نواصل، عزيزي القارئ، التأمل في بعض أوجه عظمة ربنا يسوع المسيح. ونحن نعقد المقارنة بين أعاظم وأفاضل الناس وأحسنهم إيمانًا وخلقًا وبين المسيح الأعظم.
وعندما نقيسهم علي المقياس الكامل لحياة المسيح فحينئذ يظهر عجزهم وقصورهم. لأن نور مجد المسيح يُظهر عيوب ونقائص أعظم الناس كمالاً «لكي يكون هو (المسيح) متقدِّمًا في كل شيء» (كولوسي1: 18).
ومن سنتأملة في هذا العدد قيل عنه «فكان هذا الرجل أعظم كل بني المشرق» (أيوب1: 3).
أيوب وصفاته الشخصية:
تميّز أيوب بصفات عظيمة، ويكفيه فخرًا شهادة الله عنه إنه:
- ليس مثله في الأرض
- رجل كامل ومستقيم
- يتقي الله
- يحيد عن الشر
- عبدي ايوب
- وشهادة الوحي «سمعتم بصبر أيوب» (يعقوب 5: 11).
لقد كان شخصًا مميَّزًا عن الآخرين بكمال نسبي، غير ملوم في ظاهر حياته. وكانت عظمتة في الغنى والشرف والمقام العالي بين الناس، فعندما كان يتكلم كان العظماء يمسكوا عن الكلام ويضعوا أيديهم علي أفواههم.
أما المسيح، الأعظم، فكان هو الأبرع جمالاً من بني البشر. فقد شهد الآب عنه «هذا هو ابني الحبيب الذي به سُرِرت» (متى3: 17). وعندما أخذ صورة عبد، فمن سواه انطبق عليه قول الله «هوذا عبدي الذي أعضده مختاري الذي سُرّت به نفسي» (إشعياء 42: 1، اقرأ أيضًا 49: 6؛ 52: 13). ولقد كانت عظمته أيضًا في افتقاره وهو الغني. ومع أنه مالك السماء والأرض فلم يكن له أين يسند رأسه.
أيوب وبرّه الذاتي:
وصل لقِمّة العظمة في كلامه عن نفسه (أصحاح 29) حيث أشار الي نفسه حوالي 40 مرة، بروح لا نلمس فيها الاتضاع أو الانكسار. فقد امتلأ قلبه بالبِرِّ الذاتي. فكان لا بد من تجريده من كل هذا بالفحص والتمحيص ووضعه في الامتحان العميق والمؤلم.
أما المسيح، الأعظم، فلم يطلب مجدًا لنفسه، وكان يتوارى سريعًا قبل أن يمتدحه الآخرين، وطلب مرارًا من تلاميذه أن لا يُظهروه. لم يتعالى مع أنه العالي والمرتفع، بل كان مجلسه مع المنسحقين ومأكله مع الخطاة والعشارين.
وعن كماله فقد وُضِعَ تحت الفحص والتمحيص، فكان هو الكمال بعينه أمام الله والناس.
أيوب والآخرين:
في البداية امتدحوه كثيرًا، وسعى الجميع لنوال رضاه. اكن في أيام محنتة احتقروه وكرهوه، ولم يمسكوا عن البصق أمام وجهه، وأصحابه انتقدوه، وقالوا له: إن شَرّك عظيم وآثامك لا نهاية لها لذا تستحق القتل (ص22). وزوجته قالت له «بارك الله ومُت». والنتيجة أن قلبه امتلأ بالسخط عليهم، وعلي نفسه، وسَبّ يومه الذي وُلد فيه.
أما المسيح، الأعظم، فكم لاقى، من الأقوال والأفعال، من الناس والأصدقاء والأقرباء، فقالوا له: بك شيطان. وآخرون قالوا إنه مُختل العقل، وإنه فاعل شر.. واحد ينكره، وآخر يبيعه ويسلّمه. فماذا كانت النتيجة؟ لم يسخط علي الآخرين، بل باركهم وطلب لهم المغفرة. ولم يلعن يومه، بل قال: لهذا ولدت ولهذا اتيت إلي العالم. فما أعظمه!
أيوب يبحث عن العلاج والحل:
في الأصحاح التاسع يبحث عن وسيله ليتبرر بها أمام الله، وعن مُصالح يصالحه مع الله. وفي الأصحاح التاسع عشر رأى أن الله هو الولي (الفادي) الحي.
أما المسيح، الأعظم، فهو الذي يبرِّر، وهو المصالح، وهو الفادي.
فعن التبرير «بر الله بالإيمان بيسوع المسيح... متبررون الآن بدمه» (رومية3: 22؛ 5: 9).وعن المصالحة «الله كان في المسيح مصــالحًا العالــم لنفسه» (2كورنثوس5: 19).وعن الفادي «ابن الإنسان لم يأتِ ليُخدَم بل ليَخدِم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين» (متى 20: 8).
صديقي:
إن كنت تشعر أنك مذنب، وأنك أخذت جانب العداوة مع الله، وأنك هالك.. فتعالَ للمسيح، الأعظم، فيبرِّرك ويصالحك ويفديك.