، وإياه وحده تعبد» (متى 4: 10؛ تثنية6: 13).
ولأن الله هو الخالق، فلا عجب أن يكون هو العلة الأولى. فنقرأ عن الله:
«أنا الأول وأنا الآخر». وترد هذه العبارة ثلاث مرات عن الله في سفر إشعياء 41: 4؛ 44: 6؛ 48: 12. كما ترد أيضًا مرات عديدة عن المسيح مما يدل على أن المسيح هو الله؛ فيقول المسيح: «أنا هو الأول والآخر» (رؤيا1: 17؛ 2: 8؛ 22: 13).
وبالتالي ينبغي أن يكون الله هو الأول في حياتن. وأن تكون أمور الله هي الأهم في حياتنا:
فقد قال المسيح: «اطلبوا أولاً ملكوت الله وبِرّه وهذه كلها تزاد لكم» (متى 6: 33).
وقال لمرثا: «الحاجة إلى واحد» (لوقا10: 42).
عزيزي: هل هذا هو مبدأ حياتنا: أن نعطي الأهم للأهم؟ وطبعًا لا شخص أهم من الله وأموره، فهل له الأهمية الأولى في برنامجنا؟
ثم إن الرقم واحد يحدثنا عن الوحدة وعدم الانقسام. وهذه نجدها في وحدة المؤمنين معً.
«جسد واحد، وروح واحد، كما دعيتم أيضًا في رجاء دعوتكم الواحد» (أفسس4: 4).
«جميعنا بروح واحد أيضًا اعتمدنا إلى جسد واحد... وجميعنا سُقينا روحًا واحدًا» (1كورنثوس 12: 13).
«لي خراف أُخر ليست من هذه الحظيرة، ينبغي أن آتي بتلك أيضًا، فتسمع صوتي، وتكون رعية واحدة وراعٍ واحد» (يوحنا10: 16).
«ليجمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد» (يوحنا11: 52).
«وكان لجمهور الذين آمنوا قلب واحد ونفس واحدة» (أعمال4: 32).
«لأن المقدِّس والمقدَّسين جميعهم من واحد» (عبرانيين 2: 11).
وأخيرًا قد نرى في رقم واحد صورة للقلّة فعن فشل الجنس البشري كله يقـول الكتاب: «ليس من يعمل صلاحًا ليس ولا واحد» (رومية3: 12).
وعن عناية الله بخليقته يقول المسيح: «أ ليست خمسة عصافير تباع بفلسين، وواحد منها ليس منسيًا أمام الله» (لوقا 12: 6).
وعن محبة المسيح للتائبين: «هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب، أكثر من تسعة وتسعين بارًا لا يحتاجون إلى توبة» (لوقا15: 7).
وعن نتيجة عمل المسيح العظيمة قال المسيح: «إن لم تقع حَبّة الحنطة في الأرض وتَمُت فهي تبقى وحدها ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثير» (يوحنا12: 24).
وعن بركات العلاقة الوثيقة مع الله، يقول المرنم: «لأن يومًا واحدًا في ديارك خير من ألف» (مزمور84: 10).